كيف تأثر الاقتصاد الأميركي بعد 6 أشهر على بدء الحرب الروسية على أوكرانيا؟
واشنطن – بعد مرور 6 أشهر على بدء الحرب الروسية على أوكرانيا، يتساءل الكثير من الخبراء ما إذا كان للحرب أي تأثيرات مباشرة على الاقتصاد الأميركي، أم أن أميركا التي تبعد جغرافيا بآلاف الأميال عن ساحة القتال، لم تتأثر كما تأثرت الدول الأوروبية المجاورة والقريبة من مسرح المعارك؟
لم يرتبط الاقتصاد الأميركي بصورة كبيرة بنظيريه الروسي والأوكراني، وكان حجم التجارة بين الطرفين ضئيلا، ولم يترك توقف التجارة بينهما أي آثار تُذكر على المستهلك أو الأسواق الأميركية، وفق خبراء.
وفي حديث مع الجزيرة نت، أشار شريف عثمان، الخبير الاقتصادي بشركة “بويز للاستثمار” (Poise Investment) إلى أن الولايات المتحدة مكتفية ذاتيا في مجال الغذاء ومجال الطاقة، ولا تعتمد على الحبوب أو الأغذية الأوكرانية والروسية خلافا للكثير من دول العالم الثالث، كما لا تعتمد على النفط أو الغاز الروسي عكس الكثير من الدول الأوروبية، لذلك فالاقتصاد الأميركي لم يتأثر كثيرا بما تشهده ساحة الحرب الأوروبية بالأساس.
بالمقابل ذكرت وحدة المعلومات الاقتصادية التابعة لمجلة “الإيكونوميست” (Economist) أن للحرب الروسية على أوكرانيا تأثيرا مهما على التوقعات الاقتصادية الأميركية فيما بقي من العام الجاري.
وقالت إن استمرار الحرب سيؤدي إلى ارتفاع أسعار السلع الأساسية العالمية، مما يغذي التضخم ويؤثر على النمو الاقتصادي الأميركي، كما نتج عن فرض عقوبات واسعة على قطاع الطاقة الروسية بشقيه، الغاز والنفط، زيادة الولايات المتحدة إنتاجها من الوقود الأحفوري، وعززت مكانتها كمصدر رئيسي للطاقة، وخاصة الغاز الطبيعي المسال، للمساعدة في تلبية الطلب في أوروبا.
الحرب والتضخم
وعلى مدار الأشهر الستة الأخيرة، تأثرت الأسواق الأميركية بتبعات الحرب الأوكرانية خاصة فيما يتعلق باضطرابات سلسلة التوريد العالمية وأسواق الطاقة.
وجاء رد الولايات المتحدة وحلفائها على بدء روسيا الحرب بفرض عقوبات اقتصادية غير مسبوقة، وقد ارتفع على أثرها سعر النفط إلى نحو من 120 دولارا للبرميل لعدة أسابيع قبل أن يعود ويستقر عند 100 دولار للبرميل.
ونتج عن هذه الزيادات ارتفاع سعر بنزين السيارات في الولايات المتحدة، ووصل إلى مستويات قياسية بلغت متوسط وطني قدره 4.45 دولارات للغالون الواحد، وتجاوز 7 دولارات في أجزاء من ولاية كاليفورنيا.
وألقى الرئيس الأميركي جو بايدن باللوم على الحرب الروسية في أوكرانيا، وقال إن ما نشهده حاليا هو “ارتفاع أسعار بوتين”.
وذكر بايدن أن الأسعار ستنخفض، لكنه لم يحدد مدى زمنيا لتحقيق ذلك، في حين أكد خبراء في مجال الطاقة أن “سعر البنزين، مثله مثل أي سلعة أخرى، تؤثر فيه العديد من العوامل، وتبقى ظروف العرض والطلب على رأس هذه العوامل”.
ودفع ارتفاع أسعار البنزين بالرئيس بايدن لسحب ما يصل إلى 180 مليون برميل من احتياطيات النفط الأميركية في مايو/أيار الماضي، وضخها في السوق الأميركي.
وفي منتصف مارس/آذار الماضي، وبعد 3 أسابيع من بدء الحرب، أمر بايدن بسحب 30 مليون طن من الاحتياطي الإستراتيجي الأميركي، ولم يكن لهذه الخطوات أي تأثير في استمرار ارتفاع أسعار البنزين.
وبسبب ارتفاع أسعار الطاقة في الولايات المتحدة، انخفض مستوى الطلب على السلع والخدمات الأخرى، كما ساهم ذلك في زيادة شاملة في مستويات تضخم أسعار المستهلكين.
ويرى بعض الخبراء أن الحرب غذت التضخم المرتفع بالفعل والنمو البطيء في الإنفاق الاستهلاكي، وجاءت الحرب الأوكرانية في وقت بلغت فيه نسبة التضخم في الولايات المتحدة أعلى مستوى لها منذ 40 عاما. وكانت هذه النسبة قد بلغت قبل بدء الحرب في فبراير/شباط الماضي 7.9%، وتخطت حاجز الـ8% خلال أشهر الحرب الستة.
مرحلة الركود الاقتصادي
وبعد بدء الحرب الروسية على أوكرانيا بعدة أيام، رفع بنك الاحتياطي الفدرالي سعر الفائدة الذي كان مستقرا خلال السنوات الثلاث الأخيرة بالقرب من الصفر.
وجاء الارتفاع 0.25 نقطة مئوية، ثم جاءت زيادة إضافية قدرها 0.50 نقطة مئوية في مايو/أيار، ثم زيادة أخرى بمقدار 0.75 نقطة مئوية في يونيو/حزيران الماضي. ويُنتظر أن يرفعها مرتين فيما تبقى من عام 2022، وقد نتج عن هذه الارتفاعات في أحد أبعادها انخفاض إجمالي الناتج المحلي.
وكانت بيانات مكتب التحليل الاقتصادي قد أشارت إلى انخفاض الناتج المحلي الإجمالي للربع الثاني هذا العام (الأول من أبريل/نيسان – 30 يونيو/حزيران الماضي) بنسبة 0.9%، في حين انخفض خلال الربع الأول (الأول من يناير/كانون الثاني – 31 مارس/آذار الماضي) بنسبة 1.6%.
وتاريخيا ومنذ 1948، وفي كل مرة انخفض فيها الناتج المحلي الإجمالي لربعين متتاليين على الأقل، يتم الإعلان عن دخول البلاد مرحلة الركود الاقتصادي.