قال مؤرخ عسكري وكاتب بريطاني إن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو غارق في المشاكل، ويتخبط في إطلاق مبادرات لإنعاش سلطته، مضيفا أن من بين أبرز خياراته أن تشن قواته الجوية ضربة على إيران.
وأضاف أنه إذا كانت ثمة قضية واحدة توحِّد “أمة منقسمة” (في إشارة إلى إسرائيل) فهي قناعتها بأن امتلاك إيران قنبلة نووية يمثل تهديدا فوق طاقة دولة الكيان المحتل على الاحتمال.
ويعتقد المؤرخ البريطاني ماكس هاستينغز أن أي هجوم على منشآت إيران النووية من شأنه أن يُعَجِّل بأزمة إقليمية، إن لم تكن عالمية، “لكن نتنياهو أظهر مرارا وتكرارا أنه يضع مصلحته السياسية الشخصية فوق كل المصالح الأخرى”، وهو ما يجعل توجيه ضربة عسكرية منطقيا في نظر بعض الإسرائيليين.
ومع ذلك، فإنه بمثل هذا العمل لن يحقق نتيجة حاسمة، بحسب هاستينغز في مقاله بصحيفة “تايمز” (The Times) البريطانية. ذلك لأن إيران -كما يقول- على أعتاب أن تصبح دولة نووية. ويستشهد في ذلك بتصريح لتشاك فرايليتش، نائب مستشار الأمن القومي الإسرائيلي السابق، مؤخرا بأن العمل العسكري لم يعد خيارا للقضاء على البرنامج النووي الإيراني، والتلويح به لا يعدو أن يكون كسبا للوقت.
ونسب المؤرخ البريطاني لمواطن إسرائيلي وصفه بالمطّلع على المسائل الدفاعية، القول إن أي خيار ذي مصداقية لتدمير قدرات إيران النووية لم يعد موجودا.
ويمضي مقال تايمز إلى الزعم بأن طهران بتحديها للغرب إنما تتبع خطى كوريا الشمالية في برنامجها النووي، ومهما يكن من أمر استفزازها فإن نظامها الحاكم سيظل “منيعا” على ما يبدو.
وفي اعتقاد الإيرانيين أنهم بمجرد أن يشكلوا تهديدا نوويا موثوقا فيه، سيصبحون في مأمن من أي هجوم إسرائيلي أو أميركي.
فهل تُضطر إسرائيل، في ظل هذه الوقائع، إلى العيش في ظل وجود إيران نووية؟
يجيب هاستينغز على ذلك بالقول إنه، من الناحية النظرية، لا يوجد سبب يمنع إسرائيل وإيران “النوويتان” من التعايش في “توازن الرعب”، مثلما تفعل الهند وباكستان والصين وروسيا والولايات المتحدة.
ويستطرد الكاتب أن الأمور في الشرق الأوسط لم تقتصر على تقارب “مؤقت على الأقل” بين إيران والسعودية، بل إن العالم العربي بدأ مرة أخرى بالتعامل مع الرئيس السوري بشار الأسد.
ووصف النوايا التركية بأنها “مائعة”، وولاءات دول الخليج للغرب بأنها “متقلبة”، مضيفا أن جميع القوى في منطقة الشرق الأوسط ترى في رفض الانحياز لأي طرف في المواجهة بين الغرب والأنظمة الاستبدادية العملاقة “مصلحة لها”.
ويعتقد هاستينغز أن إيران وجدت نفسها تتعامل بشكل جيد مع العقوبات الغربية بفضل تحالفها مع روسيا والصين.
ويضيف أن إيران لا تُلقِ بالا للغضب الإسرائيلي والأميركي إزاء برنامجها النووي، فهي تتذكر ما حدث للعراق عام 2003 والذي لم يواصل بناء أسلحة نووية خوفا من استثارة هجوم عليه.
ويخلص المؤرخ البريطاني إلى أن إيران قد تستمر في استخدام التهديد بالتسليح النووي أداةً للمساومة، بدلا من اتخاذ الخطوة النهائية.