نشرت مجلة “فورين بوليسي” (Foreign Policy) مقالا لمحلل بارز في معهد نيولاينز يرى فيه أنه مع اقتراب الصراع الروسي الأوكراني من شهره السادس برزت تركيا كلاعب رئيسي ترجيحي في الحرب التي طال أمدها، حيث تشارك أنقرة في الصراع على عدد من الجبهات، من التعاون الأمني مع أوكرانيا إلى التعاون في مجال الطاقة مع روسيا إلى العمل وسيطا دبلوماسيا بين كييف وموسكو.
وذكر المحلل إيوجين تشوسكوفسكي أن الدبلوماسية التركية هي التي سهلت شحنات الحبوب من موانئ أوكرانيا في الأول من أغسطس/آب الجاري، وهي الأولى منذ بداية الحرب.
وقال إن هذا النهج الاستباقي المتزايد للصراع قدم فرصا حقيقية وتحديات كبيرة لأنقرة، فيما قدم دروسا مهمة للغرب حول كيفية التعامل مع روسيا بشكل أكثر فاعلية.
ولطالما سعت أنقرة إلى الاستفادة من موقعها الإستراتيجي على مفترق الطرق العابر للقارات بين أوروبا وآسيا، وكذلك التأكيد على مفهوم الاتصال.
ومن الناحية الوظيفية تعمل تركيا كممر عبور حيوي للموارد الرئيسية مثل إمدادات الطاقة والغذاء، وقد أصبح هذا الممر أكثر أهمية نظرا للاضطرابات الاقتصادية والتجارية للحرب الروسية في أوكرانيا.
وأضاف الكاتب أنه من الناحية المؤسسية تعد تركيا عضوا حيويا في الكتلة الأمنية لحلف شمال الأطلسي “ناتو” (NATO) ولكنها تعمل بشكل مستقل، وأحيانا تتعارض مع موقف شركائها الأميركيين والأوروبيين، بما في ذلك علاقتها مع خصومها الغربيين مثل روسيا وإيران.
هذا النهج الاستباقي المتزايد للصراع قدم فرصا حقيقية وتحديات كبيرة لأنقرة، فيما قدم دروسا مهمة للغرب حول كيفية التعامل مع روسيا بشكل أكثر فاعلية
وأشار تشوسكوفسكي إلى أنه تحت قيادة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان استفادت أنقرة من شكلي الاتصال لتعزيز مكانتها كقوة إقليمية، قوة لا تتناسب تماما مع المعسكر الموالي للغرب أو المؤيد لروسيا.
وتزود تركيا أوكرانيا بكميات كبيرة من الأسلحة، بما في ذلك الطائرات المسيرة بيرقدار “تي بي 2” (TB2)، والتي أثبتت فعاليتها في مساعدة القوات الأوكرانية على مهاجمة المواقع الروسية.
وفي الوقت نفسه، لم تنضم أنقرة إلى عقوبات الغرب ضد روسيا ردا على الغزو الأوكراني، وناقش أردوغان توسيع التعاون التركي الروسي في مجال الطاقة.
واعتبر الكاتب أن الدور الأكثر أهمية لتركيا ربما كان دور الوسيط في قضية الحبوب والإمدادات الغذائية بين موسكو وكييف، وبالتالي فقد أنتج نهج الاتصال الإستراتيجي لتركيا فوائد كبيرة، مما سمح لأنقرة ليس فقط بتحرير المواد الغذائية، ولكن أيضا تعزيز مكانتها الدبلوماسية في هذه العملية.
كما حسنت أنقرة بالتأكيد نفوذها في مواجهة موسكو في المسرح الأوراسي (كما يتضح من الدور المحوري لتركيا في إدراج نفسها كلاعب رئيسي في نزاع ناغورني قره باغ)، لكن من الواضح أن روسيا مستعدة للعمل ضد مصالح تركيا عندما ترى ذلك مناسبا، سواء في أوكرانيا أو سوريا أو في مكان آخر.
وختم الكاتب مقاله بأن الإستراتيجية التركية ما زالت تحقق نتائج جادة، فمع بدء شحنات الحبوب الآن طرح المسؤولون الأوكرانيون توسيع الاتفاق ليشمل تصدير سلع أخرى مثل المعادن.