تصريحات البرهان وحميدتي.. تكتيك حربي أم طريق لطاولة المفاوضات؟
تباينت قراءة ضيوف حلقة برنامج “ما وراء الخبر” لتصريحات رئيس مجلس السيادة الانتقالي في السودان عبد الفتاح البرهان ونائبه قائد قوات الدعم السريع في السودان محمد حمدان دقلو (حميدتي) لقناة الجزيرة، بين من اعتبرها مجرد “تكتيك” في سياق إدارتهما للحرب، وبين من اعتبرها مؤشرا للجلوس إلى طاولة المفاوضات.
وخلال حلقة البرنامج (2023/4/20)، قال الباحث في مركز الخرطوم للحوار، الرشيد المعتصم إنه من غير الممكن أن يقبل الجيش بمفاوضات مع من أسماهم متمردي الدعم السريع، فلا مجال للقبول بقوات موازية لا يقبل بها الشعب السوداني، حسب قوله، واستمرار الدعم السريع سيسبب أزمة سياسية ويعرض الدولة السودانية للانقسام.
يأتي ذلك على خلفية، تصريحات أدلى بها البرهان للجزيرة، أعرب فيها عن استعداد الجيش السوداني للتفاوض إذا انسحبت قوات الدعم السريع خارج الخرطوم، فيما أبدى قائد قوات الدعم السريع حميدتي، خلال حديث للجزيرة، دعمه هدنة إنسانية ووقفا مؤقتا لإطلاق النار، مع تشديده على ضرورة التخلص من البرهان لإطلاق التحول الديمقراطي.
ويتابع المعتصم -في حديثه لبرنامج “ما وراء الخبر”- “التكتيك وارد في القضايا السياسية والعسكرية، ولكن المعركة الحالية كانت مؤجلة من الجيش، فهو على كل الأحوال لم يكن ليقبل بأي قوات خارج إطار سلطة القوات المسلحة للدولة، لأن ذلك يعني وجود دولتين، خاصة في ظل علاقات دولية لقيادة القوات المتمردة”.
ويرى أن تصريحات البرهان، ربما تأتي في إطار رسالة طمأنة يبعث بها الجيش للخارج من خلال الحديث عن الاستعداد للمفاوضات، لكن على الأرض، لا توجد حرب مفتوحة، وإنما مناوشات محدودة داخل الخرطوم، وجميع ولايات السودان آمنة.
مجرد تكتيك
ويتفق السفير الأميركي السابق في السودان، تيموثي كارني مع المعتصم، في أن ما قام به البرهان وحميدتي، “مجرد تكتيك”، مؤكدا أن أيا منهما غير مستعد للدخول في مفاوضات جادة، وما يسعيان إليه هو تحسين صورتهما الدولية.
كما وافق كارني رأي المعتصم -خلال حديثه لبرنامج “ما وراء الخبر- في أن الدولة الحديثة لا يمكن أن يكون بها جيشان مستقلان، لافتا إلى أن الخلاف الجوهري بين البرهان وحميدتي كبير، ويتعلق بالفترة التي ينبغي دمج قوات الدعم السريع خلالها في الجيش.
وأشار إلى مخاوف لدى القائدين من أن مرحلة الإفلات من العقاب على أي جرائم سابقة ربما تنتهي قريبا وتتم محاكمتهما، وهو أحد دوافع انفجار الوضع والدخول في هذه المواجهات المسلحة.
ويرى كارني أن الوضع يقود إلى 3 احتمالات مستقبلية، أولها انتصار أحد الطرفين، والتعامل معه كأمر واقع، أو وجود دور دولي كبير ومؤثر من خلال دعم وساطة الاتحاد الأفريقي، أو اتخاد مجلس الأمن الدولي قرارا يسمح بفرض قوات حفظ للسلام، مضيفا أن الاحتمال الأخير خطوة يصعب دعمها في ظل هذا الوضع.
مفاوضات الضرورة
فيما يخالفهما الكاتب والمحلل السياسي السوداني، حافظ كبير، والذي يرى أن المفاوضات ستأتي قريبا، معتبرا خطابات البرهان وحميدتي للجزيرة اليوم، مؤشرا لتنازلات كبيرة، تعكس قناعة لديهما بأن الصراع لن يقود إلى تحقيق أهدافهما، وأن الحل لن يكون إلا من خلال التفاوض.
ودلل في حديثه لـ”ما وراء الخبر”، على ذلك بأنه سبق للمكون العسكري مرتين خلال خلافه مع المكون المدني أن أعلن رفضه التفاوض، ثم عاد إليه مرة أخرى، معتبرا ما يهدد التفاوض وجود مجموعات ترى ضرورة الحسم العسكري وتدفع في هذا الاتجاه، وتريد إقصاء كاملا لقوات الدعم السريع.
وأوضح أن هذه المجموعات موجودة في الجيش، وهي من بقايا النظام السابق، والتي -حسب قوله- تختلف أيديولوجيا مع مجموعة الحرية والتغيير، وبالتالي هي لا تريد العودة للتفاوض معها وإشراكها في السلطة، وهو ما ترفضه قوى الثورة.
وشكك في حسم الجيش للصراع في أغلب الجبهات كما تقول بياناته ويصرح مؤيدوه، مشيرا في هذا السياق إلى أن تصريحات البرهان الأخيرة تقول عكس ذلك، حيث أقر بوجود انتشار لقوات الدعم في أغلب المحافظات، كما أشار كذلك إلى أن عدم دقة تقديرات الجيش ليس جديدا، وسبق أن وقع في ذلك خلال نزاع التمرد في دارفور.