قال تقرير روسي إن رفض التزود بموارد الطاقة الروسية يمكن أن يؤدي إلى ارتفاع الأسعار إلى مستويات جديدة، وهو ما سيفاقم أزمة التضخم في الأسواق الأوروبية، ويؤثر على مستوى معيشة المواطنين.
وتقول الكاتبة أوكسانا بيلكينا، في التقرير الذي نشرته صحيفة إزفيستيا اليومية الروسية، إن أوروبا تعاني حاليا من مستويات تضخم قياسية وصلت إلى 8.1%، حيث إن العقوبات ضد موسكو أغرقت هذه الدول في أزمة بعد أن ارتفعت كلفة الطاقة وزادت معه كلفة البضائع الأخرى.
وتضيف -نقلا عن خبراء اقتصاد- أن هذه ليست إلا البداية، وبعد الحزمة السادسة من العقوبات الأوروبية، التي تتضمن رفضا جزئيا للنفط الروسي، فإن دوامة التضخم يمكن أن تخرج عن السيطرة.
كل شيء أصبح أغلى ثمنا
وبحسب بيانات أولية عن مكتب الإحصاء الأوروبي (يوروستات) فإن مستويات التضخم السنوي في 19 بلدا أوروبيا وصلت إلى 8.1% في مايو/أيار، وهو الرقم القياسي السابع على التوالي، بعدما كانت قد قفزت إلى 7.4% في أبريل/نيسان.
والسبب الرئيسي -بحسب الكاتبة- هو تضخم أسعار مواد الطاقة الذي بلغ 39.2% في مايو/أيار و37.5% في أبريل/نيسان، فقد قفز سعر الوقود بنسبة 157% مقارنة بالعام الماضي، بينما سعر الغاز تضاعف أكثر من 4 مرات، علاوة على ارتفاع حاد في أسعار الغذاء.
وتشير الكاتبة إلى أن الدول الأكثر تضررا من هذه الأزمة هي إستونيا وليتوانيا ولاتفيا، التي شهدت ارتفاعا حادا في الأسعار. أما أكبر اقتصاديات الاتحاد، وهي ألمانيا وفرنسا، فقد بلغت نسبة التضخم فيها على التوالي 8.7% و5.2%.
وتنقل عن أنتون بروكودين، الخبير الاقتصادي الروسي في مؤسسة إنجوستراخ للاستثمار قوله “ارتفاع أسعار الغاز يؤدي لاحقا إلى زيادة تعريفات غاز المنازل والكهرباء لدى المستهلكين. أما ارتفاع سعر النفط فإنه يؤدي بعد فترة إلى زيادة تكاليف النقل. بينما ارتفاع أسعار الحبوب -الذي بدأ يتخذ منحى تصاعديا منذ فبراير/شباط- يترجم فيما بعد إلى تضخم في أسعار اللحوم ومشتقات الحبوب”.
تسونامي التضخم
وفق الكاتبة، يشير الخبراء إلى أن الوضع الاقتصادي الحالي في فضاء الاتحاد الأوروبي يبدو كارثيا، والأرقام الحالية ليست إلا بداية تسونامي تضخم في أسواق المستهلكين.
وتنقل عن الخبير الاقتصادي بيتر زابورتسيف قوله “هنالك مؤشر دائما ما يوصف بأنه علامة التحذير المبكرة على تضخم أسعار المستهلكين. هذا المؤشر هو كلفة الإنتاج، وقد وصل إلى مستويات مهولة في المنطقة الأوروبية، حيث ارتفع بنسبة 36.8% خلال سنة واحدة”.
المواطن يدفع الثمن
نهاية مايو/أيار كانت أوروبا قد فرضت الحزمة السادسة من العقوبات ضد موسكو، والتي تضمنت امتناعا جزئيا عن استيراد النفط الروسي.
وأمام هذه الإجراءات -تقول الكاتبة- فإن أسعار المحروقات شهدت ارتفاعا جديدا، ويبدو أن رفض النفط الروسي سيؤدي إلى نقص بالموارد الطاقية في دول الاتحاد الأوروبي، وبالتالي ستندفع الأسعار نحو مستويات جديدة. مثلا برميل برنت الذي يباع الآن بـ 120 دولارا سيرتفع سعره 30 دولارا.
وتضيف الكاتبة أن هذا الحصار قد يؤدي إلى ارتفاع سعر برميل النفط بشكل عام بمعدل بين 15 و20 دولارا (حاليا الأسعار فوق 120 دولارا للبرميل) رغم أن هذه العقوبات تم تأجيل دخولها حيز التنفيذ إلى حتى الأول من ديسمبر/كانون الأول المقبل، وهي فترة انخفاض الطلب.
واعتبرت أن المواطن البسيط هو الذي سيدفع ثمن القرارات السياسية للقيادة الأوروبية، حيث إن أكبر اقتصاديات الاتحاد تعاني أصلا من كلفة أزمة المعيشة، حتى بات بعض الناس مضطرين للاختيار بين شراء الطعام أو توفير التدفئة.
وتعتقد الكاتبة أن كل الأسعار سترتفع، سواء تعلق الأمر بالوقود أو الطعام أو الملابس أو الكراء أو الخدمات العامة والرعاية الصحية.
ونقلت عن سيرغي شيرنيكوف، الأستاذ بكلية الاقتصاد في روسيا، توقعاته بإمكانية أن تشهد أوروبا -خلال 18 شهرا المقبلة- نفس الأزمة التي شهدتها روسيا بداية التسعينيات، حين استفحلت ظاهرة الفقر لدى نسبة كبيرة من السكان، وألغي العديد من آليات الدعم والرعاية الاجتماعية و”ستصبح بعض العادات البسيطة مثل شرب كأس حليب في الصباح علامة على الثراء”.
أسوأ الكوابيس
تقول الكاتبة: إذا كان الاتحاد الأوروبي سيرفض النفط الروسي، فإن السياسيين سيواجهون أسوأ كابوس متعلق بالركود والتضخم، وهو ما حذر منه موقع أويل برايس الأميركي الذي أكد أن أكثر من 70 من المستثمرين يتوقعون عاصفة اقتصادية ناجمة عن العقوبات ضد روسيا.
وقد ذكر هذا الموقع أن “أسعار الطاقة تشهد ارتفاعا صاروخيا.. وأسواق السلع الأساسية أيضا تعاني من نفس الظاهرة، والأخطر من ذلك أن احتياطات النفط العالمي بصدد التراجع”.
وتعلق الكاتبة: رغم كل هذه المخاوف الاقتصادية والتوقعات القاتمة، فإن الاتحاد الأوروبي يعتزم المضي قدما في خطة طموحة تهدف لخفض الاعتماد على واردات النفط الروسي بنسبة 92% بحلول نهاية 2022.