توقع استبدال بوتين بشخصية أكثر تشددا.. خبير عسكري أميركي: الحرب على أوكرانيا تستمر سنوات
واشنطن- ألحق انفجار ضخم في وقت مبكر من صباح السبت الماضي أضرارا جسيمة بالجسر الوحيد الذي يربط شبه جزيرة القرم، مما أدى إلى عرقلة طريق إمداد رئيسي لحرب موسكو المتعثرة في أوكرانيا. وردا على ذلك قامت روسيا بهجمات صاروخية منذ بدء القتال قبل أكثر من 7 أشهر، واستهدفت مناطق مدنية بالأساس.
وقبل ذلك حررت القوات الأوكرانية الكثير من الأراضي الواقعة في مناطق أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ضمها، مما دفعه للتهديد باللجوء إلى السلاح النووي لحماية وحدة أراضي بلاده.
وركزت واشنطن مؤخرا على قراءة تهديدات بوتين باللجوء للأسلحة النووية، ولإلقاء الضوء على طبيعة التطورات الأخيرة والمتلاحقة، أجرت الجزيرة نت حوارا مع نيكولاس مايرز، الخبير في الشؤون الروسية والعسكرية بكلية الحرب البحرية الأميركية في مدينة نيوبورت بولاية رود آيلاند، والتي تتبع البنتاغون.
ويركز هذا الأكاديمي في أبحاثه على السياسة العسكرية الروسية، ويشرف على تدريب الضباط من المستوى المتوسط حول الإستراتيجيات العسكرية في قسم الإستراتيجية والسياسات بالكلية.
وحصل مايرز على شهادة الدكتوراه من جامعة غلاسكو بأسكتلندا، وشهادتي الماجستير والبكالوريوس من جامعة جورج تاون بالعاصمة واشنطن.
وفيما يأتي نص الحوار الذي تنبه الجزيرة نت إلى أن الآراء الواردة فيه تعكس وجهة نظر البروفيسور مايرز، ولا تعبّر عن أي موقف رسمي لوزارة الدفاع أو الحكومة.
ما رأيك بالهجمات الروسية الأخيرة التي شُنت على أهداف مدنية في مختلف أرجاء أوكرانيا بما فيها العاصمة كييف؟
تشير الهجمات الروسية الأخيرة على المناطق المدنية في مختلف أرجاء أوكرانيا إلى أن موسكو تدرك أن هناك ضرورة في تحويل وتغيير السردية الحالية للقتال للحفاظ على موقفها العسكري الحالي. شن هذه الهجمات قد يكون كذلك لأن الجيش الروسي يريد استعادة الروح المعنوية، أو لأن الكرملين يريد التأكد من أن الشعب الأوكراني يعرف أنه سيكون هناك عقاب على نجاحاته العسكرية، أو مزيج من السببين.
كيف وصلت الحرب لهذه اللحظة الدراماتيكية بتقدم عسكري أوكراني واسع، يصاحبه هجمات روسية شبه عشوائية على أهداف مدنية؟
لقد وصلت الحرب إلى هذه اللحظة لأن القدرات الروسية على شن هجمات قد بلغت ذروتها دون شل القدرات التقليدية الأوكرانية، وهو ما أجبر روسيا على استخدام الضربات من بعيد وتجنب المواجهات المباشرة لحل مؤقت، بينما تعيد تشكيل قواتها ومدها بالمزيد من الجنود بعد إعلان التعبئة الجزئي الذي أعلن عنه بوتين مؤخرا.
وهل يمكن أن تؤدي التطورات الأخيرة إلى رد نووي من الجانب الروسي؟
لا يزال الرد النووي مستبعدا على المدى القصير، ولكنه أصبح ممكنا بشكل متزايد بالنظر إلى مدى زمني يمتد من 6 إلى 24 شهرا، ولن يمنح استخدام الأسلحة النووية روسيا سوى ميزة عسكرية محدودة. وأهمية القوة النووية الروسية تأتي في الوقت الراهن من إمكانية استخدامها، وإمكانية تحريك مواقعها، وما تسببه من صدمات سياسية بناء على ذلك.
النصر الروسي في هذه الحرب يمكن أن يتحقق، فقط إذا أجبرت الحكومات الأوروبية أوكرانيا على وقف القتال. ومن غير المرجح أن يحقق لجوء بوتين لاستخدام السلاح النووي هذا التأثير الوقت الحالي، حيث يبدو أن العديد من الأوروبيين سيكونون أكثر حماسا لمعارضة موسكو إذا أقدمت على استخدام السلاح النووي.
أما إذا حسبت موسكو أن اللجوء لاستخدام أسلحتها النووية من شأنه أن يقنع الأوروبيين بوقف دعم أوكرانيا عسكريا واقتصاديا، فإن روسيا ستستخدم الأسلحة النووية، لكن في هذه اللحظة، يبدو هذا غير مرجح.
كيف يمكن لواشنطن وحلف الناتو الرد حال وقوع هجوم نووي روسي على أهداف داخل أوكرانيا؟
الوقت الحالي، من المرجح أن تعِد الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي بالمزيد من الأسلحة الإضافية، لكن ليس لأي منهما مصلحة في تصعيد الحرب بالنظر للنجاحات التقليدية العسكرية الأوكرانية الأخيرة.
وما أهم العواقب الإستراتيجية على حلف الناتو من العدوان الروسي المستمر على أوكرانيا؟
النتيجة الرئيسية لحرب الاستنزاف الجارية أن الفصل الاقتصادي بين أوروبا وروسيا سيسبب مجموعة متنوعة من صدمات الأسعار في كل من السلع الأساسية والعمالة التي من شأنها أن تقلل من الميزة التنافسية الاقتصادية للدول الأوروبية على المدى المتوسط، وهذا من شأنه أن يجعل أوروبا، في الأمد البعيد، أقل أهمية من حيث الأولوية الإستراتيجية للولايات المتحدة.
هل يمكنك تخيل أن يُعيد الرئيس بوتين الأقاليم الأربعة الأوكرانية التي ضمها مؤخرا وشبه جزيرة القرم إلى حكومة كييف؟
لا، هذا لن يحدث. قد تتخلى روسيا عن هذه الأراضي، ولكن ليس تحت قيادة الرئيس بوتين، وسيكون هناك حاجة أولا إلى انقلاب، وانقلاب شامل على الدستور الروسي.
وما السيناريوهات التي تتوقعها للأشهر والسنوات القادمة من هذه الحرب؟
المزيد من الاستنزاف، والاحتمال المتزايد باستبدال القيادة في موسكو لصالح شخصية أكثر تشددا وتكون على استعداد لاتخاذ قرارات أسرع من بوتين. كما سيتزايد القلق والحذر الأوروبي من ارتفاع الأسعار والتدهور الاقتصادي.
وهل يمكن لهذه الحرب الاستمرار لسنوات؟
نعم، ستستمر الحرب لسنوات خاصة مع غياب “نظرية للنصر” لدى الغرب، فلا أحد يعرف كيف يترجم الهزيمة العسكرية الروسية إلى سلام (حتى الآن). ويبدو أن الجيش الروسي غير قادر على الفوز (حتى الآن). وأتوقع ألا يتم حل أي من هذين الأمرين لبضعة أشهر على الأقل.
وكيف تتصور نهاية هذه الحرب بعدما قاربت على دخول شهرها الثامن مع غياب أي أفق لحلول سياسية أو دبلوماسية؟
ستنتهي الحرب عندما يتمكن الجانبان من الاتفاق بحسن نية على مواقع الخطوط السياسية بين أوروبا الوسطى وأوروبا الشرقية. وأتوقع أن يتطلب ذلك إما كارثة سياسية في أوروبا، أو انهيارا شاملا للاتحاد الروسي.
ما هو واضح أن الفترة 2014-2022 لم تكن فترة سلام، بالإضافة إلى الأعمال العسكرية التي استمرت في إقليم دونباس، ورفض الغرب قبول شبه جزيرة القرم كجزء من روسيا.
وما أهم الدروس الأولية التي يجب أن يتعلمها هؤلاء المهتمون بحروب المستقبل؟
هناك العديد والعديد من الدروس، والأهم من ذلك أن الضربات غير المباشرة (بعيدا عن المواجهات المباشرة) وحدها لا يمكن أن تكسب حربا، كما أن انتشار تقنيات الاستشعار يجعل مناورة التحركات العسكرية مكلفا للغاية. وعلى المدى القصير، ستكون الحرب البرية أشبه بالبحرية، من حيث تكلفتها باهظة الثمن.