القاهرة – عاد اسم الرئيس المصري الراحل حسني مبارك ليثير الجدل مجددا، بعدما قررت المحكمة العامة للاتحاد الأوروبي إلغاء قرارات تجميد أمواله وأسرته التي اتخذها مجلس الاتحاد سابقا.
وتجادل مصريون عبر مواقع التواصل الاجتماعي بين مؤيدين لمبارك اعتبروا القرار تأكيدا على نزاهة الرئيس الراحل، وبين معارضين قالوا إن قرار الإلغاء يأتي نتيجة لإهمال السلطات المصرية في متابعة ما وصفوها بالأموال المهربة للخارج، في حين تساءل آخرون عن مصدر تلك الأموال وكيف حصل عليها مبارك واسرته.
وأمس الأربعاء، أفاد الموقع الإلكتروني الرسمي للمحكمة بأنها ألغت قرار مجلس الاتحاد الأوروبي الصادر عام 2011 والذي ظل يجدد حتى العام الماضي “بشأن التدابير التقييدية الموجهة ضد بعض الأشخاص والكيانات والهيئات في ضوء الوضع في مصر”.
وتضمن القرار إلغاء التدابير التقييدية بحق سوزان ثابت زوجة الرئيس الراحل، وجمال وعلاء مبارك، وزوجتيهما هايدي راسخ وخديجة الجمال، مما يعني رفع التجميد عن أموالهم.
كما قضت المحكمة بأن يتحمل مجلس الاتحاد الأوروبي تكاليف التقاضي التي تكبدتها أسرة مبارك. ولم تكشف على موقعها حجم الأموال التي سيتم رفع التجميد عنها، والتي ستكون متاحة بعد انقضاء فترة طعن المجلس في قرار المحكمة والتي تبلغ 70 يوما.
الأسرة تأمل التعويضات
بدورها، أعلنت أسرة مبارك تسلمها مبلغا كبيرا من مجلس الاتحاد الأوروبي، وبانتظار أموال أخرى منه، بعد صدور حكم أوروبي برفع التجميد عن أموالها.
وقال علاء مبارك، عبر حسابه الموثق على تويتر “المحكمة العامة للاتحاد الأوروبي تقدم اعترافا قضائيا جديدا لا لبس فيه، بأن العقوبات التي فرضها مجلس الاتحاد الأوروبي على الرئيس مبارك وأسرته كانت غير قانونية منذ البداية، منهية معركة قانونية استمرت عقدا من الزمان”.
وأرفق نجل الرئيس الراحل تغريدته برابط إلكتروني لبيان صادر عن شركة المحاماة البريطانية “كارتر روك” التي تترافع عن أسرته.
وأضاف أن أسرته “عانت من أضرار بالغة مست سمعتها بسبب العقوبات الأوروبية غير القانونية” موضحا أنهم تلقوا بالفعل مبلغا كبيرا من مجلس الاتحاد الأوروبي بمثابة استرداد للمصروفات القانونية، دون تحديد قيمته، متوقعا تلقي المزيد من الأموال من مجلس الاتحاد الأوروبي وفقا لأمر المحكمة.
ويبدو أن أسرة مبارك تأمل الحصول على تعويضات، حيث قال علاء إنه طلب من مستشاره القانوني دراسة كل السبل القانونية الممكنة للحصول على تعويضات من مجلس الاتحاد، نتيجة “إجراءاته غير القانونية التي فرضت بحق أسرتي السنوات الماضية”.
اتهامات بالفساد
وهذا ليس أول حكم أوروبي لصالح أسرة مبارك بشأن أموالها المجمدة، إذ صدرت قرارات مماثلة السنوات الأخيرة. ففي مارس/آذار من العام الماضي صدر قرار إلغاء العقوبات التي فُرضت عام 2011 على 9 مصريين من بينهم عائلة مبارك، على خلفية شبهات بشأن سرقة أموال الدولة.
وبعد شهر من إطاحة ثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011 بمبارك (1981ـ 2011) قررت محكمة العدل الأوروبية تجميد أمواله وأفراد من أسرته بأوروبا، باعتبار أنها قد تؤول للحكومة في ظل قضايا داخل البلاد تتهمهم بفساد مالي.
ولا يوجد تقدير دقيق لحجم أموال عائلة مبارك ولا أماكن وجودها، ولم تعلن الأسرة أي بيانات بهذا الصدد.
وفي 9 يناير/كانون الثاني قضت محكمة النقض المصرية (أعلى محكمة مدنية) رفض الطعن الثاني المقدم من مبارك ونجليه على الحكم الصادر ضدهم بالسجن 3 سنوات في قضية الفساد المعروفة إعلاميا بـ “القصور الرئاسية”.
وتضمن الحكم تغريم الثلاثة متضامنين أكثر من 125 مليون جنيه (نحو 15.96 مليون دولار وقتها) وإلزامهم متضامنين أيضا برد أكثر من 21 مليون جنيه إلى الخزانة العامة للدولة.
وتوفي الرئيس المخلوع في فبراير/شباط 2020 عن عمر ناهز 91 عاما.
من أين لك هذا؟
وكالعادة أثار خبر إلغاء تجميد أموال عائلة مبارك جدلا بين المصريين على مواقع التواصل، حيث رأى البعض في الحكم ردا لاعتبار الرئيس الراحل وأسرته، في حين رأى البعض أن الحكم لا يغير من حقيقة ما تم من فساد خلال حكم مبارك الذي استمر لنحو 30 عاما حتى أطاحت به ثورة يناير/كانون الثاني 2011.
وانهالت التهاني على علاء النجل الأكبر ردا على تغريدته التي أعلن فيها الخبر، وقال عدد من المهنئين إنهم لم يشكوا للحظة في أن العقوبات كانت سياسية، وأشاد بعضهم بفترة حكم الرئيس الراحل وما شهدته من استقرار، حسب قولهم.
في المقابل، قال عدد من رواد مواقع التواصل إن الحكم لا يغير حقيقة أن الأموال المجمدة تخص المصريين، وتساءل بعضهم عن الأعمال التي قام بها علاء وجمال أثناء حكم والدهما وحصلوا منها على هذه الملايين، ولماذا لم يضعوا أموالهم في البنوك المصرية ما دامت مشروعة.
في حين ركز فريق ثالث على أن ما حدث هو نتيجة لتكاسل السلطات، وامتناع الجهات القضائية المصرية عن الدفاع عن أموال المصريين.