كثير من النجوم تطلّب منهم التغلغل وسط عالم هوليود وحجز مكان بين أهلها جهدا كبيرا وعملا مضنيا، وبذلوا في سبيل ذلك كثيرا من التضحيات، لكن آخرين ممن صنعوا جزءا من تاريخ هوليود الفني أتتهم النجومية مصادفة، على الرغم من أنهم كانوا يرسمون لأنفسهم مسارا آخر.
النجم الأميركي الكبير جوني ديب أحد هؤلاء الذين قادتهم الأيام إلى أستديوهات السينما بعدما كانوا يتمنون وجهات أخرى، وغيّرت وجهة طموحهم إلى مسار لم يكونوا بالغيه إلا بمحض القدر.
نجم بالمصادفة
يقول جوني ديب إنه لم يفكر يوما بأن يصير ممثلا، بل كان يسعى لأن يصبح موسيقيا، كان ذلك حلمه منذ الطفولة، فحرص على تأليف مقطوعات موسيقية منذ بلغ 12 من عمره، وبدأ يعزفها في الأندية، لكن مع مرور الوقت لم يعد ذلك يكفيه لتوفير مصاريف عيشه.
اقترح عليه أحد أصدقائه الذهاب لمقابلة وكيل أعماله من أجل الحصول على فرصة عمل في السينما، فوجدها فكرة سديدة ستساعده على دفع الإيجار، وهكذا كانت بدايته في هذا المجال، فسرعان ما حصل على فرصة تجريبية قبل أن يحصل على الدور بالفعل، وفي 1984 مثّل ديب دوره الأول في فيلم “كابوس في شارع إيلم” (A Nightmare on Elm Street) وهو في سن الـ21.
أصبح هذا العمل أحد أفلام الرعب الشهيرة؛ فقد منحه جمهور موقع “آي. إم. دي. بي” (IMDb) الفني تقييما بلغ 7.4 نقاط، ونجح ديب إلى الحد الذي جعله يتحول إلى سلسلة أفلام لم تنته بعد، صدر منها حتى الآن 9 أجزاء آخرها كان في 2010، وبلغ إجمالي إيراداتها 474.3 مليار دولار.
ربحته هوليود وخسرته الموسيقى
الطريف أن ديب لم يدرك قدر موهبته في التمثيل، وظل يقدم أدوارا صغيرة من دون أن يتخلى عن حلمه القديم بالموسيقى، لكن ما إن انفرط عقد فرقته الموسيقية حتى شرع يفكر بالتفرغ لمهنة التمثيل، ليبدأ بعدئذ طريقه مع البطولة الرئيسة التي تُوّجت بهالة خاصة حين تقاطع طريقه مع المخرج والكاتب سيد الفانتازيا تيم بورتون، إذ وجد كل منهما ضالّته في الآخر.
ونتج عن ذلك التعاون العديد من الأفلام غير التقليدية، أولها كان فيلم الفانتازيا-الرومانسي “إدوارد ذو الأيدي المقصات” (Edward Scissorhands) الذي صدر عام 1990، وترشّح للأوسكار و”غولدن غلوب” وحصد جائزة “بافتا” البريطانية.
تلت هذا الإنجاز بطولات أخرى، ومع طرح الفيلم الدرامي “ما الذي يضايق غيلبرت غريب” (What’s Eating Gilbert Grape) عام 1993 الذي شارك في بطولته ليوناردو دي كابريو، انتبه النقاد أنهم أمام موهبة فريدة يجب استغلالها لمصلحة السينما.
ففي الفيلم جسّد ديب شخصية غيلبرت، الأخ الأكبر الذي يجد نفسه مضطرا إلى العناية بأخيه المعاق ذهنيا ووالدته التي تعاني من الاكتئاب والسمنة المفرطة إثر وفاة زوجها منتحرا.
مشوار استثنائي لم تنتبه له الأكاديمية
بعد ذلك انطلق ديب في مسيرته بسرعة البرق، مُقدما أعمالا ما زالت مفضلة لدى قطاع عريض من الجمهور، أشهرها فيلم “دوني براسكو” (Donnie Brasco)، وفيلم “شوكولاتة” (Chocolate)، وفيلم “زوجة رائد الفضاء” (The Astronaut’s Wife)، وفيلم “سويني تود: الحلاق الشيطاني لشارع فليت” (Sweeney Todd: The Demon Barber of Fleet Street).
وكذلك فيلم “أليس في وندرلاند” (Alice in Wonderland)، وفيلم “تشارلي ومصنع الشوكولاته” (Charlie and the Chocolate Factory)، ولا ننسى بالطبع بطولته في سلسلة ديزني الشهيرة “قراصنة الكاريبي” (Pirates of the Caribbean) التي رفعت أسهمه في أوساط الجماهير إلى أبعد الحدود.
ومع ذلك، ورغم ترشح ديب لـ3 جوائز أوسكار، فإنه لم يحصل على هذه الجائزة حتى اليوم.
يذكر أن ديب ليس النجم الوحيد الذي دخل مجال التمثيل مصادفة، فهناك آخرون مثل الممثلة تشارليز ثيرون التي كانت رغبتها بالأساس أن تصبح راقصة، غير أن إصابة بركبتها جعلتها تضطر إلى التفكير في اختيار آخر، وبالتزامن مع ذلك مرّت بموقف قلب حياتها رأسا على عقب.
فقد ذهبت تشارليز إلى أحد البنوك لصرف “شيك” من أجل دفع الإيجار، ورفض الموظف صرفه، ولمّا كانت في أمسّ الحاجة إلى المال، أحدثت مشهدا دراميا في المكان، وهنا انتبه إليها شخص يعمل “مكتشف مواهب” فأعطاها رقمه الهاتفي وعنوانه من أجل التواصل، لتتوالى الأحداث وتلج ميدان السينما وتتدرج فيه وصولا إلى فوزها بالأوسكار في 2004.
أمر مشابه حدث للممثلة جينيفر لورانس التي حازت جائزة الأوسكار الأولى وهي ابنة الـ26، وشاركت بسلسلتي أفلام شهيرتين هما “مباريات الجوع” (Hunger Games) و”إكس مين” (X-Men).
ففي عمر الـ14 وبينما كانت في رحلة مع والدتها إلى مانهاتن، أوقفهم أحد مكتشفي المواهب وأخبرهم أن بإمكانه توفير فرصة مناسبة للورانس للعمل بعروض الأزياء، ومن ثمّ تبادلا وسائل التواصل.
وخلال محاولات لورانس لدخول عالم الأزياء الرحب، أدركت أن ذلك ليس ما تهتم به حقا، وأنها ترغب بالتمثيل فلجأت إلى مكتشف المواهب نفسه ليبحث لها عن فرصة للاختبار، فشقت طريقها في الميدان.