بعد عقدين من عودة العلاقات الشاملة بين الجارين.. ما حال التبادل التجاري بين العراق وإيران؟
طهران- بعد مرور عقدين على استئناف العلاقات الشاملة بين طهران وبغداد، عقب الغزو الأميركي للعراق والإطاحة بنظامه السابق عام 2003، توصف العلاقات السياسية بين طهران وبغداد بأنها إستراتيجية، إلا أن التبادل التجاري بينهما لم يرتق إلى المستوى المنشود، وفق مراقبين إيرانيين.
فبعد عامين من تسلم حكومة إبراهيم رئيسي مقاليد الحكم وتأكيدها مرارا إيلاء الاهتمام الأكبر بالعلاقات التجارية مع دول الجوار وترسيم الأوساط الإيرانية حينها خارطة طريق لرفع التبادل التجاري مع العراق إلى 20 مليار دولار؛ تشير الإحصاءات الرسمية إلى تراجع التجارة المشتركة خلال الأشهر الماضية.
وفي أحدث تقرير عن تجارة طهران الخارجية، أعلنت منظمة الجمارك الإيرانية تحسين الصادرات الإيرانية إلى العراق خلال الأشهر السبعة الماضية من العام الإيراني (الذي بدأ في 21 مارس/آذار الماضي)؛ إذ بلغت 4 مليارات و29 مليون دولار بحلول 20 أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
التجارة الخارجية مع الجيران
وأعلن المتحدث باسم الجمارك الإيرانية مرتضى عمادي أن تجارة البلاد غير النفطية مع العالم بلغت 81 مليونا و30 ألف طن، بقيمة 60 مليارا و133 مليون دولار خلال الأشهر السبعة الأولى من العام الإيراني الجاري، مسجلة ارتفاعا بنسبة 10% في القيمة وانخفاضا بنسبة 17.6% في الوزن، مقارنة مع الفترة نفسها من العام المنصرم.
وفي التفاصيل، بلغ صافي صادرات إيران من السلع غير النفطية 61 مليونا و283 ألف طن، بقيمة 28 مليارا و406 ملايين دولار خلال الأشهر السبعة الماضية -حسب المتحدث باسم الجمارك الإيرانية-، إذ استوردت في الفترة ذاتها 19 مليونا و747 ألف طن بقيمة 31 مليارا و727 مليون دولار.
ووفقا للجمارك الإيرانية، فإن الصين تتصدر قائمة الدول المستقبلة للسلع الإيرانية بقيمة 9 مليارات و181 مليون دولار، يليها العراق بقيمة 4 مليارات و29 مليون دولار، ثم الإمارات العربية المتحدة بقيمة 3 مليارات و476 مليون دولار، وبعدها تركيا باستيراد سلع إيرانية بقيمة 3 مليارات و81 مليون دولار، وأخيرا الهند بقيمة مليار و98 مليون دولار.
وتابع عمادي أن الإمارات تصدرت الدول المصدرة إلى إيران بقيمة 9 مليارات و435 مليون دولار، تليها الصين بقيمة 8 مليارات و283 مليون دولار، ثم تركيا بتصدير سلع بقيمة 3 مليارات و218 مليون دولار، كما حلت الهند بقيمة مليار و695 مليون دولار في المرتبة الرابعة، قبل ألمانيا التي حلت خامسة بين الدول المصدرة إلى إيران بقيمة 991 مليون دولار.
لماذا تراجعت التجارة مع العراق؟
وتظهر تقارير الجمارك الإيرانية أن قيمة الواردات من العراق خلال الأشهر السبعة الماضية بلغت 150 مليون دولار، وأن الميزان التجاري للبلاد يميل للواردات ويأخذ منحى سلبيا خلال الفترة ذاتها.
كما أن الإحصاءات الرسمية عن واقع تجارة إيران الخارجية تظهر أن العراق حل ثانيا في سلم مستوردي البضائع الإيرانية، إلا أن حجم صادراته إلى جارته الشرقية لم تؤهله ليكون من بين أكبر 5 مصدري السلع إلى إيران، في مؤشر على أحادية العلاقة التجارية بينهما.
ويحدث التراجع في صادرات العراق إلى إيران خلال فترة وجيزة جدا؛ إذ أظهرت تقارير سابقة لمنظمة الجمارك الإيرانية أن واردات طهران من العراق كانت بلغت مليونين و200 ألف طن بقيمة أكثر من مليار دولار خلال العام الإيراني المنصرم، مسجلة ارتفاعا بنسبة 700% مقارنة مع العام الذي سبقه.
ونقلت وكالة أنباء “فارس” (شبه الرسمية) عن الأمين العام لغرفة التجارة المشتركة بين إيران والعراق جهانبخش سنجاني شيرازي قوله إن الزيادة في الواردات من العراق خلال العام الماضي تعود إلى الصعوبات في تحويل عائدات الصادرات الإيرانية إلى داخل البلاد بسبب العقوبات على التحويلات المالية، موضحا أن طهران قامت العام الماضي بتسديد مبالغ السلع التي تحتاجها من أموالها في المصارف العراقية ثم استيرادها عبر المنافذ البرية المشتركة إلی الأراضي الإيرانية.
آفاق تجارية
من جانبه، أكد عضو مجلس إدارة غرفة التجارة الإيرانية العراقية حميد حسيني تراجع صادرات بلاده إلى العراق خلال الأشهر الماضية، مضيفا أن قيمة الصادرات الإيرانية إلى العراق تراجعت إلى 420 مليون دولار خلال الشهر السادس في التقويم الإيراني (21 أغسطس/آب إلى 20 سبتمبر/أيلول الماضيين) في حين أن المتوسط الشهري لقيمة الصادرات الإيرانية للعراق لا تقل عن 600 مليون دولار تقريبا.
وفي حديثه للجزيرة نت، أكد حسيني أن قيمة السلع الإيرانية غير النفطية المصدرة إلى العراق ارتفعت خلال الشهر السابع من التقويم الإيراني (21 سبتمبر/أيلول إلى 20 أكتوبر/تشرين الأول الماضيين)، وسجلت 647 مليون دولار عقب تشكيل الحكومة العراقية الجديدة.
وعزا حسيني أسباب تراجع صادرات السلع الإيرانية إلى العراق -من دون احتساب صادرات الكهرباء والغاز- خلال الفترة الماضية إلى الانسداد السياسي وعدم تأليف الحكومة وتباطؤ التبادل التجاري خلال موسم زيارة الأربعين (شهر صفر) في العراق، إلى جانب تداعيات حذف الدعم الحكومي عن السلع الأساسية في إيران.
وتوقع عضو مجلس إدارة غرفة التجارة الإيرانية العراقية المشتركة تزايد حجم الصادرات الإيرانية إلى العراق لتبلغ قيمة الصادرات 800 مليون دولار خلال الأشهر القليلة المقبلة، موضحا أنه مع تشكيل الحكومة العراقية الجديدة ستستأنف المشاريع المجمدة فيها، مما يبشر بزيادة الصادرات الإيرانية إلى العراق وتعويض التراجع الذي شهده الميزان التجاري بين البلدين مؤخرا.
وعن آفاق التجارة بين طهران والعراق، قال حسيني إن بلاده تعمل على أن تبلغ صادراتها 10 مليارات دولار بحلول نهاية العام الإيراني الجاري (20 مارس/آذار 2023)، مؤكدا أن قيمة الصادرات الإيرانية إلى العراق تجاوزت 9 مليارات دولار في السنة الماضية المنتهية في 20 مارس/آذار 2022.
ويأتي طموح طهران إلى زيادة صادراتها إلى العراق خلال الأشهر الخمسة المقبلة إلى 10 مليارات دولار في حين كان رئيس غرفة التجارة المشتركة بين إيران والعراق يحيى آل إسحاق تحدث صيف 2021 عن خارطة طريق لرفع التبادل التجاري بين طهران وبغداد إلى 20 مليار دولار.