حملة هاريس تكثف جهودها لحشد المسلمين للتصويت لها
واشنطن- شهدت الأيام الأخيرة تكثيف حملة المرشحة الأميركية الديمقراطية كامالا هاريس جهودها لجذب وحشد الناخبين المسلمين للتصويت لها في الانتخابات الرئاسية المقررة في الخامس من نوفمبر/تشرين الثاني المقبل.
وشارك، أمس الخميس، نائب هاريس، وحاكم ولاية مينيسوتا تيم والز، الذي استضافته منظمة “إيماج”، الناشطة في مجال الحقوق السياسية للمسلمين في الولايات المتحدة، في فعالية افتراضية على الإنترنت تحت عنوان “منتدى مليون صوت مسلم”.
وتحدث في الفعالية السيناتور الديمقراطي كريس فان هولين، وعدد من ممثلي مسلمي أميركا وقياداتهم. وشارك فيها ما يزيد عن 300 شخص، مما يدل على تراجع تأييد مسلمي أميركا للمرشح الديمقراطي، حيث شارك في فعالية مماثلة في انتخابات 2020 أكثر من 3 آلاف منهم.
ناخبون غاضبون
كما التقى فيل غوردون، مستشار الأمن القومي لهاريس، مع زعماء أميركيين مسلمين وعرب، الأربعاء الماضي، في الوقت الذي تسعى فيه حملتها الرئاسية لاستعادة الناخبين الغاضبين من الدعم الأميركي لحروب إسرائيل في غزة ولبنان.
وقال، في الاجتماع الافتراضي، إن الإدارة تدعم وقف إطلاق النار في غزة والدبلوماسية في لبنان والاستقرار في الضفة الغربية التي تحتلها إسرائيل، حسبما ذكر مكتب نائبة الرئيس.
وفي حديث للجزيرة نت، قال رئيس مؤسسة “إيماج” وائل الزيات -للجزيرة نت- إن الناخبين المسلمين سيلعبون دورا حاسما في هذه الانتخابات، ويرسل حضور والز إشارة واضحة فيما يتعلق بالتزام حملة هاريس تجاه الجالية الأميركية المسلمة. مضيفا أن مؤسسته تلتزم بحشد المسلمين للتصويت خاصة في الولايات المتأرجحة من خلال إجراء عمليات فرز الأصوات وتشغيل الإعلانات الرقمية من الآن وحتى موعد الانتخابات.
وأكدت المنظمة في بيان لها قبل الفعالية أن “مشاركة والز تدل على أهمية الناخبين المسلمين، إذ من المتوقع أن يشارك أكثر من مليونين منهم في انتخابات 2024. وهذه المرة الأولى التي ينخرط فيها مرشح ديمقراطي لمنصب نائب الرئيس بشكل مباشر مع الجالية الأميركية المسلمة على هذا النطاق قبل انتخابات حاسمة”.
وانضم إلى والز النائب السابق في مجلس النواب آندي ليفين من ميشيغان، والمدعي العام في مينيسوتا كيث إليسون، والنائب رو خانا من كاليفورنيا، والسيناتور كريس فان هولين من ماريلاند.
أفضل السيئين
بالدعاء للمسلمين حول العالم، وترتيل آيات كريمة من القرآن الكريم، بدأت فعالية “مليون صوت مسلم”، والتي دعمت فيها منظمة “إيماج” انتخاب كامالا هاريس للرئاسة. وقدم وائل الزيات، مدير المنظمة، والز الذي عبّر عن تعاطفه مع ما يشعر به المسلمون الأميركيون تجاه سقوط الضحايا الأبرياء في غزة ولبنان.
إلا أن والز عاد وكرر أهداف بلاده من التطورات الأخيرة، وأكد أن هاريس تسعى لتأمين إسرائيل، والإفراج عن المحتجزين، ووقف إطلاق النار، وإدخال المساعدات الإنسانية والإغاثية لسكان قطاع غزة. وقال “ندرك أن قلوبكم محطمة، سنفعل كل ما في وسعنا لوقف القتال”.
وأكد على سجل هاريس و”التزامها بسيادة القانون”، ومناهضتها لسياسات منافسها الجمهوري دونالد ترامب الرافضة لدخول مسلمي بعض الدول للولايات المتحدة، وكيف قابلت هاريس والدة الطفل وديع الفيومي الأميركي الفلسطيني الذي قُتل في جريمة كراهية بعد بدء العدوان الإسرائيلي على غزة. وأبرز ما يمثله انتخاب ترامب من “مخاطر” على مسلمي أميركا. وطالب المسلمين بالخروج لحشد الأصوات للتصويت لصالح هاريس، وتنظيم حملات طرق الأبواب وجمع التبرعات.
من جانبه، شدد السيناتور، كريس فان هولين، على سجل هاريس في “احترام سيادة القانون”، بما يعنيه ذلك من الضغط لالتزام حلفاء واشنطن بالقانون الدولي الإنساني والأميركي فيما يتعلق باستخدام السلاح والالتزام بحقوق الإنسان.
وأكد عدد من المتحدثين أن على المسلمين الاختيار بين “بديلين سيئين، لكن التصويت لترامب يعد كارثيا للمسلمين وللفلسطينيين وللشعب الأميركي على حد سواء”، بتقديرهم.
وفي ختام الفعالية، وجه محمد جولا، المدير العام للمنظمة، كلمات للمسلمين الأميركيين، وعبر عن صعوبة اتخاذ قرار دعم هاريس، وأنه يدرك أن كثيرين لم يرحبوا بها. إلا أنه قال إنهم ينصحون بها وهو ما توصلوا إليها بعد مناقشات حامية وطويلة.
أهمية الصوت المسلم
ولا يعرف على وجه اليقين أعداد المسلمين في الولايات المتحدة، ومن منهم له حق الانتخاب، لكن تقديرات الخبراء تشير إلى ما لا يقل عن 5 ملايين أميركي، بينهم نحو مليون ناخب يتوزعون في كل الولايات.
وقد يلعب الصوت المسلم -خاصة مع جهود تسجيل الناخبين- دورا مهما في عدد من الولايات المتأرجحة التي تتركز فيها أعداد كبيرة من الأميركيين المسلمين مثل ميشيغان التي فاز الرئيس جو بايدن بها في انتخابات 2020 بفارق ضئيل، وكذلك الحال في بنسلفانيا وجورجيا.
ووفقا لجيم زغبي، مدير المعهد العربي الأميركي، فإن الولاية لديها أكثر من 200 ألف ناخب عربي ومسلم، ودعمهم أمر بالغ الأهمية لفوز هاريس. في الوقت ذاته، تشير دراسات لمركز “بيو للأبحاث” أن 13% فقط من المسلمين يعتبرون جمهوريين، في حين يرى 20% منهم أنفسهم مستقلين، ويرى 66% منهم أنفسهم ديمقراطيين.
وخلال تاريخ الحملات الرئاسية الأميركية، شارك المسلمون وتبرعوا بالكثير من الأموال بصفتهم الفردية، سواء المنتمون للحزب الجمهوري أو الديمقراطي. ولم يسبق أن تشكلت لجنة قومية لتجمع الصوت والمال الإسلامي للعب دور علني في دعم أحد المرشحين للبيت الأبيض. وهذا ما فعلته منظمة “إيماج” بدءا من انتخابات 2020، والتي دعمت فيها المرشح الديمقراطي حينها جو بايدن.
ومع استمرار غضب الناخبين العرب والمسلمين من الديمقراطيين وشعور الأمريكيين المسلمين بخيبة أمل من دعم هاريس وحزبها المستمر لإسرائيل، انخفضت نسب تأييدها بينهم. وأصدر المعهد العربي الأميركي استطلاعا للرأي يظهر أن الرئيس السابق ترامب يتقدم على هاريس بفارق 4 نقاط بين الناخبين الأميركيين العرب. وتاريخيا، تمتع الديمقراطيون بهامش مريح يقترب من 65% مقابل 36% للجمهوريين.
كما أن التوغلات الإسرائيلية في لبنان خلال الأسبوع الماضي جعلت الحسابات الانتخابية “أكثر تعقيدا” لأن الأميركيين اللبنانيين يشكلون الجزء الأكبر من الناخبين العرب في ميشيغان، طبقا لما قاله النائب ليفين. في حين وجد استطلاع حديث للرأي أجراه مجلس العلاقات الأميركية الإسلامية أن قرابة واحد من كل 3 ناخبين أميركيين مسلمين -شملهم الاستطلاع- يخططون للتصويت لصالح مرشحة حزب الخضر جيل شتاين.
يُذكر أن الرئيس جو بايدن سبق وفاز بمعظم أصوات المسلمين والعرب لعام 2020، لكن دعمهم للديمقراطيين انخفض بشكل حاد مع اقتراب اكتمال العام على بدء العدوان الإسرائيلي على غزة. ويقول نشطاء مسلمون إن هاريس لم تفعل شيئا يذكر لوقف هذا العدوان على غزة ولبنان.