خبراء أميركيون يجيبون الجزيرة نت.. لماذا رفض المعسكر الغربي تشكيل لجنة تحقيق في تفجير خطي غاز نورد ستريم؟
واشنطن– لم يمثل رفض مجلس الأمن الدولي طلب روسيا تشكيل لجنة تحقيق دولية في تفجير خطي أنابيب “نورد ستريم” مفاجأة لعدد من الخبراء تحدثت إليهم الجزيرة نت.
وطالبت روسيا بتشكيل لجنة تحقيق دولية مستقلة في عمليات التخريب التي تعرض لها خطا أنابيب الغاز “نورد ستريم 1 و2” في سبتمبر/أيلول الماضي.
ووافقت 3 دول من أعضاء مجلس الأمن الدولي من أصل 15 على القرار، وهم روسيا والصين والبرازيل، في حين امتنع بقية أعضاء المجلس (أميركا، وبريطانيا، وفرنسا، وألبانيا، والإكوادور، والغابون، وغانا، واليابان، ومالطا، وموزامبيق، وسويسرا، والإمارات) عن التصويت.
وتحدثت الجزيرة نت مع عدد من الخبراء حول التحقيقات المتعلقة بالتفجير، وموقف واشنطن منها، في ضوء الاتهامات التي أطلقها الصحفي الأميركي سيمور هيرش، وتدعي مسؤولية الاستخبارات الأميركية عن التفجير.
من فجر خط الأنابيب؟
اتفق روبرت بيرسون أستاذ العلاقات الدولية في الأكاديمية العسكرية الشهيرة “ويست بوينت”، وماثيو والين الرئيس التنفيذي لمشروع الأمن الأميركي (مركز بحثي يركز على الشؤون العسكرية) في حديثهما للجزيرة نت على أنه لا يمكن التكهن بمعرفة الجهة الواقفة خلف التفجير في ضوء شح المعلومات المتاحة.
في حين قال المسؤول السابق بالبنتاغون والمحاضر في كلية الدفاع الوطني بواشنطن ديفيد دي روش إنه توجد عدة جهات لديها دوافع ومكاسب من وراء هذه التفجير، مشيرا إلى أن روسيا من بينها؛ إذ كانت ترغب في معاقبة الغرب والتسبب في أزمة طاقة في شتاء عام 2022 في غرب أوروبا.
وأضاف أن من الاحتمالات الواردة دولا قريبة من الخط الروسي ولا تجمعها علاقات جيدة بموسكو مثل أوكرانيا أو بولندا، وربما أحد أعضاء حلف الناتو ممن شعروا بالقلق إزاء “النظرية الألمانية الحمقاء” بأن التجارة مع روسيا من شأنها أن تحسن السلوك الروسي.
وختم بأنه يمكن القول إن الولايات المتحدة هي التي قامت بذلك.
أما ستيف بايفر خبير الشؤون الأوروبية ونزع السلاح بمعهد بروكينغز فقال “لا نعرف حتى الآن من المسؤول عن تدمير خطوط أنابيب الغاز نورد ستريم. ما زلت أعتقد أن الروس ربما من فعلوا ذلك لإلقاء اللوم على أوكرانيا”.
وأضاف أن تدمير الخطوط أدى إلى قطع تدفق الغاز إلى أوروبا مع السماح لشركة غازبروم الروسية بالتذرع بالقوة القاهرة لتجنب الاضطرار إلى دفع غرامات لعدم الوفاء بالتزاماتها المتعلقة بتسليم الغاز. وعلاوة على ذلك، يبدو أن الشيء نفسه قد حدث عام 2009، عندما أرادت شركة غازبروم الخروج من عقد مع تركمانستان من دون دفع الشروط الجزائية.
لماذا ترفض واشنطن التحقيق المستقل؟
وعن أسباب الرفض الأميركي لإجراء تحقيقات دولية مستقلة، أشار روبرت بيرسون إلى أن الولايات المتحدة تدعم التحقيقات الجارية في الانفجارات التي تجريها حاليا كل من السويد والدانمارك وألمانيا.
وأضاف أنه من غير الدقيق القول إن واشنطن ترفض السماح بإجراء تحقيق مستقل، لافتا إلى أن بعثة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة أعربت عن اعتقادها بأن روسيا تهدف إلى تشويه سمعة التحقيقات الجارية والتأثير على النتائج بطريقة تدعم الرواية السياسية الروسية المحددة مسبقا.
ولفت إلى أنه “بالنظر إلى تاريخ موسكو الطويل والموثق علنا من المعلومات السياسية المضللة، أعتقد أن هذا مصدر قلق مشروع بشأن القرار الذي قدمته روسيا إلى مجلس الأمن الدولي”، مبينا أن التحقيق الذي تقوده روسيا ستكون له مصداقية أقل بكثير من التحقيق الذي تجريه إحدى الدول الأوروبية المذكورة أعلاه.
في حين رأى دي روش أن “الولايات المتحدة ليست من دول خط الأنابيب، وتنتظر رؤية نتيجة التحقيقات الأوروبية في الانفجار، مضيفا أن روسيا دولة يمكنها إجراء تحقيقاتها الخاصة أيضا.
وأضاف أن معظم الدول لن تعد التحقيق الروسي ذا مصداقية، مرجحا أن الحكومة الأميركية شعرت بأن تحقيق مجلس الأمن سيسمح لكل من روسيا والصين بالتأثير على التحقيق.
وماذا عن اتهامات الكاتب سيمور هيرش لسي آي إيه بتدمير خط الأنابيب؟
وفي مقال نُشر مؤخرا، أشار الصحفي الاستقصائي الأميركي سيمور هيرش إلى أن غواصين في البحرية الأميركية -بمساعدة النرويج- زرعوا متفجرات في يونيو/حزيران الماضي، وتم تفجيرها بعد 3 أشهر، وانتقدت إدارة الرئيس جو بايدن تلك المعلومات، ووصفتها بأنها “خاطئة تماما”.
وقال ماثيو والين إنه لا يثقق في ما ذكره سيمور هيرش حول هذا الحادث، خاصة أن العديد من الصحفيين والمحللين الموثوق فيهم لا يجدون ذلك ذا مصداقية، وقد أشاروا إلى عيوب كبيرة في تقريره.
واتفق ديفيد دي روش مع هذا الرأي، وقال إن “سيمور هيرش لديه تاريخ طويل من الصحافة الاستقصائية، لكنه ليس معصوما من الخطأ. لقد ارتكب أخطاء جسيمة في الماضي، منها على سبيل المثال ذكره أن باكستان احتجزت أسامة بن لادن سجينا لما يقرب من 10 سنوات، كما أن هيرش يميل إلى الاعتماد بشكل كبير على مصادر واحدة ومجهولة؛ فيمكن بالتالي تضليله.