كشف الاتّحاد الأوروبي -أمس الثلاثاء- عن خطة تدابير جديدة من شأنها حماية دافعي الضرائب من إجراءات إنقاذ البنوك المتعثرة، وذلك في أعقاب الاضطرابات التي شهدها القطاع المصرفي مؤخّرا في كلّ من الولايات المتحدة وأوروبا.
ويهدف النص المقترح -الذي ستتفاوض بشأنه الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي وأعضاء البرلمان الأوروبي- إلى تشجيع البنوك المتعثرة (المتوسطة والصغيرة) على استخدام أموال القطاع المصرفي بدلا من الأموال العامة، حسبما أعلنت المفوضية الأوروبية، الذراع التنفيذية للتكتل.
وواجه الاتحاد الأوروبي ضغوطا للتحرك بسرعة في أعقاب إفلاس 3 مصارف أميركية الشهر الماضي، ودمج مصرف كريدي سويس السويسري العملاق مع منافسه الإقليمي مصرف “يو بي إس” (UBS).
وقال فالديس دومبروفسكيس نائب رئيسة المفوضية -خلال مؤتمر صحفي في ستراسبورغ- إنّ “إخفاقات بعض المصارف الأميركية والسويسرية مؤخرا، وما نتج عنها من أزمة في القطاع المصرفي الدولي، تذكير فحسب بحاجتنا إلى نظام فعّال قوي للتعامل مع جميع البنوك مهما كان حجمها عندما تواجه مشكلات”.
أموال دافعي الضرائب
ويسعى الاتحاد الأوروبي لمنع أعضائه من ضخّ أموال دافعي الضرائب في بنوك متوسطة الحجم، وإجبار المصارف على تكوين احتياطات خاصة بها.
وفي السابق، كانت المصارف المتوسطة الحجم تواجه صعوبة في الوصول إلى برامج حلول يموّلها القطاع المصرفي، مما يمثّل ضربة لأصحاب الودائع التي تزيد قيمتها على تلك المضمونة ببرامج تأمين الودائع.
وبموجب النصّ المقترح يمكن لتلك المصارف استخدام أموال من برامج ودائع وطنية لتكون بمثابة “جسر” لبلوغ المستويات الضرورية لإطلاق برامج الحلول، مما يسهم في تقليل مخاطر انتشار الهلع والتهافت على المصارف.
وقال دومبروفسكيس “دعوني أشدد على أن خط الدفاع الأول والرئيسي في أزمة مماثلة يجب أن تكون القدرة الداخلية للبنوك على امتصاص الخسائر”.
وعلى البرلمان الأوروبي والدول الأعضاء في الاتحاد وعددها 27 دولة، الموافقة على هذه المقترحات التي يرجّح أن تلاقي معارضة شديدة من دول في الشمال، من بينها ألمانيا.
وتبدي برلين قلقا إزاء انعكاسات خطط الاتحاد الأوروبي على برامجها لحماية مقرضين مثل التعاونيات المصرفية.
اتحاد مصرفي معلق
غير أنّ الإجراءات التي أُعلن عنها الثلاثاء ليست استجابة مباشرة للاضطرابات المصرفية الأخيرة، يل تأتي في إطار محاولة الاتحاد الأوروبي لاستكمال اتحاد مصرفي توقف لسنوات منذ إنشائه عام 2014.
وأطلقت بروكسل إصلاحا جذريا للرقابة المصرفية بعد الأزمة المالية عام 2008 وأزمة الديون المتعاقبة في منطقة اليورو.
وخلال الأزمتين أُنفقت مليارات اليوروهات من أموال المودعين على إنقاذ البنوك.
وبرز خلاف حول الركيزة الأخيرة للاتحاد المصرفي، وهي خطة لتأمين الودائع على مستوى الاتحاد الأوروبي تعارضها بشدة ألمانيا، أكبر اقتصاد في أوروبا.
ولم تتطرق الإصلاحات إلى الخطة، وقالت المفوضية إنها لا تزال معلقة.
وتخشى ألمانيا ودول أخرى في الاتحاد الأوروبي من أنها ستضطر لدفع ثمن إخفاقات بنوك دول أعضاء بموجب خطة كتلك.
ولن تكون الإصلاحات سوى مصدر جديد للتوتر بين برلين وبروكسل. فقد عرقلت ألمانيا -رائدة قطاع تصنيع السيارات- الشهر الماضي اتفاقا تاريخيا لحظر مبيعات السيارات الجديدة العاملة بالوقود الأحفوري اعتبارا من 2035، لكنها أعطت الضوء الأخضر بعد مزيد من المحادثات.