هل تنجح خطة الدول الكبرى لتحديد سقف أسعار النفط الروسي؟
يعتقد تقرير نشر بمجلة “الإيكونوميست” البريطانية نشر قبل أيام أن خطوة مجموعة السبع الكبرى لتحديد سقف أسعار بيع النفط الخام الروسي للمستهلكين تمثل اعترافا بأن عقوبات الطاقة الحالية ضد روسيا لم تنجح، في وقت توعدت فيه موسكو بالرد على الخطوة الغربية.
واتفقت مجموعة دول السبع -الولايات المتحدة وألمانيا وإيطاليا واليابان وبريطانيا وفرنسا وكندا- الأسبوع الماضي على المضي قدما في تحديد سقف لأسعار النفط الخام الروسي، في محاولة لإعادة ضبط أسعار الخام عالميا وخفض إيرادات روسيا من مبيعات النفط.
وتسعى الدول السبع لتنفيذ خطة تحديد سقف الأسعار بحلول الخامس من ديسمبر/كانون الأول المقبل بالنسبة للنفط الخام، والخامس من فبراير/شباط المقبل بالنسبة للمشتقات.
وذكرت مجلة “الإيكونوميست” أن الفكرة تتمثل في السماح للنفط الروسي بالاستمرار في التدفق، والحفاظ على إمدادات الأسواق العالمية، في مقابل فض الإيرادات التي يكسبها الكرملين من مبيعات النفط، ومن ثم إضعاف اقتصاده وجهوده الحربية.
وأكدت المجلة أنه حتى الآن لم يكن للعقوبات المفروضة على روسيا بسبب حربها على أوكرانيا تأثير يذكر؛ حيث تقدر وكالة الطاقة الدولية أن صادرات النفط الروسية تراجعت بشكل طفيف فقط، من 8 ملايين برميل يوميا في يناير/كانون الثاني إلى 7.4 ملايين برميل يوميا في يوليو/ تموز، في حين انخفضت صادرات روسيا إلى أميركا وبريطانيا والاتحاد الأوروبي واليابان وكوريا الجنوبية بمقدار 2.2 مليون برميل في اليوم، لكن تم تحويل ثلثي ذلك إلى دول أخرى.
وبحسب التقرير، تعتقد وكالة الطاقة الدولية أن المراحل الأخيرة من الحظر الأوروبي ستؤثر على 1.3 مليون برميل يوميا من صادرات الخام الروسية، وهي ضربة كبيرة لكنها بعيدة عن أن تكون معيقة.
وفي الوقت نفسه، ومع ارتفاع الأسعار، تظل عائدات الصادرات الروسية هائلة، حيث من المتوقع أن يصل فائض الحساب الجاري للبلاد إلى 265 مليار دولار هذا العام، وهو ثاني أعلى مستوى في العالم بعد الصين، وفق المجلة.
عيوب خطة الدول الكبرى
وبينت المجلة أن هذه الخطة بها عيبان محتملان:
- أحدهما أن روسيا سترفض المشاركة، محاولة -بدلًا من ذلك- تصدير نفطها عبر شبكات من التجار والسفن والممولين غير الغربيين، التي تتكيف وتنمو استجابة لنظام العقوبات الحالي.
- أما العيب الثاني فهو أن مجموعة الدول السبع تمثل حوالي 45% فقط من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، بانخفاض عن نسبة 70% التي كانت تمثله قبل 3 عقود، في حين لا تريد العديد من الدول الكبيرة -بما في ذلك الصين والهند وإندونيسيا- الالتزام بالسياسة الخارجية والعقوبات وعمليات الحظر الغربية.
واليوم الثلاثاء أبلغ وزير الطاقة الروسي نيكولاي شولغينوف الصحفيين في المنتدى الاقتصادي الشرقي في فلاديفوستوك اليوم أن روسيا سترد على وضع حد أقصى لأسعار النفط الروسي بشحن مزيد من الإمدادات إلى آسيا.
وقال “أي إجراءات لفرض حد أقصى للأسعار ستؤدي إلى عجز في الأسواق (بالنسبة للدول التي تطبق ذلك) وستزيد من تقلب الأسعار”.
لكن النفط الهندي هارديب سينغ بوري قال أمس إن معظم إمدادات البلاد من الخام في المستقبل القريب ستأتي من دول الخليج.
وقال بوري لرويترز إنه بنهاية العام المالي في 31 مارس/آذار 2022، شكلت مشتريات الهند من روسيا 0.2% فقط، لكنها ارتفعت لاحقا بينما أصبح الوضع العالمي “ملتبسا”.
وسئل عما إذا كانت مشتريات النفط الروسي في المستقبل سترتفع أو ستنخفض، فقال إنه لا يستبعد أي شيء.
بالمقابل أبدت الصين معارضتها أمس الاثنين لوضع أي حد لأسعار النفط الروسي، وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية ماو نينغ “النفط هو إحدى السلع الأساسية في الأسواق العالمية، ومن المهم ضمان أمن الإمدادات العالمية.
وبالعودة إلى مجلة الإيكونوميست فقد قال تقريرها إن إحدى النتائج المحتملة لخطة مجموعة السبع هي أن سوق النفط ستنقسم إلى سوق يتم فيها تداول ما يقرب من 90% من الإنتاج العالمي غير المنتج في روسيا بالأسعار المعتادة، بينما سيتم بيع جزء من النفط الروسي الذي لا يمكن تصديره من دون البنية التحتية الغربية أو السفن أو التأمين من خلال مخطط مجموعة السبع، لكن قد تكون هذه حصة قليلة وستسقط مع اكتشاف روسيا طرقا للتكيف.
وقالت المجلة إنه سيتم تصدير ما تبقى من إنتاج روسيا دون المساس بأي بنية تحتية غربية، بسعر يتراوح ما بين السعر العالمي وسقف السعر، وقد تنخفض عائدات روسيا؛ لكن ربما ليس بما يكفي لإضعاف آلة الحرب لديها بشكل كبير.
وأضافت أن الكرملين سيواصل الضغط على إمدادات الغاز إلى أوروبا، مما يزيد من حدة الشتاء الصعب، معتبرة أنه رغم كون خطة مجموعة السبع تجعل الحياة أكثر تعقيدا بالنسبة للكرملين، فإنه من غير المرجح أن تكون بمثابة ضربة قاضية.