الكاتب كمال داود متهم باستغلال قصة ضحية من ضحايا "العشرية السوداء" في مؤلفه (مواقع التواصل)

الكاتب كمال داود متهم باستغلال قصة ضحية من ضحايا "العشرية السوداء" في مؤلفه (مواقع التواصل)

الجزائر- تخطت قضية الكاتبين الفرنسيين من أصول جزائرية كمال داود وبوعلام صنصال أبعادها الحقيقية لتتحول من مجرد مثولهما أمام عدالة وطنهما الأم إلى قضية رأي عام بأبعاد سياسية تخطت حدود الجزائر، بعد قبول دعوى قضائية رُفعت ضد داود وزوجته في محكمة وهران، واعتقال صنصال في الجزائر.

ويحاكَم الكاتب كمال داود صاحب جائزة “غونكور” عن رواية “حوريات” بتهمة استغلاله قصة ضحية الإرهاب سعادة عربان، رغم رفضها، بالاشتراك مع زوجته الطبيبة النفسية التي كانت تعالج عربان من تبعات الحادثة التي نجت منها بأعجوبة في تسعينيات القرن الماضي، مما يجعلها محل متابعة دعوى تستند على إفشاء السر المهني بالنسبة للأطباء وأمام عقوبة تصل إلى السجن مدة 6 أشهر.

كما يحاكَم بتهمة المساس بقانون السلم والمصالحة الوطنية الذي يعاقب ويمنع استعمال جراح المأساة الوطنية (أي سنوات العشرية السوداء في الجزائر) من خلال تصريحات أو كتابات أو أي عمل آخر، وقد تصل عقوبته إلى السجن حتى 5 سنوات حسب المادة الـ46 من هذا القانون.

وأكدت محاميته فاطمة الزهراء بن براهم أن “الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون هو من ضغط عليه لإصدار الكتاب”، نقلا عما قالته لها صديقة مقربة من داود.

يتهم كمال داود بالمساس بحياة شخصية لضحية ارهاب والمساس بقانون المصالحة الوطنية - مصدر الصورة وساىل التواصل
الكاتب كمال داود فاز بجائزة غونكور الأدبية بفرنسا (مواقع التواصل)

قلق فرنسي

ويُعرف صنصال بتصريحات “مشككة في استقلال وتاريخ وسيادة وحدود الجزائر وإنكار وجود الأمة الجزائرية، والترويج لأفكار أقصى اليمين الفرنسي المعادي للمهاجرين وارتباطه بأطراف معادية للجزائر على غرار إسرائيل التي زارها سابقا”.

ويقول المحلل السياسي وأستاذ القانون موسى بودهان إن الكاتب صنصال يحمل جنسية جزائرية أصلية بغض النظر عن جنسيته الفرنسية المكتسبة، ما يجعله مطالبا بالالتزام بدستور الدولة وقوانين الجمهورية سواء في تصريحاته أو كتابته أو جميع أعماله.


 

وفي حديثه للجزيرة نت، أشار بودهان إلى بعض مواد الدستور الجزائري بدءا من المادة 78 إلى 83 التي تشير كلها إلى أنه يجب “على المواطن أن يحمي ويصون سيادة البلاد وسلامة ترابها ووحدة شعبها، كما تعاقب بصرامة على الخيانة والتجسس والولاء للعدو، وعلى كل الجرائم المرتكبة ضد أمن الدولة”.

وتطرق إلى عقوبة المساس بسلامة “وحدة الوطن” التي تتراوح بين السجن من سنة إلى 10 سنوات مع دفع غرامة مالية وإمكانية حرمان مرتكبها من حقوقه السياسية والمدنية وغيرها المنصوص عليها في المادة 14 من قانون العقوبات. وبرأيه، “لا تدخل كتابات صنصال وتصرفاته ضمن حرية الرأي والتعبير المكفولة دستوريا وقانونيا، بل هي خرق صريح للقانون”.

اعتقال الكاتب بوعلام صنصال بمطار هواري بومدين الدولي في الجزائر - مصدر الصورة مواقع التواصل الاجتماعي
زيارة الكاتب صنصال إسرائيل قبل عدة أعوام أثارت جدلا واسعا حينها وندد بها أغلب المثقفين العرب (مواقع التواصل)

ضجة كوميدية

وقالت وكالة الأنباء الجزائرية إن “اللوبي الحاقد على الجزائر في فرنسا مر بأسبوع سيئ؛ فيجب تفهمهم. أولا، أحد محمييهم وهو كمال داود ضُبط متلبسا باستغلال معاناة ضحية للإرهاب في الجزائر للحصول على جائزة “غونكور” الأدبية بفرنسا”.

وتابعت: “ثم جاء الدور على صديقهم مرتكب الإبادة الجماعية رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الذي صدرت بحقه مذكرة توقيف دولية من قبل المحكمة الجنائية الدولية. وأخيرا تم توقيف صنصال في خضم هيجانه التحريفي”.

ووصفت الوكالة الضجة، التي تثيرها بعض الأوساط السياسية والفكرية الفرنسية على غرار اليمينيين مارين لوبان وإيريك زمور حول حالة صنصال، بالكوميدية وعدتها دليلا إضافيا على وجود تيار “حاقد على الجزائر وهو لوبي لا يفوت أي فرصة للتشكيك في سيادتها”.

وقال رئيس حزب حركة مجتمع السلم الجزائري عبد العالي حساني شريف إن الكاتبين صنصال وداود “يتكلمان بلسان فرنسا”، متهما إياها بـ”شن حملة ذات بعد ثقافي على الجزائر”.


 

ويُنظر للكاتبين الفرنسيين من أصول جزائرية في الأوساط الثقافية الجزائرية على أنهما “يميلان للترويج لخطابات بعض الأوساط الفرنسية ذات الفكر الاستعماري”، وانتقدهما الروائي الجزائري رشيد بوجدرة سابقا في كتابه “زناة التاريخ” كونهما “زورا وشوها تاريخ الجزائر وصورتها في الداخل والخارج لأنهما من أنصار باريس وأفكارها الغربية”.

فكر استعماري

ووصف المحلل بودهان المحاولات الفرنسية بالتدخل في الشؤون السياسية والقضائية للجزائر بالأمر المرفوض الذي لن تقبله الجزائر من أي جهة كانت.

من جانبه، أكد الإعلامي والباحث في الشأن المغاربي عبد النور تومي أن الضجة الإعلامية في باريس تقف وراءها أطراف سياسية تابعة “لليمين المتطرف المعادي للجزائر والمهاجرين والمسلمين”.

وأرجع “التدخل الفرنسي في شؤون الجزائر الداخلية إلى غطرسة الشخصيات الفكرية والسياسية الفرنسية صاحبة الفكر الاستعماري”، موضحا أن “ازدواجية المعايير الفرنسية هي من اعتقلت سابقا مؤسس منصة تليغرام بافيل دوروف بواسطة أجهزتها الأمنية في المطار أثناء نزوله من طائرته الخاصة”.

وقال تومي للجزيرة نت إن الضجة الأخيرة التي أحدثتها قضية الكاتبين داود وصنصال تزيد توتر العلاقات بين الجزائر وفرنسا؛ ما قد يُعقد الأمور أكثر ويصل بها إلى احتمال القطيعة، وأكد قدرة الجزائر على قطع علاقاتها مع باريس “فهي بغنى عنها، خاصة في ظل تموقعها الحالي في الساحة الدولية وامتلاكها عديد الأوراق التي قد تستخدمها للضغط على الإليزيه”.


 

واعتبر أن الجانب الفرنسي يستغل هذه الأقلام لتنفيذ أجندته، مشددا على أن ما قام به كل من داود وصنصال “لا يمت بصلة للثقافة وتنوير القراء، بل أصبحا وسيلة لضرب وطنهما الأم”.

المصدر : الجزيرة
 

About Post Author