دوستارليماب يعالج مرضى سرطان المستقيم في تجارب سريرية.. وثمن الجرعة 10 آلاف دولار
كشفت دراسة جديدة عن نتائج واعدة لعقار في علاج سرطان المستقيم، في نتيجة وصفت بأنها “المرة الأولى التي يحدث فيها ذلك في تاريخ السرطان”.
والاسم العلمي للعقار هو “دوستارليماب” (Dostarlimab)، ويباع تحت الاسم التجاري “جمبرلي” (Jemperli).
وأجريت الدراسة في الولايات المتحدة، ونشرت في “مجلة نيو إنغلاند للطب” (The New England Journal of Medicine)، ووجدت أن كل مريض عولج في التجربة قد شفي من سرطان المستقيم. ونقل الدراسة موقعا “ساينس ألرت” (Science Alert) و”إن بي سي نيويورك” (NBC New York).
و دوستارليماب علاج مناعي يستخدم في علاج سرطان بطانة الرحم، ولكن هذه كانت أول دراسة تبحث إذا ما كان فعالًا أيضًا في معالجة أورام سرطان المستقيم.
دوستارليماب فعال بشكل مدهش
تشير النتائج المبكرة التي تم الإبلاغ عنها حتى الآن إلى أن دوستارليماب فعال بشكل مدهش، إذ قال فريق البحث إن النتائج التي شوهدت في كل مريض خضع للتجربة قد تكون غير مسبوقة.
وعن النتائج، قال عالم الأورام لويس دياز جونيور -من مركز ميموريال سلون كيترينغ للسرطان، وهو المؤلف الرئيسي للدراسة- لصحيفة “نيويورك تايمز” (New York Times) “أعتقد أن هذه هي المرة الأولى التي يحدث فيها هذا في تاريخ السرطان”.
تجدر الإشارة إلى أن النتائج الإيجابية لم تظهر إلا في 14 مريضًا حتى الآن، وما زالت التجربة جارية. وجميع المرضى يعانون أوراما ذات طفرات جينية تسمى “عوز إصلاح عدم التطابق” (mismatch repair deficiency)، التي تحدث في نحو 5-10% من مرضى سرطان المستقيم.
ويميل المرضى الذين يعانون مثل هذه الأورام إلى أن يكونوا أقل استجابة للعلاج الكيميائي والعلاج الإشعاعي، مما يزيد من الحاجة إلى الاستئصال الجراحي لأورامهم.
ومع ذلك، يمكن لطفرات “عوز إصلاح عدم التطابق” أيضًا أن تجعل الخلايا السرطانية أكثر عرضة للاستجابة المناعية.
جهاز المناعة يهاجم الخلايا السرطانية
ويقول دياز “عندما تتراكم هذه الطفرات في الورم، فإنها تحفز جهاز المناعة، الذي يهاجم الخلايا السرطانية التي تعاني الطفرات”.
وقال الباحث أندريا سيرسيك، أخصائي الأورام، إن “العلاج القياسي (التقليدي) لسرطان المستقيم بالجراحة والإشعاع والعلاج الكيميائي يمكن أن يكون صعبًا بشكل خاص على الأشخاص بسبب موقع الورم.. إذ يمكن أن يعانوا خللا في الأمعاء والمثانة يغير حياتهم، وسلس البول، والعقم، والضعف الجنسي، وأكثر من ذلك”.
في تطور مذهل، تجنّب المرضى -الذين سجلوا في هذه التجربة حتى الآن- كل هذه الإجراءات والآثار الجانبية المرتبطة بها تماما.
في المرحلة الثانية من الدراسة، أعطي المرضى دواء دوستارليماب كل 3 أسابيع لمدة 6 أشهر، مع العلاج الكيميائي الإشعاعي القياسي والجراحة المزمع اتباعها في حالة عودة الأورام.
وبعد 6 أشهر من المتابعة، أظهر جميع المرضى الـ14 في التجربة “استجابة سريرية كاملة”، مع عدم وجود دليل على وجود أورام يمكن رؤيتها عبر فحوصات التصوير بالرنين المغناطيسي، ومسح التصوير المقطعي بالإصدار البوزيتروني، والتنظير الداخلي، والخزعة، من بين اختبارات أخرى.
في الوقت الحالي، أكمل نحو إجمالي 14 مريضًا العلاج وخضعوا لـ6 أشهر على الأقل من المتابعة.
عانى نحو 3 أرباع المرضى حتى الآن آثارا جانبية خفيفة أو معتدلة، بما في ذلك الطفح الجلدي، والحكة، والتعب، والغثيان، لكن لم يشهد أي منهم حتى الآن نموًا جديدًا في السرطان، إذ كان متوسط المتابعة عاما واحدا، وبعض المرضى ظلوا خالين من السرطان لمدة عامين.
السرطانات الصلبة
وقال اختصاصي الدم و الأورام في شيكاغو، الدكتور باسل الأتاسي، وهو يحمل البورد الأميركي في الأمراض الباطنية إضافة إلى تخصصه في كل من الدم والأورام، إن دوستارليماب دواء جديد من عائلة أدوية السرطان المناعية “جسم مضاد أحادي النسيلة مضاد لـبي دي 1″ (Anti-PD-1 Monoclonal Antibody)، و”إميون تشيك بوينت إنهيبيبتور” (Immune Checkpoint Inhibitor).
ويضيف الأتاسي -في تصريحات خاصة للجزيرة نت- أن التجارب الأساسية على دوستارليماب كانت على مرضى السرطانات الصلبة مثل سرطان المستقيم وسرطان الرحم ممن يحملون طفرة “عوز إصلاح عدم التطابق”.
وقال الدكتور الأتاسي إن “نتائج الدراسة كانت مبهرة فقليل جدا من الدراسات تظهر فعالية بنسبة 100% وهو ما ظهر من خلال الاستجابة الكاملة لـ14 مريض سرطان المستقيم غير المنتشر، تعالجوا بهذا الدواء و تجنبوا العلاجات الصعبة الروتينية، مثل العلاج الكيميائي و الشعاعي والجراحي”.
وأضاف “لكن نبقي في الاعتبار أن هذه ما زالت دراسة في أولى مراحلها؛ فمدة المتابعة لهؤلاء المرضى هي سنتين فقط، وأيضا عدد المرضى قليل، وكلما زاد حجم عينة الدراسة وزادت فترة المتابعة، ظهرت النتائج بشكل أوضح”.
وقال الدكتور الأتاسي “من الجدير بالتذكير أن هذا الدواء يعطى فقط للمرضى الذين عندهم طفرة عوز إصلاح عدم التطابق فقط، وهي فئة تقدر بنحو 5-10% من مرضى سرطان المستقيم، ولا يعطى لكل المرضى”.
وذكر أن دراسات كثيرة الآن تدرس إعطاء الدواء لمرضى آخرين غير المستقيم و الرحم.
كلفة دوستارليماب
وقال الدكتور الأتاسي إن دواء دوستارليماب جديد وليس موجودا في كل الدول، ويمكن الاستعاضة عنه بأدوية مناعية أخرى لها آلية العمل ذاتها وتفي بالغرض نفسه، مثل دواء “بيمبروليزوماب” (Pembrolizumab).
وفي إجابة عن سؤالنا بشأن سعر دوستارليماب، قال الدكتور الأتاسي إن دواء دوستارليماب غالي مثل باقي الأدوية المناعية، ويصل سعره في أميركا إلى أكثر من 10 آلاف دولار للجرعة الواحدة.