بينما كان الكاتب البريطاني الأميركي سلمان رشدي (75 عاما) يستعد لإلقاء محاضرة عن حرية الإبداع في معهد تشوتاكوا في غرب ولاية نيويورك، هرع الشاب هادي مطر إلى المنصة وطعن الكاتب المولود في الهند، والذي كان قد أثار غضب العالم الإسلامي بسبب روايته “آيات شيطانية” مما دفع مرشد الثورة الإيرانية آية الله الخميني إلى إصدار فتوى عام 1989 تدعو إلى قتله.

وعلى الفور نقل رشدي إلى المستشفى، وبعد جراحة استغرقت ساعات تم وضعه على جهاز للتنفس الصناعي ولم يستطع التحدث حتى مساء الجمعة، بحسب وكيله الأدبي آندرو وايلي الذي أكد في وقت لاحق أن “الكاتب يتماثل للشفاء وأصبح بإمكانه الحديث”، في حين دفع منفذ الهجوم ببراءته من تهمة “محاولة القتل”.

 

ردود فعل

وأثارت الحادثة ردود فعل ثقافية واسعة، واعتبر الفيلسوف الفرنسي برنار هنري ليفي أنه يجب منح جائزة نوبل للآداب -التي سيعلن عنها في أكتوبر/تشرين الأول- للكاتب سلمان رشدي الذي نقل إلى المستشفى في حالة خطرة بعد تعرضه للطعن في الولايات المتحدة.

وكتب ليفي في مقال نشرته صحيفة “لو جورنال دو ديمانش” متحدثا عن رشدي: “لا أستطيع تخيل أي كاتب آخر لديه الجرأة، حالياً، يستحقها أكثر منه. الحملة تبدأ الآن”.

وفي إيران، لجأ كثيرون إلى وسائل التواصل الاجتماعي للتعبير إما عن غضبهم أو فرحتهم بالهجوم على سلمان رشدي أثناء إلقائه محاضرة في ولاية نيويورك، مع بعض نظريات المؤامرة التي تربط الحادث بمحادثات طهران النووية في فيينا. وتطرّقت صحيفة “جوان” إلى فرضية أنها مؤامرة من تدبير الأميركيين “في سيناريو مغاير مفاده أن الولايات المتحدة تسعى على الأرجح إلى نشر رهاب الإسلام في العالم”.

وفي بريطانيا، كشفت الشرطة -اليوم الأحد- أنها فتحت تحقيقا في تهديد مشبوه، تقول جاي كاي رولينغ مؤلفة سلسلة هاري بوتر الشهيرة إنها تعرّضت له على تويتر بعد الاعتداء على سلمان رشدي في الولايات المتحدة.

AFP- Author J.K Rowling with a copy of her new book at Edinburgh Castle for the worldwide launch of the latest book, Harry Potter and the Half-Blood Prince at Edinburgh Castle 15 July
جاي كاي رولينغ مؤلفة سلسلة هاري بوتر الشهيرة (الفرنسية)

وكانت رولينغ قد علّقت على الاعتداء على كاتب رواية “آيات شيطانية”، معربة عن “اشمئزازها” وآملة الشفاء لرشدي.

وردّ عليها مستخدم كاتبا “لا تقلقي، فدورك بعده”. وأزيلت التغريدة في وقت لاحق، لكن رولينغ نشرت لقطة شاشة منها، للفت انتباه تويتر إلى انتهاك محتمل لقواعد المنصة، بينما قلل معلقون من أهمية التغريدة العابرة.

زيادة القراءات

وعزّزت عملية الطعن التي تعرّض لها رشدي اهتمام القراء برواياته، وخصوصا “آيات شيطانية” التي أصدر على خلفيتها مؤسس الجمهورية الإسلامية الإيرانية الخميني عام 1989 فتوى بهدر دمه، إذ ارتفعت مبيعاتها السبت.

وعصر السبت، تصدّرت 3 طبعات من الرواية مقياس مبيعات الكتب في موقع أمازون الذي يحصي المؤلفات التي سجّلت أعلى قفزة في المبيعات في الساعات الأربع والعشرين الأخيرة، بينما حلّت روايته “أطفال منتصف الليل” في المرتبة الرابعة.

ومنذ الاعتداء، بيعت في مكتبة “ستراند بوكستور” الشهيرة في نيويورك نسخ كثيرة من رواياته، فضلا عن تلك التي بيعت عبر الإنترنت.

وقالت كايتي سيلفرنيل وهي مديرة قسم لبيع الكتب الجديدة والمستعملة بالمكتبة -في تصريح لوكالة فرانس برس- “أتى أشخاص يبحثون عن أي من نتاجاته الأدبية، أرادوا أن يعرفوا ما المتوافر منها لدينا”.

وأوضحت “بعض من موظفينا الأصغر سنا لم يسبق أن سمعوا به، وأمس كان من المثير للاهتمام التحادث معهم -بعدما أتى زبائن يبحثون عن كتبه- حول هويته وتأثيره في العالم الأدبي”.

وفي مقابلة أجريت قبل أسابيع فقط من تعرّضه للطعن على يد مهاجم في ولاية نيويورك، قال سلمان رشدي إن حياته باتت “طبيعية نسبيا”، بعد أن عاش مختبئا لسنوات بسبب تهديدات بالقتل.

وتحدث رشدي -في مقابلته مع مجلة “شتيرن” الألمانية- عن التهديدات التي يرى أنها تحيق بالديمقراطية الأميركية، كما وصف نفسه بأنه شخص متفائل بطبعه، وأشار إلى أن الفتوى التي صدرت في إيران عام 1989 وتدعو المسلمين حول العالم إلى قتله باعتباره مجدفا، صدرت قبل وقت طويل للغاية.

وقال رشدي المولود في الهند والذي صار مواطنا أميركيا عام 2016 ويعيش في مدينة نيويورك، إنه يشعر بالقلق حيال التهديدات التي تواجه الديمقراطية في الولايات المتحدة.

وأضاف أن هذه التهديدات مدفوعة بالعنصرية وكراهية إنجازات الليبرالية، وتشكل “مرحلة أولية من الفاشية”.

وينحدر رشدي من عائلة مسلمة يصفها بالليبرالية. وفي مقابلة عام 2006 مع قناة “بي بي إس” (PBS) الأميركية، أطلق على نفسه لقب “الملحد المتشدد”، لكنه في مقابلة أقدم قال إن الثقافة الإسلامية “شكلته أكثر من أي ثقافة أخرى”. وتعرّض رشدي لانتقادات شديدة لما اعتبر إساءة لمعتقدات المسلمين، واعتبر الروائي البريطاني الشهير جون لو كاريه أنه “لا أحد لديه حق إلهي لإهانة دين عظيم ونشر هذه الإهانة”.

المصدر : الجزيرة + وكالات

About Post Author