رغم غناه بالطاقة.. العراق ينفق أكثر من 3 مليارات دولار لاستيراد مشتقات النفط
بغداد- يعد العراق ثاني أكبر مصدر للنفط في منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) بعد السعودية. وتشكل احتياطاته المثبتة من النفط الخام نحو 153 مليار برميل، في حين تشير توقعات حكومية لإمكانية بلوغها 500 مليار برميل في ظل العمل على استكشافات جديدة.
وبلغ حجم صادرات العراق من النفط الخام خلال مايو/أيار الماضي -بحسب إحصائيات رسمية -اطلعت عليه الجزيرة نت- أكثر من 102 مليون بإيرادات بلغت 11 مليار و436 مليون دولار، بمعدل 3 ملايين و300 ألف برميل يوميا. ويبلغ حجم إنتاج النفط الخام يوميا نحو 4.5 ملايين برميل يوميا.
رغم كل تلك الأرقام الكبيرة، فإن العراق ما زال يستورد كميات من حاجته من مشتقات النفط.
وبحسب بيانات شركة تسويق النفط العراقية (سومو)، فإن العراق استورد مشتقات نفطية بقيمة تجاوزت 3.3 مليارات دولار خلال العام الماضي، مقابل نحو 2.6 مليار دولار خلال عام 2020.
ووفق بيانات شركة سومو لعام 2021 فإن:
- كميات زيت الغاز المستوردة بلغت مليون و74 ألف طن بقيمة 657 مليونا و442 ألف دولار.
- بلغت كميات البنزين 3 ملايين و457 ألف طن بقيمة مليارين و543 مليونا و620 ألف دولار.
- بلغت كميات النفط الأبيض 163 ألف طن بقيمة 102 مليون و340 ألف دولار.
ووفقا لوحدات القياس النفطية، فإن كل طن واحد من النفط الخام يساوي قرابة 7 براميل من المشتقات (البنزين-زيت الغاز-النفط الأبيض)، ويختلف الحجم حسب الصناعة التكريرية لكل مادة.
ويوجد الآن في العراق 14 مصفاة، منها 3 تحت الإنشاء في كل من كربلاء والفاو والأنبار، ويبلغ مجموع الطاقة الإنتاجية للمصافي العاملة مليون و336 ألف برميل يوميا.
من مُصدر لمستورد
وتعليقا على حجم واردات المشتقات النفطية، قال عصام الجلبي وزير النفط العراقي الأسبق (1987-1990) إن “جميع الحكومات المتعاقبة ما بعد عام 2003 فشلت ببناء مصاف جديدة أو تطوير المصافي الموجودة، لإيقاف استيراد المشتقات النفطية”.
وتوقع الجلبي ارتفاع حجم الاستيراد للمشتقات النفطية إلى مستويات عالية خلال السنوات الأربع المقبلة، في حال استمرار الصناعة النفطية الحكومية بوضعها الحالي.
وفي مقابلة مع الجزيرة نت، تحدث الجلبي عن قوة العراق بتصدير المشتقات النفطية للفترة منذ عام 1983 لغاية الغزو الأميركي عام 2003، رغم الحرب مع إيران والعقوبات الاقتصادية الأممية نتيجة غزو الكويت في العام 1990.
وأضاف الجلبي أن حجم الأموال التي صُرفت على استيراد المشتقات النفطية بعد عام 2003 كافية لبناء أكثر من 20 مصفاة بأحدث التكنولوجيا العالمية في المجال النفط والغاز.
وختم الوزير الأسبق حديثه بأن فشل النظام السياسي الحالي لا يقل عن فشله بكافة القطاعات الأخرى، كحرق الغاز وتوليد الكهرباء والزراعة والصناعة وبناء المدارس والمستشفيات وغيرها.
أسباب الإيقاف
هناك أسباب كثيرة أدت إلى توقف مصافي التكرير النفطي في العراق، يذكر الخبير في شؤون النفط والغاز الدكتور بلال الخليفة من بينها عدم وجود تخطيط جيد وبعيد الأمد لحل المشكلة.
وأضاف الخليفة للجزيرة نت أن السبب الثاني لتوقف المصافي يكمن في السعر المدعوم، إذ يستورد العراق لتر البنزين الواحد عالي الأوكتان بسعر 1500 دينار (دولار واحد) ثم يبعه للمواطن بسعر 650 دينار (44 سنتا)، وهذا يشكل حاجزا أمام المستثمرين في هذا القطاع، كونه يؤدي لخسارتهم باستثمار المصافي.
في حين يشمل السبب الثالث تعقيدات الاستثمار المساهمة بعدم دخول الاستثمار الأجنبي في مجال التكرير النفطي، كما أن الفساد الإداري والمالي في العراق كان له نصيب أكبر في توقف مصافي التكرير النفطية في العراق، بحسب الخليفة.
المصافي الجديدة
من جهته، قال الخبير النفطي هيثم التميمي إن مصفاة كربلاء (جنوب بغداد) تعد من أهم المشاريع الإستراتيجية الحكومية، حيث ينتظر أن تقلل من استيراد البنزين بنسبة 90%، إضافة لمشتقات نفطية أخرى بنسب أقل.
وأضاف التميمي للجزيرة نت أن المشروع هو مصفاة للنفط الخام تقع على بعد 40 كيلومترا من مركز مدينة كربلاء، وضع حجر الأساس له عام 2014 بكلفة مالية بلغت 6.5 مليارات دولار على مساحة 15 مليون متر مربع، بتنفيذ شركة هيونداي الكورية الجنوبية.
وكشف عن وصول نسب الإنجاز في المشروع إلى 97%، وأنه من المؤمل افتتاحه في سبتمبر/أيلول المقبل، وسيصل النفط الخام إلى المصفاة من حقول البصرة الجنوبية عن طريق أنبوب خاص.
الاستثمار الأجنبي
ويؤكد الخبير في مجال الاستثمار الدكتور مأمول السامرائي عدم نجاح الاستثمار الأجنبي بمجال الصناعة التكريرية والنفطية في العراق، نتيجة الوضع الأمني الراهن خصوصا مع سيطرة المليشيات والعشائر على المناطق، حسب قوله.
وقال السامرائي للجزيرة نت إن الشركات الأجنبية التي تعمل في المناطق الجنوبية والفرات الأوسط من العراق تدفع مبالغ طائلة مقابل الحصول على العقود الاستثمارية، وهذا يتعارض مع القوانين الدولية لجنسية الشركات، وخصوصا الأميركية والأوروبية.
أما فيما يخص الاستثمار في المناطق الغربية والشمالية من البلاد فيرى السامرائي أن هناك نسبة كبيرة لنجاحها، كونها تختلف مع نظيراتها الجنوبية والفرات الأوسط.