غزة– “لا يزال يشكل تهديدا حقيقيا على أمن دولة إسرائيل”، بهذا بررت محكمة إسرائيلية قرارها القاضي برفض الإفراج المبكر عن الأسير الثمانيني فؤاد الشوبكي، الأكبر سنا بين زهاء 5 آلاف أسير فلسطيني في سجون الاحتلال.

ورفضت ما تسمى “محكمة ثلثي المدة” (شليش) -التي انعقدت في مدينة بئر السبع داخل فلسطين المحتلة مساء أمس الثلاثاء- الإفراج المبكر عن الشوبكي (83 عاما)، الذي لم يتبق سوى 8 شهور من فترة حكمه البالغة 17 عاما.

 

وقال حازم، النجل الأكبر للأسير الشوبكي -في حديثه للجزيرة نت- “كنا نتوقع قرار رفض الإفراج المبكر، فقد تكرر مرتين سابقا (..) لكن الغريب أن تبرر هذه المحكمة قرارها بأن أبي المسن المثقل بالكثير من الأمراض لا يزال يشكل تهديدا وخطرا على أمن إسرائيل!”.

محاكم للانتقام

وبرأي حازم، فإن “محاكم الاحتلال صورية ولا يحكمها قانون، ولا تعرف العدالة أو الرحمة، وإنما هي أداة للانتقام حتى من أسير تجاوز الـ80 وتفتك الأمراض بجسده، وهو معرض للموت في كل دقيقة تمر عليه داخل السجن من دون رعاية أو اهتمام”.

وكانت آخر زيارات حازم لوالده داخل السجن في عام 2019، وقد بدا خلالها منهكا يعاني من “قائمة طويلة من الأمراض”، أخطرها “سرطان البروستاتا”، إضافة إلى معاناته من مشكلات صحية في القلب والمعدة والبصر، وضيق في التنفس وارتفاع ضغط الدم.

الشهيد القائد العام للقوات المسلحة رئيس دولة فلسطين الراحل " ياسر عرفــات " مع القائد شيخ الأسري : فؤاد الشوبكي
فؤاد الشوبكي (الثاني من اليمين) مع الراحل ياسر عرفات (وسط) (مواقع التواصل الاجتماعي)

ومنذ ذلك الحين قطعت الزيارة عن الشوبكي، إثر إصابته بفيروس كورونا، حيث تسببت في تدهور حالته الصحية، فضلا عما لحق به من آلام إثر فقدانه زوجته عام 2011.

وتَعُد عائلة الأسير الشوبكي -وله ولدان و4 بنات- الساعات بانتظار الإفراج عنه بالموعد المقرر في مارس/آذار العام المقبل، وقال حازم “أكثر من 16 عاما قضاها والدي متنقلا بين مختلف سجون الاحتلال، أصيب خلالها بكل هذه الأمراض، ولا يزال الاحتلال يصر على ممارسة سياسة الموت البطيء بحقه”.

واختطفت قوات الاحتلال الشوبكي في 14 مارس/آذار 2006، في عملية اقتحام لسجن أريحا التابع للسلطة الفلسطينية، تضمنت اختطاف آخرين، أبرزهم الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين أحمد سعدات، وخلية اغتيال وزير السياحة الإسرائيلي رحبعام زئيفي.

وحكمت إسرائيل على الشوبكي بالسجن 20 عاما، خفضتها لاحقا إلى 17 عاما بعدما وجهت له اتهامات بأنه “العقل المدبر” الذي يتحمل المسؤولية الأولى والمباشرة عن عملية تمويل وتهريب سفينة محملة بالأسلحة تعرف باسم “كارين إيه” (Karine A).

ووصف عبد الناصر فروانة -وهو رئيس وحدة الدراسات والتوثيق في “هيئة شؤون الأسرى والمحررين” التابعة لمنظمة التحرير الفلسطينية- قرار رفض الإفراج عن الشوبكي رغم كبر سنه وأمراضه والشهور القليلة المتبقية من فترة حكمه، بأنه “عنصري وحاقد”.

وقال فروانة للجزيرة نت إن “قضاء الاحتلال ومحاكمه ليسا سوى أدوات قميئة في يد المستويات السياسية والأمنية والعسكرية، لاستكمال مسلسل الجرائم ضد الفلسطينيين”.

وبالنسبة لفروانة فإن ما يواجهه الشوبكي الذي يوصف بـ”شيخ الأسرى”؛ هو “إعدام بالموت البطيء لإنسان مسن ومثقل بالكثير من الأمراض”، داعيا إلى “تحرك عاجل على المستويات كافة للضغط على الاحتلال والإفراج عنه قبل التحاقه بقافلة شهداء الحركة الأسيرة”.

فؤاد الشوبكي المتهم بتهريب الأسلحة
فؤاد الشوبكي متهم بتهريب الأسلحة للفلسطينيين (الجزيرة-رويترز)

تاريخ نضالي

ولم تكن عملية سفينة “كارين إيه”، إلا واحدة من المحطات النضالية لهذا الرجل، الذي ولد في حي التفاح بمدينة غزة في 12 مارس/آذار عام 1940، وانضم مبكرا لحركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح)، وتنقل معها في ساحات كثيرة.

وفي الثالث من يناير/كانون الثاني 2002 نفذ جيش الاحتلال الإسرائيلي عملية عسكرية أطلق عليها “سفينة نوح” للسيطرة على سفينة “كارين إيه” في البحر الأحمر، وأعلنت إسرائيل آنذاك أنها تحمل أسلحة ومعدات عسكرية للفلسطينيين، قبل أن تتهم الشوبكي بالمسؤولية الكاملة عن تمويلها، بصفته المسؤول الأول عن الإدارة المالية المركزية العسكرية في السلطة الفلسطينية.

وبعد سنوات تنقل فيها في عواصم عربية عدة -وكان خلالها أحد المقربين من الرئيس الراحل ياسر عرفات الذي أوكل له مهمات عدة أبرزها المسؤولية عن مالية حركة فتح وتأمين الذخائر والأسلحة وإيصالها إلى مواقع منظمة التحرير في لبنان- عاد إلى غزة برتبة لواء في السلطة الفلسطينية في تسعينيات القرن الماضي، ليتولى مسؤولية تأسيس ورئاسة الإدارة المالية المركزية العسكرية، وهو يحمل شهادة البكالوريوس في المحاسبة من جامعة القاهرة.

وخلال تلك الفترة يشهد الغزيون للشوبكي بأنه كان لا يرد سائلا، وأنه كان حريصا على المساهمة في تطوير قطاعات حياتية مختلفة، وأنه كان يبدي اهتماما بقطاع الشباب والرياضة، حيث كان رئيسا للاتحاد الفلسطيني للفروسية، ورئيسا فخريا لعدد من الأندية الرياضية في غزة.

المصدر : الجزيرة

About Post Author

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *