تتواصل المعارك العنيفة جنوب وشرق أوكرانيا، وفي حين شبّه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين نفسه بالقيصر بطرس الأكبر، أعلنت فرنسا استعدادها للمشاركة في عملية لفك الحصار عن ميناء أوديسا الأوكراني.

وفي جنوبي البلاد، قالت القوات المسلحة الأوكرانية إنها نفذت هجوما مضادا -وصفته بالناجح- على بعض المواقع التي يسيطر عليها الجيش الروسي في خيرسون (جنوبي البلاد).

وأضافت القوات الأوكرانية أنه نتيجة للهجوم المضاد خسرت القوات الروسية جزءا من الأراضي وتكبدت خسائر في الأرواح والعتاد.

وقال وزير الدفاع الأوكراني أوليكسي ريزنيكوف إن بلاده تخسر كل يوم 100 قتيل و500 جريح في صفوف الجنود.

وفي ميكولايف، نقل مراسل الجزيرة عن مصادر عسكرية أن القوات الأوكرانية تواصل قصف مواقع الجيش الروسي في مقاطعة خيرسون.

وقالت هيئة الأركان العامة للجيش الأوكراني عبر فيسبوك “قصفت قواتنا الجوية مواقع روسية وأماكن تتركز فيها المعدات والأفراد، ومستودعات بمحيط 5 بلدات في منطقة خيرسون”.

 

قصف روسي

في المقابل، قال المتحدث باسم وزارة الدفاع الروسية إيغور كوناشينكوف إن القوات الروسية أسقطت مقاتلتين أوكرانيتين في منطقة دنيبرو (شرقي أوكرانيا)، مضيفا أن سلاح الجو الروسي قضى على أكثر من 500 عسكري أوكراني، ودمر 6 دبابات ومنظومتي صواريخ غراد.

وأضاف كوناشينكوف أن صواريخ أرض جو عالية الدقة دمرت طائرات للجيش الأوكراني في مطار دنيبرو، كما دمرت عدة مصانع لإنتاج الأسلحة وصيانتها في منطقة خاركيف.

من جانبه، قال الجيش الأوكراني إن قصفا صاروخيا روسيّا استهدف إحدى المنشآت في مدينة دنيبرو، وإن الدفاعات الجوية الأوكرانية أسقطت صواريخ روسية أخرى في المدينة.

كما كشف مسؤولون محليون بمقاطعة دونيتسك الأوكرانية عن أن حدة المعارك في جبهات القتال تعرقل إخراج المدنيين وتزيد المخاطر على من بقي منهم في مناطق المواجهات العسكرية.

وتقدر السلطات الأوكرانية أن ربع السكان ما زالوا يقيمون في المدن والبلدات قرب مناطق النزاع، ومعظمهم من كبار السن.

 

معركة سيفيرودونيتسك

يأتي هذا في وقت تستمر فيه المعركة وتزيد شراسة في مدينة سيفيرودونيتسك الرئيسية ومدينة ليسيتشانسك المتاخمة لها.

وقال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي -في خطاب مساء أمس الخميس- إن “سيفيرودونيتسك وليسيتشانسك ومدنا أخرى في دونباس يعدّها المحتلون الآن أهدافا لهم ما زالت صامدة”.

لكن القتال مستمر في المدينة والقصف متواصل، حسب ما قاله اليوم الجمعة حاكم المنطقة سيرغي غايداي الذي أشار إلى أن “قصر الجليد” (أحد رموز المدينة) تعرض للدمار في حريق ناتج عن قصف روسي.

وكان غايداي صرّح قبل 3 أيام بأن هدف روسيا هو السيطرة على المدينة بحلول العاشر من يونيو/حزيران الحالي، لذلك أكد عبر تطبيق تليغرام أن مسعاها “لم يتحقق”.

وسيفتح الاستيلاء على سيفيرودونيتسك الطريق أمام موسكو إلى مدينة كبرى أخرى في دونباس هي كراماتورسك؛ مما يعد خطوة مهمة للسيطرة على كل المنطقة الواقعة على حدود روسيا التي تخضع جزئيا لسيطرة الانفصاليين الموالين لروسيا منذ 2014.

وأكد غايداي أمس الخميس أن أوكرانيا يمكن أن تستعيد سيفيرودونيتسك “في غضون يومين أو 3 أيام” بمجرد حصولها على مدفعية غربية “بعيدة المدى”.

 

زيلينسكي وأوروبا

سياسيا، دعا الرئيس الأوكراني الاتحاد الأوروبي مجددا إلى تسريع وتيرة منح بلاده صفة مرشح للانضمام للتكتل.

وتساءل زيلينسكي -في خطاب له أمام قمة كوبنهاغن للديمقراطية التي تنظمها مؤسسة تحالف الديمقراطيات اليوم الجمعة- عن سبب ترك الاتحاد الأوروبي بلاده في “المنطقة الرمادية” بين التكتل وروسيا، وذلك بعد أن أظهرت نتائج استطلاع أن 71% من الأوروبيين يعدّون الأوكرانيين “جزءا من الأسرة الأوروبية”.

وقال الرئيس الأوكراني إن النظام الأوروبي قد يخسر في حال لم يتم تحويل الأقوال إلى أفعال.

بوتين والقيصر

في المقابل، شبّه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين سياسته بنهج القيصر الروسي بطرس الأكبر الذي غزا أجزاء من السويد وفنلندا وإستونيا ولاتفيا.

وقال بوتين -خلال لقاء مع رواد أعمال شباب في موسكو- “يسود انطباع بأنه من خلال مقاتلة السويد استولى على شيء ما.. هو لم يستول على أشياء بل استعادها”.

وأضاف “يبدو أنه يتعين علينا أن نستعيد وأن ندعم”، في إشارة إلى الهجوم الروسي على أوكرانيا.

غضب بريطاني

من جانبها، قالت وزيرة الخارجية البريطانية ليز تروس إن حكم الإعدام الذي صدر ضد اثنين من المقاتلين البريطانيين من قبل محكمة موالية لروسيا في شرق أوكرانيا يعد انتهاكا لاتفاقية جنيف.

ورأت المتحدثة باسم مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان أن الأحكام التي تصدر عن جمهوريات معلنة من جانب واحد بحق أسرى الحرب تشكل جريمة حرب.

وقال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف إن الحكم بإعدام مرتزقة أجانب كانوا يقاتلون إلى جانب القوات الأوكرانية يستند إلى قوانين وتشريعات جمهورية دونيتسك، ولا ينبغي التدخل فيها، على حد تعبيره.

وفي الوقت نفسه، يجتمع رؤساء 9 دول من وسط أوروبا وشرقها (رومانيا، وبولندا، والمجر، وبلغاريا، وإستونيا، ولاتفيا، وليتوانيا، وجمهورية التشيك، وسلوفاكيا) اليوم الجمعة في بوخارست للمطالبة بتعزيز الجناح الشرقي لحلف شمال الأطلسي قبل أقل من 3 أسابيع على قمة الحلف المقررة في الفترة من 28 إلى 30 يونيو/حزيران الجاري في مدريد.

 

مقترح فرنسي

وفي سياق متصل، أعلنت الرئاسة الفرنسية اليوم الجمعة استعداد باريس للمشاركة في “عملية” تتيح رفع الحصار عن ميناء أوديسا (جنوبي أوكرانيا)، من أجل تصدير الحبوب الأوكرانية إلى البلدان التي تحتاج إليها.

وقال مستشار رئاسي “نحن في تصرف الأطراف لبلورة عملية تتيح الوصول إلى ميناء أوديسا في شكل آمن، لتمكين السفن من العبور رغم وجود ألغام في البحر”.

وتسببت الحرب أيضًا في ارتفاع أسعار الحبوب والأسمدة، مما سيؤدي إلى زيادة كبيرة في مصاريف البلدان المستوردة عام 2022، وفق منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (فاو).

وتعطلت صادرات الحبوب الأوكرانية بسبب إغلاق أسطول البحر الأسود الروسي موانئ البلاد، وتعد دول أفريقيا والشرق الأوسط أول الدول المهددة بالتعرض لأزمة غذائية.

المصدر : الجزيرة + وكالات

About Post Author

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *