يقول كاتب العمود بصحيفة نيويورك تايمز بول كروغمان إن الفوائض التجارية الكبيرة التي تحققها روسيا والصين ليست دليل قوة “للأنظمة الاستبدادية”، بل هي دليل ضعف.
ذكر الكاتب ذلك في مقال له بالصحيفة لتفنيد ما وصفها بأنها القضية التي يعتبرها الناخبون الأميركيون هي أهم “قضايا الأمة”، وهي قضية “التهديدات للديمقراطية”.
وقال كروغمان، الحائز الوحيد على جائزة نوبل في العلوم الاقتصادية عام 2008 لعمله في نظرية التجارة الدولية، إن الناخب الأميركي لا يرى أبعد من ظاهر الأشياء، مثل أن النظم الاستبدادية بلغ عددها في العالم حاليا 59، تحكم 37% من سكان العالم، بينها أكبر نظامين يتمتعان بالقوة الكافية لفرض تحديات كبيرة على الديمقراطية والنظام الدولي، هما روسيا والصين.
ومع ذلك، يوضح كروغمان، أن روسيا والصين، رغم فوائضهما التجارية الكبيرة حاليا، هما نظامان ضعيفان، وأن الاستبداد في العالم مستمر ليس لأنه يعمل بكفاءة أعلى من كفاءة النظم الديمقراطية.
وأوضح أن روسيا تُعتبر قوة من الدرجة الثالثة من الناحية الاقتصادية، ويشير هجومها على أوكرانيا المستمر منذ 24 فبراير/شباط إلى أن جيشها كان ولا يزال أضعف مما كان يتصور معظم المراقبين. ومع ذلك، لديها أسلحة نووية.
وأضاف أن فائض روسيا التجاري، الذي تضخم منذ هجومها على أوكرانيا، ناجم إلى حد كبير من العقوبات الاقتصادية الغربية، والتي كانت فعالة بشكل مدهش وإن لم يكن بالطريقة التي توقعها كثيرون.
ما فعلته العقوبات، هو تقويض قدرة روسيا على الاستيراد، وخاصة قدرتها على شراء المدخلات الصناعية المهمة. أحد الأمثلة على المشكلة هو أن شركات الطيران الروسية تعطل بعض طائراتها لتفكيك قطع الغيار التي لم يعد بإمكانها شرائها في الخارج أي أن روسيا تواجه مشكلة في استخدام نقودها لشراء السلع التي تحتاجها لمواصلة جهودها الحربية.
أما سبب تضخم الفائض الصيني، يوضح كروغمان، فهو المشاكل الداخلية طويلة الأمد والتي قد تصل في النهاية إلى ذروتها، ذلك أن القليل جدا من الدخل القومي للصين يتحول إلى الجمهور، وظل الإنفاق الاستهلاكي ضعيفا على الرغم من النمو الاقتصادي السريع. وبدلا من ذلك، حافظت الصين على العمالة الكاملة إلى حد ما عن طريق توجيه الائتمان الرخيص إلى الإنفاق الاستثماري غير المنتج بشكل متزايد، وقبل كل شيء سوق إسكان متضخم مدعوم بالديون الخاصة المتزايدة باستمرار.
تمكنت الصين، وفقا للكاتب، من الحفاظ على استمرار هذه اللعبة غير المستدامة، إذ يبدو أن سوق الإسكان في الصين ينهار ويبدو أن طلب المستهلكين ينخفض. وهذا يؤدي إلى انخفاض واردات البلاد مما يجعل فائضها التجاري أكبر، ولذلك يمكن أن يكون الفائض علامة على الضعف وليس القوة.
كذلك يعاني اقتصاد الصين من رفض الحكومة إعادة النظر في إستراتيجيتها لمواجهة “كوفيد 19″، وهي الإستراتيجية الفاشلة المعتمدة على اللقاحات المحلية غير الفعالة نسبيا وسياسة الإغلاق الصارمة لاحتواء الوباء.
واستمر يقول إن الدول الديمقراطية تتعلم من الدكتاتوريين وفوائضهم أنه عندما يزيد التصدير على الاستيراد لا يعني ذلك ربحا ونجاحا.
وختم مقاله بأنه وعلى مستوى أوسع، نرى مشكلة الدكتاتوريات، حيث لا يمكن لأحد أن يخبر القائد عندما يكون مخطئا، فالرئيس فلاديمير بوتين شن هجوما على أوكرانيا جزئيا لأن الجميع كانوا خائفين جدا من تحذيره من ضعف القوة العسكرية الروسية.
وفي الصين تحولت الاستجابة لـ”كوفيد 19″ من نموذج يحتذى به إلى درس فاشل يحذر الآخرين، ربما لأن لا أحد يجرؤ على إخبار شي جين بينغ بأن سياساته غير مفيدة.