سلاح المدفعية.. نقطة ضعف أوكرانيا وكلمة سرها للتفوق العسكري
أوكرانيا- “أغلِقوا السماء” صرخة وجهها الأوكرانيون إلى المنظمات الأممية وحلف شمال الأطلسي مع بداية الحرب على بلادهم، للحد من تفوق الطيران الروسي وأثر ضرباته الصاروخية، لكنها قوبلت بالرفض خشية المواجهة المباشرة مع موسكو، فتحول قادة كييف إلى المطالبة بالأسلحة الثقيلة، خاصة سلاح المدفعية الذي يعتبر من أبرز نقاط ضعف الجيش الأوكراني.
وبالفعل، بعد انسحاب القوات الروسية من مناطق كييف وتشيرنيهيف وسومي في الشمال بنهاية مارس/آذار الماضي أصبحت المدفعية في إقليم دونباس شرقا “ميزة التفوق الرئيسية التي تتمتع بها روسيا”، بحسب تصريح وزير الخارجية الأوكراني دميترو كوليبا في وقت سابق.
مقالات ذات صلة
- حرب أوكرانيا.. القوات الروسية تتقدم في دونيتسك وكييف تتحدث عن قصف هائل وتدعو السكان للرحيل
- أوكرانيا.. قصف ومعارك ضارية في الجنوب والشرق وزيلينسكي يشيد بفعالية المدفعية المقدمة من الغرب
- حرب أوكرانيا.. بوتين يتوجه لجميع الأوكرانيين بقرار جديد
- حرب أوكرانيا.. زيلينسكي يوجه باستعادة مناطق محتلة
ويتيح سلاح المدفعية لروسيا التفوق عمليا من خلال القصف المتواصل دون توقف، ويقر فاديم سكيبيتسكي نائب رئيس الاستخبارات العسكرية الأوكرانية بهذا الواقع قائلا “لدينا وحدة مدفعية واحدة مقابل كل 10-15 وحدة لدى الروس، نحن نخسر بسبب المدفعية، وكل شيء يعتمد على ما يقدمه الغرب لنا”.
الأسلحة المدفعية الروسية
توجد لدى القوات الروسية المقاتلة في أوكرانيا مدافع معروفة باسم “جفوزديكا” ذاتية الدفع بعيار 122 ملم، ومدافع “أكاتسيا” ذاتية الدفع (152 ملم)، ومدافع “مستا إس”، و”مستا سي” المثبتة ذات العيار 152 ملم، إضافة إلى مدافع “ساو2 سي 19″، و”هايسينث2 إس5” المحمولة على الدبابات من عيار 152 ملم، ومدافع “إس7 بيوني2” ذات العيار 203 مليمترات.
لكن القصف المدفعي الروسي يعتمد كثيرا على راجمات تطلق بقوة وكثافة أكبر، ومن أبرزها:
- “غراد” (122 ملم) بمدى يصل إلى 42 كلم، مع إمكانية توجيه 40 قذيفة في كل وابل.
- “سميرتش” (300 ملم) بمدى فعال يصل إلى 90 كلم، مع إمكانية توجيه 12 قذيفة في كل وابل.
- “تورنادو”، وهي نسخة معدلة في عام 2012 من “سميرتش” وأقوى من “غراد” بـ4 أضعاف، كما تعتبر عالية الدقة، إذ يتم التحكم فيها بواسطة الحاسوب، وتعتبر منافسة لنظامي “ميلرز” و”هيمارس” الأميركيين.
- “أوراغان” (220 ملم)، وهو السلاح المعتمد في روسيا منذ 1975، ويطلق 16 قذيفة خلال 20 ثانية.
- راجمات اللهب “تي أو إس- 1إيه” (TOS-A1) التي تم تصميمها واستخدامها في حرب الشيشان، وتتمتع بقدرة كبيرة على إطلاق صواريخ محملة بوقود شديد الاحتراق.
هذا بالإضافة إلى اعتماد روسيا على القصف بواسطة صواريخ مجنحة متوسطة وبعيدة المدى يصل بعضها إلى 5.5 آلاف كلم، مثل “كاليبر”، و”توتشكا”، و”إسكندر”، و”أونيكس”، و”كينجال”، وإكس 22″ (X22)، و”إكس 59” (X59).
سياسة الأرض المحروقة
وكثيرا ما تحدثت أوكرانيا والغرب عن سياسة “الأرض المحروقة” التي تتبعها روسيا للتقدم في إقليم دونباس جنوب شرق أوكرانيا بالاعتماد قبل أي شيء آخر على نيران المدفعية.
بدوره، يقول الخبير العسكري ميخايلو جيروخوف “بالنسبة لروسيا لا تهم أعداد القذائف التي تطلق، ولا أين ستسقط، المهم أن تحدث دمارا وحرائق وخسائر واسعة في المباني وفي صفوف المدنيين والعسكريين حتى الإخلاء والانسحاب”.
وأضاف جيروخوف للجزيرة نت “هذا ما فعلوه في هوستوميل وبوتشا وإربين بضواحي كييف عندما كنا نتحرى الدقة خشية أن تذهب قذائفنا سدى، نحن نطلق على أهداف روسية نحو 5-6 آلاف قذيفة مدفعية يوميا، وهم يطلقون علينا أضعاف هذه الكميات دون اكتراث”.
وتابع قائلا “انسحبوا من كييف لأن مدفعيتنا على ضعفها دمرت أرتالهم الطويلة العالقة، لكن الصورة مختلفة في دونباس، فهم يتقدمون من أراضٍ يسيطرون عليها وينتشرون فيها، ومع ذلك يستمرون باتباع سياسة حرق وتدمير المدن المستعصية كما فعلوا في ماريوبول وسيفيرودونيتسك، هذا نهج روسي معروف”.
تفاؤل بمدافع الدعم الغربي
ورغم أن ميزان القوة المدفعية يميل لصالح روسيا بقوة فإن مسؤولين أوكرانيين يعبرون عن تفاؤلهم بوصول أولى دفعات مدافع “هيمارس” الأميركية إلى جبهات القتال، وإمكانية الحصول قريبا على مدافع “ميلرز” أيضا.
وعبّر الرئيس الأوكراني عن رضاه بفاعلية 4 مدافع من نوع “هيمارس” وصلت إلى جبهات القتال، قبل أن تعلن كييف أمس الخميس عن وصول 5 أخرى.
واعتبر سكرتير مجلس الأمن القومي والدفاع الأوكراني أوليكسي دانيلوف أن “وصول مدافع “هيمارس” جعل من الممكن إصابة الأهداف الروسية التي كانت بعيدة المنال في السابق”، في إشارة على ما يبدو إلى قواعد عسكرية ومستودعات أسلحة بات يتم الإعلان عن تدميرها بصورة شبه يومية بدلا عن قتل جنود وتدمير آليات ومدرعات فقط.
وبتعبير أكثر تفاؤلا يؤكد رئيس الاستخبارات العسكرية الأوكرانية كيريلو بودانوف أن “وصول هذه المدافع وغيرها من الأسلحة الغربية سيدخل الحرب في مرحلة تحول وكسر عظم خلال أغسطس/آب المقبل، قبل أن تستأنف القوات الأوكرانية إعادة السيطرة على أراضيها في المستقبل المنظور”، على حد قوله.
ولهذا الغرض، يرى أوليكسي أريستوفيتش مستشار الرئيس الأوكراني أن الأمر في بداياته، وأن جيش بلاده بحاجة إلى 60 نظاما مدفعيا من “هيمارس” على الأقل، إضافة إلى الحاجة لنظم غربية متطورة للدفاع الجوي.