صحيفة سويسرية: رغم الحرب.. أولينا زيلينسكا منهمكة في المشاريع والمسؤوليات اليومية
لا توجد امرأة تحلم بأن تتولى مهمة كتلك التي تتولاها زوجة رئيس دولة في حالة حرب، تلك المهمة التي تريد الآن أولينا زيلينسكا، زوجة الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، التركيز عليها، محاولة مساعدة من يحتاجون إلى ذلك من الصغار أولا، بعيدا عن إستراتيجيات الحرب والمفاوضات السياسية.
عبارات تكاد تلخص أهم ما أوردته صحيفة “لوتان” (Le Temps) السويسرية في مقابلة خصتها بها السيدة الأولى لأوكرانيا أولينا زيلينسكا في كييف، وتحدثت إليها فيها عن مشاريعها ومؤتمر “لوغانو” وحياتها التي تغيرت مثل ملايين الأوكرانيين، منذ الغزو الروسي لبلادهم في 24 فبراير/شباط الماضي.
في القصر
وفي القصر الرئاسي، حيث الستائر مغلقة ومئات الأكياس من الرمل متراكمة على عتبات النوافذ، تحجب الضوء وتعطي انطباعا بأن الليل قد حل في رابعة النهار، قابلت المراسلة كاميل باجيلا سيدة أوكرانيا الأولى التي لقيتها بنظرة حزينة كما لو كانت تجاري المزاج الدرامي للمكتب الرئاسي الذي يسميه الأوكرانيون “بانكوفا”.
وقبل الوصول إلى السلالم الحجرية المؤدية إلى المكتب، كان على فريق الصحيفة إظهار أوراق اعتمادهم للجيش والشرطة والأمن والخضوع للتفتيش عدة مرات ومصادرة هواتفهم، والكشف عن هوياتهم قبل أن يكمل كلب بوليسي المهمة بالفحص عن وجود متفجرات، في إجراءات يلزم أن تسبق الاجتماع مع الهدف الثاني للروس.
ونبهت الصحيفة إلى أن الروس أعلنوا منذ أول يوم للحرب أن الرئيس زيلينسكي هو هدفهم الأول، وكانت عائلته الهدف الثاني، لكن زيلينسكا لم تغادر أوكرانيا قط، بل اختبأت مع أبنائها في غرب البلاد قبل عودتهم إلى العاصمة بعد أن تنفست كييف الصعداء عقب الانسحاب الروسي منها.
أمام درجات السلم، كانت فرق مكتب الرئيس تضع أعلاما على مكتبه، قبل أن يتحدث أمام المجلس الأوروبي بمناسبة تصويته لمصلحة منح أوكرانيا الوضع الرسمي كمرشح “فوري” للاتحاد، “وقد تم تحذيرنا -كما تقول الكاتبة- لأن الرئيس قد يصل في أي وقت لتحية زوجته. هذه اللحظات خاصة، يحظر تسجيلها وتصويرها”.
زوجة الرئيس
عندما تحدثت زيلينسكا عن زوجها كانت تبتسم قائلة “ربما يراه الجميع اليوم كما كنت أراه دائما؛ لم تحوّل الحرب زوجي إلى رجل شجاع، إنها ببساطة أبرزت سمات معينة لديه. لم يتغير زوجي، إنه يعيش هذه اللحظة المهمة بمسؤوليات خاصة”.
وأشارت الصحيفة إلى أن زيلينسكا التي بقيت مدة طويلة في ظل زوجها تريد الآن أن تحتل واجهة الإعلام، لا لتتحدث في السياسة، ولكن عن مواضيع مثل مشاريع وحياة سيدة أولى أثناء الحرب وعن اللاجئات ومؤتمر تعافي أوكرانيا لإعادة إعمار بلدها.
ومثل زوجها، ستتدخل أولينا زيلينسكا عن طريق الفيديو، وستفتح حلقة نقاش مخصصة للجانب الاجتماعي لإعادة الإعمار، وتقول “إعادة بناء المدن لا تكفي، ولن تكون شيئًا إذا لم يكن هناك من يعيش فيها، تجب رعاية الناس ومساعدتهم. من الواضح أن الاقتصاد والمساعدات العسكرية عاملان مهمان، لكن يجب علينا أيضًا التركيز على أولئك الذين يصنعون هذا البلد”.
زيلينسكا: إعادة بناء المدن لا تكفي، ولن تكون شيئًا إذا لم يكن هناك من يعيش فيها، تجب رعاية الناس ومساعدتهم. من الواضح أن الاقتصاد والمساعدات العسكرية عاملان مهمان، لكن يجب علينا أيضًا التركيز على أولئك الذين يصنعون هذا البلد.
مهمة إنقاذ
في اليوم الأول من الحرب، اعتقدت المرأة التي تشارك حياة الكوميدي الذي أصبح أمير حرب أنها تسمع صوت “ألعاب نارية”، ولكن زوجها قال “لقد بدأت”، يعني الحرب، لذلك كان عليها في أقل من أسبوع أن تعيد تنظيم عمل فرقها لتتكيف مع الظرف الجديد، إذ “كيف يمكن الاستمرار في العمل على أدلة صوتية للمتاحف الأوروبية وقوائم مقاصف المدارس عندما يكون من الملح أن يحصل جميع الأطفال على الطعام!”.
وهكذا، وهبت زيلينسكا (44 عاما) نفسها الآن لما قالت إنها “مهمة إنقاذ”، فهي تهتم بإجلاء الأطفال المصابين بالسرطان إلى دول أوروبية مختلفة حتى يتمكنوا من مواصلة علاجهم، وتقدم أيضا عشرات من حاضنات الأمومة، “لأن النساء في أوقات الحرب يلدن غالبا قبل الأوان”.
تود السيدة الأولى -كما تقول الصحيفة- أن يتمكن معظم الأطفال من العودة إلى المدرسة في بداية العام الدراسي، وأن يخضع جميع المعلمين لتدريب الدعم النفسي “حتى يتمكنوا من معرفة كيفية الرد في أي موقف”، كما تسعى جهدها لتساعد من أجبروا على الفرار، وبالفعل نُشر أكثر من 100 ألف كتاب في 12 دولة أوروبية ووزّعت على الأطفال النازحين.
غير أن زيلينسكا تخشى معرفة ما يحدث في المدن المحتلة، فيتهدج صوتها وتشيح ببصرها عندما يفتح هذا الموضوع “الفظيع والشيطاني” الذي “يسكنها” كما تقول؛ “ما يخيفني ليس فقط ما نعرفه بالفعل، ولكن كل ما يحدث الآن في ماريوبول والمدن الأخرى، تلك الأشياء لن نعرفها إلا بعد التحرير ويصعب تخيلها بشكل خاص. ومع أننا نعرف عواقب الاحتلال في بعض المناطق المحررة، فإننا لا نعرف ما يمكن للروس القيام به”.