قال 3 مصادر مطلعة على صفقة شراء إيلون ماسك “تويتر” (Twitter) إن الصفقة باتت في خطر شديد، إذ خلص معسكر ماسك إلى أن أرقام تويتر على حسابات البريد العشوائي لا يمكن التحقق منها، حسب تقرير لصحيفة “واشنطن بوست” (Washington Post).
وقال أحد الأشخاص إن فريق ماسك توقف عن الانخراط في مناقشات معينة حول تمويل الصفقة البالغة 44 مليار دولار، وتحدث المصدر بشرط عدم الكشف عن هويته بسبب حساسية المناقشات الجارية.
وهدأت المحادثات مع المستثمرين في الأسابيع الأخيرة، إذ أثار معسكر ماسك الشكوك حول البيانات الأخيرة -مجموعة من البيانات المباعة لعملاء الشركات- التي تلقوها من تويتر.
وأوضح الأشخاص أن شكوك فريق ماسك بشأن أرقام البريد العشوائي تشير إلى أنه ليست لديهم معلومات كافية لتقييم آفاق تويتر كشركة.
وبعد أن خلص فريق ماسك إلى أنه لا يمكنه التحقق من أرقام تويتر الخاصة بحسابات البريد العشوائي، قال أحد الأشخاص (من معسكر ماسك) إنه -من المتوقع- اتخاذ إجراء صارم.
وأضاف أنه من المحتمل أن تغييرا من فريق ماسك سيطرأ قريبا من دون الكشف عن طبيعة هذا التغيير.
وحسابات البريد العشوائي ليست السبب الوحيد الذي قد يجعل ماسك يحاول التملص من الصفقة؛ إذ انخفض سعر سهم تويتر بشكل كبير منذ عرضه للاستحواذ أبريل/نيسان الماضي، مما أدى إلى الانطباع بأن العرض مبالغ في قيمته.
ويدير ماسك أيضا شركتين رئيسيتين أخريين -“تسلا” (Tesla) و”سبيس إكس” (SpaceX) جنبا إلى جنب بعض الشركات الناشئة.
لكنه ليس من السهل التخلي عن الصفقة، فقد وافق ماسك على إتمامها ما لم تكن هناك مخالفة كبيرة في أعمال تويتر. ويشك خبراء قانونيون في أن مشكلة الحسابات المزيفة قد تصنف على أنها مخالفة كبيرة.
وسيكون موقع تويتر -الذي حارب في البداية عرض استحواذ ماسك- في موقف أضعف إذا انهارت الصفقة عما كان عليه عندما اشترى ماسك حصة لأول مرة، ويتوقع الخبراء أن يقاتل تويتر لإنجازها.
وحسب تقرير “واشنطن بوست”، فإن “تويتر” يعتزم إتمام الصفقة. وحتى لو أقنع ماسك القاضي بالسماح له بترك الصفقة، فلا يزال من الممكن أن يدفع رسوم إلغاء الصفقة البالغة مليار دولار.
ورفض بريان بولياكوف، المتحدث باسم تويتر، التعليق لصحيفة واشنطن بوست، لكنه أشار إلى بيان أصدرته الشركة يونيو/حزيران الماضي.
وقال تويتر -في بيان يونيو/حزيران الماضي- إنه “سيواصل مشاركة المعلومات بشكل تعاوني مع ماسك لإتمام الصفقة وفقا لشروط اتفاقية الاندماج.. ونعتقد أن هذه الاتفاقية في مصلحة جميع المساهمين.. ونعتزم إغلاق الصفقة وتنفيذ اتفاقية الاندماج بالسعر والشروط المتفق عليها”.
في حين أن ماسك لم يستجب لطلب التعليق.
تويتر يسعى لحسم الصفقة
وهز ماسك عالم وسائل التواصل الاجتماعي في وقت سابق من هذا العام، بعرضه غير المسبوق بجعل شركة تويتر خاصة، بحجة أنه سيكون قادرا على تنمية تويتر وجعله أكثر انفتاحًا ومحايدا سياسيا، حسب رأيه.
وقال إنه سيسمح لحساب الرئيس السابق دونالد ترامب بالعودة إلى العمل، وجادل بأن ممارسات الاعتدال في المحتوى تنتهك حرية التعبير.
وتنازل ماسك عن حقه في إلقاء نظرة أعمق على الشؤون المالية للشركة عندما وقع الصفقة.
وبعد فترة وجيزة، ظهرت أسئلة حول إذا ما كان سيقوم بذلك بالفعل. وأدى البيع العالمي لأسهم التكنولوجيا إلى خسارة كبيرة في صافي ثروته الشخصية، إذ كان استفاد منها للحصول على التزامات للديون التي يحتاجها لشراء تويتر.
وكان حماس ماسك لمتابعة الصفقة محل تساؤل منذ مايو/أيار على الأقل، عندما قال إن الصفقة كانت “معلقة” حتى يتأكد من دقة ما جاء في بيان تويتر بأن أقل من 5% من الحسابات وهمية أو رسائل غير مرغوب فيها.
واتهم ماسك موقع تويتر بحجب المعلومات، بينما قالت الشركة إنها تتصرف بحسن نية وتقدم كل ما تتطلبه شروط الصفقة.
وتنقل الصحيفة عن شخص مطلع على المناقشات -تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته بسبب الطبيعة الحساسة للمحادثات- قوله إن “تويتر لم يكن متعاونا”.
لكن التركيز على الحسابات الوهمية يصب في مصلحة ماسك، إذ يقلل ذلك من سعر سهم تويتر ويحتمل أن يساعده في إجبار تويتر على إعادة التفاوض بشأن الصفقة بسعر أقل.
ويتوقع أن ماسك أدرك صعوبة التراجع في هذه المرحلة، مما دفعه إلى إيجاد أسباب قانونية لتبرير الخروج، وفقًا لما ذكره كارل توبياس، أستاذ القانون في “جامعة ريتشموند” (University of Richmond).
وبعد إثارة مشكلة الحسابات الوهمية، قال ماسك إن أرقام تويتر يمكن أن تشكل “خطأ جوهريا لوقف الصفقة”، في إشارة مرجحة إلى بند تعاقدي يمنحه القدرة على التراجع عن الصفقة في حال وقوع حدث مهم يغير بشكل أساسي طريقة العمل.
وقال توبياس “أعتقد أنه عذر.. لا يبدو لي أن المحكمة قد تجد ذلك مقنعا”.
وغالبا ما يغرد ماسك على تويتر عن انزعاجه من انتشار حسابات البريد العشوائي والبوت على الموقع، إذ كتب في أبريل/نيسان الماضي أنه يهدف إلى “هزيمة روبوتات البريد العشوائي أو الموت وهو يحاول!”
ويقول باحثون إن عدد حسابات الروبوتات والبريد العشوائي قد يكون -في بعض الأحيان- أعلى بكثير من تقديرات تويتر.
ولكن بسبب السرعة التي تتغير بها تكتيكات إنشاء وإخفاء طبيعة الحسابات المزيفة، فإنه من الصعب حتى على الخبراء إصدار تصريحات مؤكدة بشأن من على حق.
ويدافع موقع تويتر عن عمليته لقياس الحسابات غير المرغوب فيها، وقال موقع تويتر إنه كل 3 أشهر يحتاج الأمر إلى عينة من “متوسط المستخدمين يوميًا الذين يمكن التحقق منهم”، وهي قاعدة المستخدمين التي تقوم الشركة بتحصيل رسوم من المعلنين للوصول إليها.
ويقوم الموقع بتحليل تلك العينة يدويا لتحديد إذا ما كانت مزيفة أم لا، بما في ذلك النظر في معلومات مثل عناوين الـ”آي بي” (IP) التي لا يمكن مشاركتها علنا.
ولا يحظر تويتر جميع برامج الروبوت، وبدلا من ذلك يبحث عن المؤشرات التي تشير إلى نشاط مزيف أو منسق للبريد العشوائي، مثل إنشاء جماعي لحسابات أو التنسيق لتضخيم تغريدة معينة أو مجموعة تغريدات أو موضوع مركب بشكل مصطنع.
تويتر غارق في الفوضى
وأدى استحواذ ماسك على تويتر إلى إغراق موقع تويتر في الفوضى، مما أدى إلى حدوث انشقاقات بين الموظفين وعدم ارتياح بينهم وبين المديرين التنفيذيين.
وبدأ بعض الموظفين -الذين يخشون أن يتراجع ماسك عن الإجراءات الوقائية التي وضعها تويتر لإبقاء المحتوى الضار بعيدا عن الموقع- في البحث عن وظائف جديدة وتوقعوا نزوحا جماعيا للموظفين إذا اشترى الملياردير الشركة.
وتواجه ماسك بالفعل مع المديرين التنفيذيين في تويتر من خلال متابعة سياسات الشركة على موقعه الخاص، وتضخيم عدد المستخدمين الذين انتقدوا كبير محامي الشركة.
ويواجه تويتر جدلا كبيرا في حال فشل الصفقة ومشاكل مع الموظفين وسيتسبب ذلك في أداء متعثر للأسهم لعدة أشهر.
وأكد شخص مطلع على النقاشات -لصحيفة واشنطن بوست في مايو/أيار الماضي- أنه “بغض النظر عما يحدث الآن.. لا أعتقد أن ماسك سيتراجع عن الصفقة ويمكن أن تعود الأمور إلى طبيعتها”.