الملصق الدعائي للفيلم (الجزيرة)

الملصق الدعائي للفيلم (الجزيرة)

بدأ موسم العيد السينمائي هذا العام بعدد قليل من الأفلام، أربعة على وجه التحديد، مما يوحي بالمنافسة الضئيلة بين هذه الأفلام على شباك التذاكر وقد حدد كل منها موضعه في ترتيب إيرادات الأفلام منذ الأيام الأولى للعرض، فاحتل فيلم “شِقو” المركز الأول و”فاصل من اللحظات اللذيذة” الثاني و”عالماشي” -محل حديثنا اليوم- الثالث و”أسود ملون” المركز الأخير.

“عالماشي” من إخراج محمد حمدي الخبيري، وتأليف أحمد عبد الوهاب وكريم سامي وهدير الشريف، وبطولة علي ربيع وآية سماحة وكريم عفيفي ومحمد رضوان.

كسل من الأبطال وصناع العمل

يبدأ “عالماشي” في منزل لأسرة من الطبقة الوسطى، لأول وهلة يبدو البيت عاديا حتى يكتشف المشاهد الحالة الخاصة لسكانه الذين يغلب عليهم الكسل لدرجة تجعلهم يبدون مثل مسجونين على أريكة المنزل ولكنه سجن برضاهم، ويستعرض الفيلم على مدار نصف الساعة أي حوالي ثلث وقته تفاصيل تؤكد على مدى رفض أفراد هذه الأسرة من الجد والأب والابن لأي نشاط بدني وتفضيلهم الراحة الدائمة، وهو ما يعتبر وقتا طويلا للغاية كتمهيد لتوضيح العالم الآمن والقديم لبطل الفيلم قبل البدء الحقيقي في الحبكة.

وتبدأ الأحداث الحقيقية في عيد الميلاد الثلاثين للشخصية الرئيسية هادي هادي عبد الهادي (علي ربيع) فخلال الاحتفالية يقع مغشيا عليه وتنقله عائلته إلى المستشفى ليكتشفوا أنه مصاب بمرض نادر لم يصب سوى اثنين فقط من قبل، يؤدي إلى جلطات متعددة في الدم ويؤدي للوفاة السريعة إن لم يتحرك المريض طوال الوقت.

فيلم "عالماشي"
“عالماشي” يراهن على جمهور علي ربيع العائلي وقربه من الأطفال (مواقع التواصل)

ويواجه هادي تحديا لتغيير نمط حياته بالكامل، من الشخص الذي يعتبر خروجه من المنزل كارثة يجب تفاديها بأي وسيلة ممكنة حتى لو فقد عمله، إلى الشاب الذي لا تهدأ حركته، فيمشي في شوارع القاهرة 38 ساعة متتالية حتى يأتيه الطبيب بحل يجعله يرتاح كل 4 ساعات، وخلال ذلك يتقرب من الفتاة الرياضية نورا (آية سماحة) التي لا تعلم بمرضه ولكنه ينسجم معها لنمط حياتها النشط ويطلب الزواج منها، قبل أن ينكشف أمره وتتطور الأحداث.

وعلى الجانب الآخر، بينما يشارك في السيناريو الخاص بالفيلم 3 كتاب مختلفون إلا إنه عانى من عدة ثغرات، على رأسها قصة صاحب العمارة الذي يرغب في الاستيلاء على شقة هادي وعائلته. ويكتشف المشاهد قرب النهاية أن هناك قضية مرفوعة أمام المحكمة تتعلق بهذه الحبكة الفرعية التي لم يتم ذكرها في كامل الفيلم، ووجدت فقط لتجعل البطل في مشهد النهاية يختار ما بين إنقاذ منزل الأسرة أو المارثون الذي سيعيد له حبيبته.

ومثل الكثير من أفلام الأعياد والمسلسلات الموسمية على الرغم من أن مواعيد هذه المواسم محدد مسبقا إلا صناعها يبدون كما لو أنهم لم يحصلوا على الوقت الكافي لتطوير عملهم، بسيناريوهات شبه مرتجلة، فعلى سبيل المثال كان من الممكن استخدام تبريرات طبية لبقاء البطل في المنزل طوال الوقت ووصوله إلى حالة الجلطات، مثل إصابته برهاب الخروج من المنزل أو زيادة التجلط نتيجة لعدم الحركة في نطاق المنزل، لكن الفيلم لجأ لحلول سهلة مثل الكسل من ناحية ومرض غير حقيقي من ناحية أخرى.

عظة أخلاقية

يراهن “عالماشي” على جمهور علي ربيع العائلي وقربه من الأطفال بعد نجاحه في أعمال موجهة لهم مثل “أحسن أب” من قبل، فيقدم فيلما للجمهور العام على عكس “شِقو” الذي لا يُعرض إلا لمن تعدى سن 12 من عمره، ولكن على الجانب الآخر ليست كل النكات الخاصة به تصلح للأطفال، فهناك مشهد كامل للبطل وصديقه وهما بأحد الملاهي الليلية يتحدثان عن الجميلات اللواتي يحضرن الحفلات مستخدمين ألفاظ مسيئة وغير عائلية على الإطلاق.

والتزام الفيلم بتقديم قصة تليق بالأطفال دفعه في النهاية لواحدة من علل الأفلام العائلية بالسينما المصرية -التي تبدو في بعض الأحيان كما لو أنها غير قابلة للشفاء- وتتمثل في العظة الأخلاقية في الختام، والتي يقدمها البطل بشكل شديد المباشرة عبر بث مباشر على أحد منصات التواصل الاجتماعي يتحدث فيها عن حياته السابقة كشخص “كسول” وكيف غيرته هذه المحنة المتمثلة في مرضه الذي أجبره على الخروج من المنزل، ثم يكرر هذه العظة مرة أخرى لزيادة التأكيد على نفس المعاني الواضحة بالفعل.

 

 

ووقع العمل في علة أخرى من علل الأفلام الكوميدية المصرية وهي تنميط الشخصيات لتبدو كما لو أنها نسخ كاريكاتيرية مختصرة، فالبطل ووالده وجده أشخاص كسولون للغاية، تغرق شقتهم في المشهد الافتتاحي فلا يتحرك أي منهم لإنقاذها، والأم هي العكس تماما، شخصية شديدة النشاط، والحبيبة ليست سوى رياضية جميلة وساذجة فلا تبالي أو تستغرب من حركة حبيبها الدائمة، والصديق الوفي فقط صديق وفي لدرجة ارتكاب الجرائم لمساعدة صديقه، وأتى الأداء متناسبا مع السيناريو المبسط، فقدم الممثلون ما يوازي مختصر الشخصيات الذي قدمها لهم المؤلفون والمخرج.

وتتمثل أهم إيجابيات الفيلم في التصوير الذي أبرز معالم القاهرة بكامل بهائها في مشاهد طويلة نهارية وليلية خلال مشي البطل في شوارعها، بالإضافة إلى تصوير الماراثون في المشاهد الختامية.

وقد حاول “عالماشي” تقديم ما يتوقعه المشاهد في فيلم العيد، قصة بسيطة وبعض النكات وأغنية شعبية وبطل محبوب في أوساط مختلفة، ولكنه فيلم لن يصمد في ذاكرة الزمن وسينساه أغلب متفرجيه خلال شهور قليلة.

المصدر : الجزيرة

About Post Author