عودة ممدوح حمزة والإفراج عن جنينة.. هل مصر مقبلة على انفراجة سياسية؟
القاهرةـ أثارت عودة المعارض المصري ممدوح حمزة من الخارج والإفراج عن الرئيس السابق للجهاز المركزي للمحاسبات المستشار هشام جنينة، ومن قبلهما الإفراج عن رجل الأعمال صفوان ثابت ونجله، تساؤلات بشأن ما إذا كانت مصر مقبلة على انفراجة سياسية، أم إن ما جرى مجرد إجراءات منفردة تخص أسماء بعينها.
ففي 13 فبراير/شباط الجاري، عاد حمزة إلى القاهرة بعد 3 سنوات قضاها في الخارج، وبعدما رفعت السلطات اسمه من قوائم الإرهاب.
وفور عودته قال حمزة -في مقطع فيديو نشره على فيسبوك- إنه متفائل بحدوث انفراجة سياسية في البلاد، وطالب النظام السياسي بفتح ذراعيه لكثيرين من المخلصين الموجودين بالخارج أو السجون، مؤكدا أن الأمر لابد وألا يتوقف عنده وحده.
وقد فتحت هذه الخطوات أبواب الأمل أمام كثيرين بعضهم يعيش خارج البلاد منذ نحو 10 سنوات، وغالبيتهم يعيشون في غياهب السجون.
فقبل عودة حمزة بأقل من أسبوعين، أفرجت السلطات المصرية عن رجل الأعمال ثابت ونجله سيف، بعد أكثر من عامين من التوقيف، ورفعت اسمه من قوائم الإرهاب.
وبعد يومين من عودة حمزة، أفرجت السلطات عن الرئيس السابق للجهاز المركزي للمحاسبات بعدما قضى حكما بالسجن 5 سنوات بسبب نشر تصريحات “مسيئة” تتعلق بالفساد الحكومي.
تفاؤل بانفراجة قريبة
أمام هذه المقدمات، عبر معارضون مصريون في الخارج عن رغبتهم في معرفة الشروط التي يمكن على أساسها اعتبارهم “مصريين مخلصين” على غرار حمزة.
وكان حمزة قال في تسجيله إن ضابطا كبيرا أبلغه، فور وصوله، بأن مصر تفتح ذراعيها لكل أبنائها المخلصين لكي تستفيد منهم.
خالد إسماعيل، عضو المكتب السياسي لحركة 6 أبريل، تساءل على “فيسبوك” عن “الأماكن التي تعطي كورسات في الإخلاص حتى يصبح ابنا مخلصا يمكنه العودة إلى بلده”.
كما كتب صفوان محمد، وهو عضو سابق بحزب الدستور ويقيم في ألمانيا منذ نحو 8 سنوات، أنه “من أبناء مصر المخلصين المنفيين في الخارج ويريد العودة” لكنه تساءل عمن يحدد هؤلاء المخلصين وكيفية تحديدهم.
محمد نور، وهو شخص يعرف نفسه بأنه سياسي، كتب أن عودة حمزة وخروج جنينة لا تعني أبدا أنهما بريئان مما نسب إليهما من تهم، أو أنهما لم يستحقا العقاب هربا وسجنا، لكنها تعني أن البلد قررت منحهما “فرصة جديدة” بناء على مخرجات الحوار الوطني.
وأضاف نور عبر “فيسبوك” أن الدائرة ستتسع لتشمل الجميع باستثناء الإخوان المسلمين، مشيرا إلى أن “من لم يتورطوا في العنف أو يحرضوا عليه، سيعاد دمجهم في المجتمع”.
أما الصحفي حسام السكري فعبر عن سعادته للإفراج عن جنينة، معربا عن أمله في الإفراج عن كل أبناء مصر المخلصين.
في السياق، أبدى المهندس طارق الملط العضو المؤسس بحزب الوسط المصري، وهو أحد الأحزاب التي عارضت عزل الرئيس مرسي، ويقيم في مصر حاليا، تفاؤلا بهذه الخطوات واعتبر أنها “دليل على وجود تيار رشيد داخل منظومة الحكم”.
وكتب على “فيسبوك”: نتمنى مزيدا من الأخبار السارة والإفراجات ورفع الحظر، وأن تبدأ مرحلة من التهدئة والانفتاح على الآراء المعارضة، ودعا الجميع إلى: التوقف عن التحريض والكراهية والحلول العنيفة وتشجيع هذا التيار الحكيم داخل منظومة السلطة على المضي قدما في هذا المسار.
قرارات فردية
السياسي المعارض أيمن نور يرى أن العودة للوطن فكرة تتماشى مع الدستور المصري ابتداء، ومع كافة القوانين الدولية المعمول بها، لكنه قال إن هذا الحق بالنسبة للمصريين كان مهددا خلال السنوات العشر الأخيرة على نحو لم يحدث في ظل أي نظام سياسي سابق.
وفي حديثه للجزيرة نت، قال نور إن المصريين في الخارج منعوا من العودة لبلادهم ماديا من خلال رفض تجديد جوازات سفرهم، وهي طريقة لم تستخدم أبدا منذ 1952، ومعنويا من خلال تلفيق الاتهامات أو ما يعرف بـ “مصيدة المطار”.
تقريب المسافات
ولإثبات جدية السلطات في تقريب المسافات مع المعارضة، طالب نور السلطات باتخاذ خطوات أولية منها السماح بتجديد جوازات سفر المعارضين بالخارج، للتأكد من وجود “انفراجة حقيقية” مضيفا أن الحديث عن انفراجة سياسية يتطلب إعلانا رسميا يضعها في سياق الأمر الواقع، فضلا عن إيجاد آلية لإعادة إجراء محاكمات عادلة للمطلوبين في الخارج.
وأكد نور أن حمزة لم يتمكن فعلا من تجديد بطاقته الشخصية وجواز سفره ورخصة القيادة الخاصة به كما أشيع، مشيرا إلى أنه حصل على وعد بإنهاء المشكلة خلال الأيام المقبلة.
أما المستشار جنينة، فقد حوكم عسكريا ولم يحصل على إفراج بنصف المدة أو 3 أرباع المدة كما حدث ويحدث مع عتاة المجرمين، ولم يستفد من الإفراج المشروط وقضى 5 سنوات كاملة، وعرض على نيابة أمن الدولة لمواجهة اتهامات جديدة تتعلق بنشر أخبار كاذبة عام 2018، وهو ابتزاز سياسي واضح لإجباره على الصمت، حسب كلام نور.
وخلص إلى أن ما حدث لحمزة وجنينة بشكل شديد الخصوصية لا يمكن اعتباره دليلا قويا على انفراجة وشيكة.
بدوره قال مدير المركز العربي للبحوث والدراسات بالقاهرة هاني سليمان إن الفترة الأخيرة شهدت العديد من الخطوات التي تشي بحدوث انفراجة على أكثر من مستوى، بما في ذلك إطلاق الحوار الوطني، وأضاف -في حديثه للجزيرة نت- أن أحد أهم المؤشرات تمثل في العفو عن العديد من السجناء.
ويعتقد سليمان أن ملف المعتقلين يحظى باهتمام سياسي كبير، إلى جانب الرغبة في فتح الباب أمام بعض الأسماء للانخراط في العمل السياسي، ولعل عودة حمزة والإفراج السلس عن جنينة يدعم هذه الفرضية.
وأعرب المتحدث عن قناعته بأن الفترة المقبلة ستشهد الإفراج عن الكثير من الأسماء، والسماح لكثيرين بالعودة بما في ذلك جماعة الإخوان المسلمين.