جاء الإصدار الجديد لفيلم “غودزيلا ضد كونغ: الإمبراطورية الجديدة” (Godzilla x Kong: The New Empire)، ليفجر مفاجأة في أول أسابيع عرضه العالمي، إذ بلغت إيراداته ما يغطي تكلفته إنتاجه، وكان الجزء الأول من الفيلم نفسه قد صدر عام 2012.
باع الفيلم، الذي أخرجه آدم وينغارد، تذاكر بنحو 209 ملايين دولار حتى الآن محققا إيرادات بلغت 195 مليون دولار، ليتجاوز تكلفة إنتاجه التي بلغت 153 مليون دولار، كما نال تقييما عاليا من قبل الجمهور على موقع روتين توميتوز وصل إلى 92%.
إنه موسم “غودزيلا” مرة أخرى مع الإصدار المسرحي العالمي لفيلم “غودزيلا ضد كونغ” في نهاية الأسبوع الماضي. وهذه هي المرة الثانية التي يظهر فيها “غودزيلا” و “كينغ كونغ” في فيلم معا في الآونة الأخيرة، حيث كان فيلم “غودزيلا ضد كونغ” لعام 2021 هو الجزء الأول. وكلاهما من إخراج آدم وينجارد.
وظهرت شخصية غودزيلا أول مرة منذ 70 عاما، حيث تم إصدار أول فيلم عنها عام 1954 في طوكيو باليابان من إخراج إيشيرو هوندا، وانطلقت بعد الشخصية الخيالية لتقدم في عدد كبير من النماذج التي تراوحت بين 11 و33 شكلا، صممت عبر 38 فيلما، وأنتج منها 33 فيلما في اليابان و5 في الولايات المتحدة الأميركية.
لكن ما هذا “الغودزيلا” الذي يسبب الرعب منذ ما يزيد على 7 عقود؟
الوحش الحجري
استلهمت شخصية غودزيلا من الفيلم الذي عرض عام 1953 تحت اسم “الوحش الحجري (من 20 ألف قامة)” (The Monster from 20,000 Fathoms)، من إخراج يوجين لوري، وفيه يتم إيقاظ وحش عملاق بسبب انفجار قنبلة ذرية، وظهر الوحش بصورة أقرب إلى الديناصورات في هذه النسخة، وحملت نسخة فيلم “هوندا غودزيلا” التي صدرت في العام التالي بعض التشابه معها، أيضا.
وما قد لا يعرفه المشاهد هو أن مخلوق “غودزيلا” كان يُنظر إليه على أنه رمز للقنابل الذرية التي أسقطتها الولايات المتحدة على ناغازاكي وهيروشيما في أغسطس/آب 1945.
وقال كازو واتانابي، رئيس قسم الأفلام في الجمعية اليابانية، وهي مركز ثقافي في نيويورك، في مقابلة مع شبكة “إن بي سي نيوز” عام 2020: “يذكرنا غودزيلا بأن لدينا القوة الرهيبة لخلق وحوشنا الخاصة والمساهمة في تدميرنا”.
ووفقا لتقاليد المعجبين، فإن غودزيلا هو “كايغو” من الزواحف، أو “الوحش الكبير”، الذي لديه القدرة على إصدار زفير ذري يحمل القدرة التدميرية للانفجار النووي. ومن المفترض أن يبلغ طول غودزيلا 50 مترا، ويزن 20 ألف طن.
وتم إنشاء اسم (Godzilla) الأول “غوجيرا” (Gojira) بواسطة أستوديوهات “توهو” (Toho) في اليابان عام 1954، من مزيج من كلمتين يابانيتين: “Gorira” والتي تعني غوريلا، و”Kujira” والتي تعني الحوت.
ووفقا لستيف رايفل، مؤلف كتاب “السيرة الذاتية غير المصرح” للغوريلا الخيالية، فإنه “كان هناك زميل ضخم يعمل في قسم الدعاية في أستوديوهات توهو، وكان زملاؤه يلقبونه بالغوريلا”، وينسب البعض ابتكار الاسم إلى المنتج تومويوكي تاناكا، لأنه المنتج الأول للسلسلة.
ولم يتغير ممثل شخصية “غودزيلا” على مدى 18 عاما؛ إذ ارتدى الممثل هارو ناكاجيما زي الوحش الأصلي من عام 1954 إلى عام 1972 على مدار 12 فيلما.
بدأ ناكاجيما التمثيل في أفلام الساموراي لصالح أستوديوهات توهو ولعب دور البطولة في الفيلم الكلاسيكي لكوروساوا أكيرا عام 1954 بعنوان “الساموراي السبعة” (Seven Samurai)، لكن فيلم الحرب الياباني “نسر المحيط الهادي” (Pacific Eagle)، الذي صدر أيضا عام 1954، هو الذي جعل المنتجين ينتبهون إلى شجاعة ناكاجيما، الذي اضطر إلى أداء مهمته الخاصة، حيث قفز من طائرة تشتعل فيها النيران.
وفي مقابلة عام 2017 مع شركة “غريت بيغ ستورى، وهي شركة أفلام مقرها لندن، تنتج أفلاما وثائقية قصيرة، قال ناكاجيما: “رأى السيد هوندا مشهد الطائرة المشتعلة، وقال: “هذا الرجل مليء بالطاقة”. لقد جاؤوا لرؤيتي كشخص، كان لدي الشجاعة، وأعتقد أن هذا هو السبب الذي جعلهم يريدون مني أن أقوم بدور غودزيلا”.
وتزن بدلة غودزيلا الأصلية نحو 100 كيلوغرام. وتم استخدام الخرسانة الجاهزة لأن المطاط لم يكن متاحا بسهولة في ذلك الوقت، ثم استخدمت بدلات غودزيلا الخيزران وسلك الدجاج والوسائد واللاتكس.
غودزيلا بين الأمس واليوم
دمر أول غودزيلا في عام 1954 المدن، حين حاولت الحكومة والجيش إيقافه. وفي متابعة لنجاحه قدم صنّاع السلسلة وحشا مضادا له في فيلم “غودزيلا يهاجم مرة أخرى” (Godzilla Raids Again) 1955، وهو ما تحول إلى مصدر إلهام للأفلام التالية التي يقاتل فيها غودزيلا خصمه كايغو، وتم تقديم فريق جديد من الوحوش، بينهم موثرا وغيدورا.
وعادت السلسلة للحياة عام 1984 مع عودة غودزيلا إلى عام 1995، وفي مرحلة تالية، قدمت في نسخة ألفينية في الفترة من 1999 إلى 2004.
وحصل ” غودزيلا” على العديد من الجوائز، بما في ذلك جائزة الأوسكار لأفضل مؤثرات بصرية، وجوائز الأكاديمية اليابانية للأفلام، وجوائز الأفلام الآسيوية، وتم تصوير أفلام غودزيلا باستخدام ممثل يرتدي بدلة وحش في بيئة مصغرة لسنوات عديدة.
وفي عام 1998، كان المخرج السينمائي وكاتب السيناريو الألماني رولاند إميريش مسؤولا عن إنشاء نسخة أميركية، وهو ما أدى إلى إنشاء غودزيلا باستخدام الكمبيوتر، وفي عام 2014، أخذ المخرج غاريث إدواردز غودزيلا في اتجاه جديد في فيلمه بطولة كين واتانابي. فقد جعلها بارتفاع 110 أمتار وطول ذيل يبلغ 150 مترا، وكانت هذه نسخة -بالتحديد- ذات مؤثرات خاصة تبلغ أكثر من ضعف حجم غودزيلا عام 1954.
لماذا تحظى غودزيلا بشعبية كبيرة؟
كان لقصة أصل غودزيلا في عام 1954 سياق وثيق الصلة، لكونها إشارة إلى مآسي القنابل الذرية التي أسقطتها الولايات المتحدة على هيروشيما وناغازاكي.
لكن “عروض الدمار العميقة، التي لم يسبق لها مثيل في صور الخيال العلمي الأميركية، حيث أصبحت الوحوش شخصيات ذات شخصيات وشجاعة بطولية هي التي استحوذت على إعجاب الجماهير في العقود التالية، وأصبحت شخصية غودزيلا رمزا ثقافيا لليابان لدرجة أنها في عام 2014، عين جناح شينغوكو المركزي في طوكيو غودزيلا سفيرة للسياحة.
وخلال حفل إزاحة الستار في المقر الرئيسي لأستوديوهات توهو في طوكيو، والذي يضم تمثال غودزيلا العملاق، قال عمدة شينجوكي كينيتشي يوشيزومي: “غودزيلا هي شخصية تمثل فخرا لليابان”.
كان غودزيلا مخلوقا تم تجديده على مر السنين، وليس فقط الشخصية السينمائية، وإنما تظهر في العديد من الوسائط، بما في ذلك الكتب المصورة والأفلام والمسلسلات التلفزيونية والرسوم المتحركة.
في عام 2017، أصدرت منصة نتفليكس فيلم رسوم متحركة بعنوان “غودزيلا: كوكب الوحوش” (Godzilla: Planet of the Monsters)، وفي عام 2021، تم إصدار سلسلة الرسوم المتحركة اليابانية “غوزيلا: نقطة وحيدة” (Godzilla Singular Point).
ونالت الشخصيات الأخرى التي ظهرت في أفلام غودزيلا الشهرة أيضا، حيث تمت إعادة تقديم الشخصيات الكلاسيكية من عصر “شوا” وإعادة اختراعها بقصص جديدة، وشملت وحوشا مثل “موثرا” و”غيدورا”، بالإضافة إلى شخصيات أحدث مثل سكار كينغ، وهو مخلوق ضخم قائم على الرئيسيات ظهر في الجزء الجديد من السلسلة.