فزغلياد: ما الذي يستعد له جيشا روسيا وبيلاروسيا؟
مع دخول الحرب في أوكرانيا مرحلة معقدة وتزايد التهديدات تعمل كل من روسيا وبيلاروسيا على تكثيف التعاون العسكري بينهما في ظل الحاجة إلى اختبار مدى استعدادهما القتالي.
هذا ما جاء في تقرير نشرته صحيفة “فزغلياد” الروسية والذي يقول فيه الكاتبان داريا فولكوفا ويفغيني بوزدنياكوف إن التعاون الأمني بين موسكو ومينسك وصل إلى مستوى غير مسبوق، فيما “زادت استفزازات كييف على الحدود الأوكرانية البيلاروسية”، حسب قولهما.
ووصف التقرير زيارة القائد العام للقوات البرية الروسية أوليغ ساليكوف إلى بيلاروسيا بأنها خير دليل على هذا التعاون الوثيق، خاصة أن هذه رحلته الأولى منذ تعيينه يوم الأربعاء الماضي.
وأضاف أن ساليكوف اطلع على وضعية القوات المشتركة بين البلدين إلى جانب فحص أماكن إقامة الجنود، وأن هدفه من ذلك هو التحقق من القدرة القتالية للقوات هناك في ظل تزايد التهديد الذي تواجهه بيلاروسيا، وفقا للكاتبين.
وأشار الكاتبان إلى اتهامات بيلاروسيا لأوكرانيا بنشر ما يصل إلى 15 ألف مقاتل على الحدود بين البلدين.
ونقلا عن رئيس لجنة الحدود البيلاروسية أناتولي لابو قوله إن “القوات الأوكرانية فجرت تقريبا جميع الجسور المؤدية إلى غوميل وموزير في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، حيث رُصد تزايد في الحوادث الاستفزازية من الجانب الأوكراني منذ ديسمبر/كانون الأول الماضي”.
وأوضح الكاتبان أن الوحدات الروسية والبيلاروسية المضادة للطائرات والصواريخ التابعة لها نقلت إلى المناطق المحددة واستعدت لمهماتها القتالية لحماية بيلاروسيا من “الاستفزازات الجوية المحتملة”.
وقالا إن العدد الإجمالي للجنود الروس في المنطقة لا يتجاوز 9 آلاف فرد، ومن المخطط له أن تزودهم روسيا بحوالي 170 دبابة وما لا يقل عن 200 مركبة قتالية مدرعة، فضلا عن 100 بندقية وقذيفة هاون من عيار يزيد على 100 ملم، كما شرعت موسكو ومينسك في التنسيق القتالي للتشكيلات والوحدات في بيلاروسيا.
في المقابل -يقول الكاتبان- يقوم آلاف الجنود الأوكرانيين على الحدود البيلاروسية بتجهيز نقاط تفتيش ومواقع إطلاق النار، وهو ما قالا إنه يمثل تهديدا لبيلاروسيا، الأمر الذي اضطرها إلى استقدام 500 ألف مجند أو النظر في إمكانية نشر أسلحة نووية على أراضيها في حال وجود تهديد مباشر من الناتو، وفقا للكاتبين.
أهمية الشراكة بين موسكو ومينسك
ونقل التقرير عن الخبير العسكري البيلاروسي ألكسندر أليسين قوله إن التعاون بين روسيا وبيلاروسيا وصل إلى مستوى غير مسبوق، ولعل هذا ما تؤكده الزيارة الأخيرة للقائد العام للقوات البرية الروسية إلى بيلاروسيا، لكن هذا التعاون بعيد عن كونه مثاليا، ذلك أنه من المهم أن تتوافق المعدات التقنية للجيش البيلاروسي مع الجيش الروسي.
ويضيف الخبير العسكري أن ما تملكه مينسك من تقنيات عسكرية متقادم مقارنة بنظيرتها الروسية، وهي تعمل على تقليص هذه الفجوة من خلال التزود بأنظمة الدفاع الجوي “إس-400” (S-400) وأنظمة إسكندر التكتيكية، ويؤكد أليسين أنه من الضروري تزويد بيلاروسيا بدبابات قتالية أكثر حداثة، لأن جزءا من الترسانة الحالية يعود إلى التسعينيات.
وحسب الخبير العسكري الروسي فلاديمير غونداروف، يمكن لروسيا أن تساعد القوات المسلحة البيلاروسية من خلال تزويدها بكل ما تحتاجه من الناحية التكنولوجية.
لكن غونداروف يرى أنه لا يمكن اعتبار الجيش البيلاروسي شريكا جادا للاتحاد الروسي، سواء من حيث عدد القوات أو المعدات التقنية، مشيرا إلى أن أراضي هذا البلد والفرص اللوجستية الناشئة عن تضاريسه الجغرافية تلعب دورا مهما للغاية بالنسبة للجيش الروسي نظرا للوضع الحالي في أوكرانيا.
لكنه يعتقد أنه لا أمل في مشاركة القوات المسلحة البيلاروسية مباشرة في الصراع، لأن ذلك ستكون له تداعيات سلبية لن تخدم مصالح روسيا أو مصالح ألكسندر لوكاشينكو، ناهيك عن أن عدد قوات جيش مينسك لا تذكر مقارنة بالأهداف التي تسعى موسكو إلى تحقيقها في أوكرانيا.
أما في ما يتعلق بتكثيف التعاون مستقبلا مع بيلاروسيا فإن الهدف الرئيسي من ذلك سيكون احتواء التهديد البولندي، خاصة أن الجزء الغربي من أوكرانيا كان في الماضي تابعا لبولندا، وهذا يعني أنه إذا اكتسبت بولندا موطئ قدم لها في تلك الأراضي فإن مينسك لن تكون في مأمن.
يشار إلى أن بولندا أعلنت بالفعل عن التعبئة بزيادة عدد قواتها إلى 260 ألفا.