كيفن مكارثي فشل في الفوز برئاسة مجلس النوب رغم إعادة التصويت 3 مرات ورغم أغلبية حزبه (رويترز)

كيفن مكارثي فشل في الفوز برئاسة مجلس النوب رغم إعادة التصويت 3 مرات ورغم أغلبية حزبه (رويترز)

واشنطن- بينما تصوّر أكثر الجمهوريين تشاؤما بداية عسيرة في اختيار رئيس جمهوري لمجلس النواب الأميركي، لم يتخيل أحد أن ينتهي يوم الثالث من يناير/كانون الثاني الجاري دون حسم هذه النقطة الخلافية بين تيارات الحزب، ليكشف عن بداية “كارثية” للجمهوريين بعد فوزهم المتواضع في الانتخابات النصفية بنوفمبر/تشرين الثاني الماضي.

وفشل النائب الجمهوري من ولاية كاليفورنيا كيفين مكارثي في الحصول على الأغلبية المطلوبة لفوزه، رغم تكرار التصويت 3 مرات دون نجاح، وهو ما دفع لإرجاء مجلس النواب التصويت حتى اليوم الأربعاء.

 

ويبلغ عدد الجمهوريين في المجلس الجديد 223 نائبا، مقابل 212 لنواب الحزب الديمقراطي. ويحتاج زعيم الأغلبية الجمهورية مكارثي إلى 218 صوتا لكي يُنتخب رئيسا، غير أن الخلافات داخل أغلبيته أفشلت ذلك على ما يبدو.

House GOP Leadership Press Conference
مكارثي يواجه صعوبات في الحصول على أصوات زملائه الجمهوريين المؤيدين لترامب (رويترز)

تاريخية الحدث

وتُعد هذه المرة الثانية في التاريخ الأميركي التي يفشل فيها مجلس النواب في اختيار رئيس له، وسبق للكونغرس الفشل في اختيار رئيسا لمجلس النواب قبل قرن من الزمان، عندما انتزعها فريدريك جيليت بعد 9 جولات من التصويت.

ودون رئيس لمجلس النواب، يصبح المجلس في حالة جمود ولا يمكنه القيام بأي نشاط. ولم يؤدّ أعضاء المجلس الجدد اليمين الدستورية رسميا، التي لا يمكن أن تتم حتى انتخاب رئيس جديد له.

ورغم كل هذه الإثارة والفوضى، لا يتوقع الخبراء أن تخرج النتيجة النهائية بعيدا عن انتخاب رئيس جمهوري للمجلس، سواء كان كيفين مكارثي أو مرشحا آخر.

 

شبح دونالد ترامب

أثبتت ما توصف بـ”كارثة” اختيار رئيس جمهوري لمجلس النواب أن الجمهوريين لا يزالون في حالة فوضى وأزمة هوية حزبية تسبب فيها بالأساس الرئيس السابق دونالد ترامب، حيث اصطدم مكارثي مبكرا بتجمع الحرية (مجموعة من أنصار ترامب اليمينيين) لأسباب مختلفة.

والبعض من هؤلاء لم يغفر لمكارثي موقفه بعد الهجوم على مبنى الكابيتول في السادس من يناير/كانون الثاني 2021، عندما قال إن ترامب يتحمل المسؤولية، وأخبر زملاءه أن الرئيس السابق يجب أن يستقيل.

غير أن مكارثي حاول ونجح بعد 3 أسابيع في الحصول على مباركة ترامب، بعدما توجّه إلى مقر إقامة الرئيس السابق بولاية فلوريدا للاعتذار عن موقفه.

وكشف مكارثي عن ولائه لترامب عندما أصبحت ليز تشيني، التي كانت ذات يوم العضو الجمهوري الثالث في مجلس النواب، من أشد المنتقدين لمحاولات ترامب قلب خسارته في الانتخابات، إذ أيّد مكارثي طردها من القيادة، وقام في وقت لاحق بحملة ضد إعادة انتخابها.

ويجمع بين رافضي مكارثي الولاء الشديد للرئيس السابق ترامب، لذا تجنب زعيم الأغلبية الإشارة لترامب في انتقاده للأعضاء المعارضين له. وقال إن الذين ينظمون معارضة ضد انتخابه هم “يحاولون القتال من أجل أغراضهم الشخصية بدلا من القتال من أجل البلاد”.

ويصف بوب جود، عضو المجلس الجمهوري من ولاية فرجينيا، وهو من أشد أنصار ترامب، مكارثي بأنه عضو في “كارتل المستنقعات الحزبية بواشنطن”، في حين اعتبر سكوت بيري، عضو المجلس الجمهوري عن ولاية بنسلفانيا، بأنه فشل “مرارا وتكرارا في إظهار أي رغبة في تغيير الوضع الراهن في واشنطن”. ووصفه مات غايتز، العضو الجمهوري من فلوريدا، مكارثي بأنه “أكبر تمساح في مستنقع واشنطن”.

وعلى النقيض، عبر بعض أشد مؤيدي ترامب عن دعمهم لمكارثي وعن غضبهم من زملائهم. ووصفت النائبة مارغوري تايلور غرين (جمهورية من ولاية جورجيا)، الفشل في انتخاب رئيس للمجلس بأنه “أسوأ شيء يمكن أن يحدث”. وقالت إن المعترضين الجمهوريين “يلعبون لعبة الروليت الروسية مع أغلبيتنا الجمهورية التي اكتسبناها بشق الأنفس”.

U.S. President Biden hosts "Respect for Marriage Act" signing ceremony at the White House in Washington
يتيح انقسام الجمهوريين هامشا من الراحة للديمقراطيين ولأجندة بايدن (رويترز)

غياب البديل

وفي خطاب أخير أمام زملائه أعضاء الحزب قبل التصويت، قال مكارثي “سأحصل على هذه الوظيفة” و”لن أرحل”. وكان الرجل مترددا في الدخول بمفاوضات مع منتقديه قبل أشهر على أمل أن يتمكن ببساطة من دفعهم إلى الخضوع. لكن في الأيام الأخيرة قبل التصويت، بدأ بالاستسلام لمطالبهم، غير أن ذلك لم يكن كافيا لإقناعهم بعدم حرمانه من المنصب، أو رفع تكلفة تغيير موقفهم لاحقا.

وبعد شهرين من تفكير الجمهوريين في سبب عدم فوزهم بأغلبية أكبر في انتخابات التجديد النصفي، كانت مهمتهم الحقيقية الوحيدة مع بدء الكونغرس الجديد هي اختيار واحد منهم ليصبح رئيسا. وكان من المفترض أن تتم تسوية هذا الخيار نفسه داخل الحزب الجمهوري مباشرة بعد انتخابات نوفمبر/تشرين الثاني، عندما فاز مكارثي زعيما للجمهوريين، لكن ذلك لم يحدث.

ويملك الجمهوريون أغلبية 223 مقعد، وهو ما يعني إمكانية فوز مكارثي حتى لو فقد أصوات 5 أعضاء من حزبه. لكنه خسر 19 صوتا في أول اقتراعين، و20 صوتا في الاقتراع الثالث.

ولا يوجد منافس جاد لمكارثي، فقد حصل النائب آندي بيغز، الرئيس السابق لتجمع الحرية اليميني في المجلس، على 10 أصوات في الاقتراع الأول، وجاء في المرتبة الثانية بعد مكارثي.

وهكذا عكس اليوم الأول لسيطرة الحزب الجمهوري على مجلس النواب الصعوبات التي تواجه بقاء أغلبيته متحدة في مواجهة الرئيس جو بايدن. مع عدم وجود جهة واحدة تسيطر على توجهات الجمهوريين بالمجلس. ويتيح ذلك هامشا من المناورة للديمقراطيين الذين يتوجسون من بدء منافسيهم تحقيقات تنال من الرئيس بايدن وأفراد عائلته.

وتضع هذه التطورات عبئا كبيرا على مكارثي حال فوزه بالمنصب أيضا، إذ بات يتعين عليه الأخذ في الحسبان قوة التيار اليميني بالحزب، والذي لا يخدم سوى مصالح الرئيس السابق دونالد ترامب.

المصدر : الجزيرة

About Post Author