الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (وسط) خلال زيارة لمصنع بمدينة تولا الروسية في وقت سابق من أبريل/نيسان الجاري (رويترز)

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (وسط) خلال زيارة لمصنع بمدينة تولا الروسية في وقت سابق من أبريل/نيسان الجاري (رويترز)

نشرت مجلة “فورين أفيرز” (Foreign Affairs) مقالا تحليليا يستشرف مستقبل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في ضوء تطورات الحرب، وما قد تسفر عنه الانتخابات الرئاسية الروسية المقررة العام القادم.

وفي ضوء الظروف الاجتماعية والسياسية الحالية في روسيا فإن من يساورهم الشك في أن بوتين سيعاد انتخابه لفترة رئاسية سادسة قليلون، وفق المقال.

 

وحسب بعض وسائل الإعلام الروسية، فإن هدف فريق بوتين يتمثل في ضمان حصول الرئيس على أكثر من 77% من أصوات الناخبين التي حصل عليها عام 2018.

وتقول كاتبة المقال تاتيانا ستانوفايا -وهي محللة سياسية وزميلة أولى في مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي- إن هذا الهدف يبدو سهل التحقيق من الناحية النظرية، فالغزو الروسي لأوكرانيا يحظى بدعم شعبي واسع النطاق داخل روسيا، وتظهر استطلاعات الرأي أن نسبة تأييد بوتين تكاد تصل إلى مستوى قياسي.

كما يُحكِم الكرملين قبضته على وسائل الإعلام الروسية، ويمكنه بسهولة اعتقال أو إسكات الأصوات التي تنتقد النظام، كما أن المعارضة -التي يتحكم فيها النظام الروسي، والأحزاب السياسية المطيعة التي سمح لها الكرملين بتقديم مرشحين ضد بوتين- تدعم الرئيس، وفق ستانوفايا.

 

مخاطر التصعيد وسخط النخبة

ورغم كل ما سبق فإن الكاتبة ترى أن المستقبل اليوم ضبابي في موسكو، ولا يمكن التأكد مما ستتمخض عنه الأيام، فروسيا تعيش مرحلة من الضبابية لا يمكن معها التنبؤ بما سيحدث، كما لا يمكن لأي كان الشعور بالأمان، ويستعصي على صناع القرار وضع خطط حتى لو كانت للمدى القصير.

 

وتقول ستانوفايا إن تسجيلات سُربت مؤخرا لمحادثة بين المنتج الموسيقي الروسي الشهير يوسف بريغوجين والسيناتور السابق فرهاد أحمدوف تظهر سخطهما على القيادة الروسية، إذ يريان أن صنّاع القرار في البلاد لا يملكون القدرة على اتخاذ قرارات حاسمة، وزعما أن عددا من الشخصيات الروسية القوية -بمن في ذلك قائد الحرس الوطني- كانت تخطط ضد وزير الدفاع الروسي.

وترى الكاتبة أن ما ورد في تلك المحادثة المسربة يعكس ما يدور في كواليس النخبة الروسية وأحاديثها الخاصة عندما تأمن الرقيب، كما يشير إلى مستوى كبير من السخط في أوساطها.

وتقول إنه إذا ما حدث تصعيد عسكري كبير في الحرب فإن من شأن ذلك أن يقود إلى تفاقم مشاعر السخط تلك، كما سيضعف قدرة بوتين على الحفاظ على السيطرة داخليا.

كما ترى أن موسكو قد تضطر في ضوء هجوم الربيع الذي تستعد القوات الأوكرانية لشنه إلى الإعلان عن تعبئة عسكرية أخرى، مما سيؤدي إلى إثارة مزيد من القلق الشعبي يصعب التنبؤ بتداعياته.

 

مصير بوتين مرتبط بمآلات الحرب

وأبرز المقال أن الكرملين قد يكون واثقا من أن بوتين سيعاد انتخابه بهامش مريح، وهو أمر مرجح في الوقت الحالي، لكن الحرب تعني أن بوتين أصبح أكثر ضعفا مما يعتقده معظم الناس.

 

وأفاضت كاتبة المقال في سيناريوهات عديدة محتملة بشأن تطورات الحرب وما تعنيه بالنسبة لمستقبل بوتين، ومن ضمنها احتمال تعرض روسيا لإخفاقات عسكرية في ساحات المعارك بأوكرانيا خلال هجوم الربيع الذي تستعد له القوات الأوكرانية، واضطرار موسكو لبدء تعبئة شاملة للحرب.

وقالت إن الإخفاقات العسكرية والتعبئة قد تقود إلى اضطرابات اجتماعية، مما سيعزز سلطات دائرة بوتين الضيقة من قادة الأجهزة الأمنية والجيش، الأمر الذي قد يضعف سيطرة بوتين على إدارة سياسات البلد، إذ ستكون للمسؤولين الأمنيين كلمتهم، وقد يرفضون الانصياع لأوامره.

وتوقعت ستانوفايا أن تشهد روسيا -في ظل هذا السيناريو- مزيدا من الاعتقالات ومصادرة الممتلكات وعمليات التطهير، وقد تقود إلى صراعات بين مكونات النخبة الروسية المرتبكة بسبب تدهور الوضع.

وخلصت الكاتبة إلى أن ما سبق لا يعني أن النخب الروسية ستسعى للانقلاب على بوتين في المستقبل القريب، فالزعيم الروسي ما زال صاحب الصدارة حتى الآن، لكن الحرب تعيد تشكيل روسيا، وحرص بوتين على حشد موارد أكبر للصراع سعيا منه لتجنب الهزيمة يضعه في طريق محفوف بالمخاطر، ويربط مستقبله بمآلات الحرب التي يصعب التنبؤ بما ستفضي إليه.

المصدر : فورين أفيرز

About Post Author