القاهرة- لا جديد في فيلم “العنكبوت”، فيلم يمزج بين الكوميديا والأكشن، يلعب بطولته أحمد السقا ومنى زكي أشهر ثنائي في السينما المصرية خلال العقدين الماضيين، مع عدد من كبار الفنانين، في قصة مكررة وسيناريو ضعيف مع بعض مشاهد الحركة المنفذة بإتقان دون الاعتبار للمنطق.
تدور أحداث فيلم العنكبوت حول حسن (أحمد السقا) الذي يهب نفسه للانتقام من عصابة كبيرة لتجار المخدرات، تتورط معه المرشدة السياحية ليلى (منى زكي) بالصدفة كالعادة، لتشاركه انتقامه من العصابة، التي يقودها ظافر العابدين وتضم أيضا زوجته يسرا اللوزي ومحمد لطفي وأحمد فؤاد سليم.
الملاحظة الأهم بعد مشاهدة الفيلم هو أنه طويل نسبيا، يقترب وقته من الساعتين ويمكن اختصار نصف الساعة من زمنه دون تأثير، يكفي أن نصف ساعة مرت دون أن يظهر البطل أحمد السقا سوى في مشاهد قليلة للغاية ولم تظهر منى زكي إطلاقا، وقدم المخرج مشاهد حوارية طويلة تدور بين أفراد العصابة، كلام مكرر عن عمليات تهريب المخدرات، مقتل زعيم العصابة وخلافة ابنه له، والاعتراض على طريقة الابن الصارمة في قيادة المنظمة الإجرامية.
لا جديد
في كل مشهد من “العنكبوت”، يمكنك أن تتذكر مشهدا مماثلا في السينما المصرية أو العالمية، فحتى البطلة ليلى (منى زكي) تتورط مع البطل حسن (أحمد السقا) في صراعه بالصدفة، مثلما تورطت زكي نفسها مع كريم عبد العزيز في فيلم “أبو علي” للمخرج أحمد جلال نفسه، إلى مشاهد الحركة، والعصابة التي تتحدث كأنها عصابة “المافيا”، وحواراتها عن الوريث الشرعي للقيادة عقب مقتل زعيمها، كل شيء يضعنا في أجواء أفلام الحركة الأميركية.
فن التحالف مع السلطة
ينبغي ألا ننسى هنا أن الفيلم يتم تصويره منذ سنوات، وتسببت أزمة كورونا في تعطيل عرضه عدة مرات، كما انتهى تصويره في ديسمبر/كانون الأول 2020، فإذا حدث تشابه بينه وبين عمل درامي آخر ظهر خلال السنوات الماضية، فليست هذه مشكلة صناع العنكبوت على الأرجح.
وإذا كنت شاهدت الحلقة الأخيرة من مسلسل “المشوار” للفنان محمد رمضان في شهر رمضان الماضي، فلن تختلف نهاية “العنكبوت” عنه كثيرا، مما يدفعنا للتساؤل جديا إذا كان ذلك مجرد توارد أفكار، أم أن جهة رقابية ما تحدد الضوابط أن أي فنان يلعب دورا يخرج فيه عن القانون لا بد أن يتحالف في النهاية مع السلطة للإيقاع بالمجرمين، فيشكره الضابط المسؤول على تعاونه ويعطيه وعدا أنه سيتناسى جرائمه السابقة ويساعده للحصول على البراءة، فهذا لم يعد زمن النهاية الأخلاقية فحسب، بل النهايات التي ترضي الأجهزة الأمنية!
مشاهد سياحية
تهتم أفلام الأكشن المصرية خلال السنوات الأخيرة بمدى براعة تصوير المشاهد دون الاهتمام كثيرا بالقصة أو السيناريو، وفي “العنكبوت” كان الاهتمام أولا بأماكن التصوير، وأن تقدم صورة جميلة لمصر السياحية، وما عدا ذلك ليس مهما.
على المُشاهد أن يتغاضى عن البطل الذي وضع شبكة من الحبال فوق جسر “تحيا مصر” على النيل، ليقفز من أعلاه على سيارة نقل ضخمة، أو معركة بالأسلحة النارية تدور في معبد الكرنك بالأقصر دون تدخل الشرطة، أو أن يقفز البطل والبطلة من شرفة غرفتيهما في فندق فاخر ليسقطا في حمام السباحة ويخرجا منه فورا أمام أنظار ضيوف الفندق، ناهيك عن القصر الفاخر الذي يعيش فيه السقا والمحمي بنظام أمني محكم وكأننا في أحد أفلام جيمس بوند.
المخرج
يبدو المخرج أحمد نادر جلال بعيدا عن أفلام الأكشن التي نجح بها نجاحا جماهيريا، وهو صاحب كثير من العلامات التجارية المميزة خلال سينما الألفية، مثل أفلامه التي تميز فيها السيناريو كثيرا على غرار “واحد من الناس” و”فاصل ونعود” مع كريم عبد العزيز أو “ألف مبروك” مع أحمد حلمي، لكنه هنا يعتمد على سيناريو ضعيف ليقدم فيلما استهلاكيا لجمهور عيد الفطر، وهو ما نجح فيه إلى حد كبير.
الثنائي
أصبح السقا ومنى زكي أشهر ثنائي في السينما المصرية خلال العقدين الماضيين، منذ جمعهما فيلم “صعيدي في الجامعة الأميركية” عام 1998، وانطلق الاثنان للبطولة المطلقة بعدها، فقدما معا أفلام “أفريكانو” و”مافيا” و”عن العشق والهوى” و”تيمور وشفيقة” و”من 30 سنة”، آخر تعاون بينهما والذي عرض في موسم عيد الفطر 2016.
في “العنكبوت” لا تزال منى زكي تحتفظ ببريقها وجاذبيتها، بينما شيء ما يفتقده السقا في أدائه، فالسقا الذي يبلغ من عمره نحو 50 عاما ليس هو السقا الذي رأيناه في “شورت وفانلة وكاب” و”تيتو” و”الجزيرة”، صحيح أنه يحافظ على رشاقته، لكن ملامح وجهه وامتلاء جسده لم يعد يمنحانه صورة بطل الأكشن المعتادة.
حاول المؤلف محمد ناير أن يضع إفيهات مضحكة من حين لآخر، وسط مشاهد الأكشن أو مشاهد حوارات العصابة المملة، لكن نادرا ما استطاعت هذه الإفيهات انتزاع ضحكات الجمهور، وساعد ظهور نجم الكوميديا شيكو كضيف شرف في إضافة الكثير للفيلم مثلما فعلت شيماء سيف في مشهدها الوحيد.
أما باقي النجوم من الفنانين مثل محمد ممدوح وظافر العابدين ويسرا اللوزي وأحمد فؤاد سليم وزكي فطين عبد الوهاب، فشخصياتهم كلها نمطية لا يمكن الارتباط بها أو فهم دوافعها، وكأن المخرج يحشد أسماء كبيرة ستنتقم من بعضها في النهاية كالعادة.