فيلم “القيامة” (Resurrection) عام 2022، دراما نفسية مدتها 103 دقائق، للكاتب والمنتج والمخرج الأميركي أندرو سيمانز (مواليد 1988). وهو عمل يحاول كشف الآثار طويلة المدى لسوء المعاملة، وتم عرضه ضمن فعاليات مهرجان صندانس السينمائي لعام 2022، الذي أقيم في لندن الفترة من 9 – 12 من الشهر الجاري، ومن المنتظر نزوله لدور العرض في 5 أغسطس/آب القادم.

وهو من بطولة الممثلة البريطانية ريبيكا هول، التي رُشحت من قبل لجائزتي “بافتا” وسبق لمهرجان صندانس أن عرض لها فيلم الرعب النفسي “ذا نايت هاوس” (The Night House) عام 2020، قبل أن تعود إليه عام 2021، بالفيلم الدرامي “باسينغ” (Passing) في أول عمل لها كمؤلفة ومخرجة، ورشح لـ 4 جوائز بافتا، أمام النجم البريطاني تيم روث الذي سبق أن رُشح للأوسكار.

 

تدور الأحداث حول امرأة تكافح بجدية لتوازن بين متطلبات حياتها المهنية، وبين رعايتها المنفردة لأسرتها، كأم “عزباء” لديها سر كبير، يجعلها تحاول حماية ابنتها، قبل أن تنقلب حياتها إلى جحيم، بعد الظهور المفاجئ لرجل قادم من ماضيها، مما يجبرها على مواجهة هذا الوحش الذي هربت منه منذ عقود، في أجواء من الرعب.

موهبة هول الهائلة

“القيامة” عمل يرى الناقد السينمائي ديفيد ايرليش أنه “مُربك بشكل مثير للإعجاب، يغريك بشعور زائف بالأمان، بعد أن يجعل من الصعب عليك التخلي عن حذرك في الدقائق العشرين الأولى التي تبدأ بمكان عمل بارد وبسيط، ودراما بين أم وابنتها، ثم تنفجر لتتحول إلى إثارة نفسية مرعبة”.

 

وقد اعتبره الناقد جوردان راوب “من أكثر تجارب المشاهدة إثارة للقلق حتى الآن” فهو يقدم عرضا رائعا إضافيا للموهبة الهائلة للنجمة هول التي ترى الناقدة جيسيكا كيانغ أن هناك عددا قليلا جدا من الممثلين “الذين يتمتعون بقدرتها وموهبتها في تجسيد الشخصيات الصعبة، والذكاء في تصوير عدم الاستقرار العقلي والسلوكي”.

ويُعتبر “القيامة” بالنسبة للناقد وليام بيباني أنه “فيلم إثارة غريب للغاية وصادم حقا، ولا يوجد فيه شيء غير مخيف” لكنه يرى أن هول “مؤدية بارعة، وواحدة من الأفضل في نقل الصدمات النفسية المعقدة، فمشاهدة شخصيتها الواثقة تتكسر في مشهد مزعج، لا تجعلنا نحتاج لمعرفة تفاصيل ألمها، بعد أن جعلنا نثق بألمها”.

كما يقول تود مكارثي، عن هول “إن مجرد وجودها يضفي إحساسا بالذكاء الواثق على أي شخصية تلعبها”. أما الناقد بنيامين لي، فقد وصل في انبهاره إلى القول إن ” أداء هول جاء أعظم من الفيلم نفسه”.

مارغريت القوية الخائفة

“القيامة” حول الصدمة والحزن والجنون لدى امرأة “تسبب ماضيها المؤلم في إفساد الحياة الهادئة التي بنتها كسيدة أعمال ناجحة وأم” كما تقول الناقدة كارين جيمس.

 

حيث نرى مارغريت (هول) “امرأة تنزلق شخصيتها من الخوف والقلق، إلى الغضب الشامل و(البارانويا) المشروعة” تطاردها صدمة شبابها، فتجعلها مليئة بالغضب ومحاطة بالتهديد و”تبدو كبرج شاهق من القوة، لكنه مبني على أساس من الضعف” على حد وصف بنيامين لي.

فبطلة الفيلم “يتسبب هوسها بالحفاظ على ابنتها في تعريض الفتاة لمزيد من الخطر، ويجعلها خوفها من العالم شخصية مُخيفة للغاية”.

ففي البداية، ومن خلال مكتب بجدران زجاجية، نتعرف على مارغريت، كمديرة تنفيذية ناجحة، بشعر مستعار أنيق وبدلة عمل رمادية، لديها شقة مجهزة جيدا شمال نيويورك، تبدو شخصية طموحة، وامرأة قوية وداعمة بشكل مثير للإعجاب، وأم “عزباء” لمراهقة على وشك دخول الجامعة، هي آبي (غريس كوفمان) التي لا تعرف شيئا عن محنة والدتها، سوى أنها وجدت يوما ضرسا بشريا في محفظتها فأصبحت ضحية لنوع مختلف من الصدمات العاطفية، تقاوم قدر استطاعتها، رغم نُدرة السعادة أو الاستقرار في حياتها المُفرطة في الحماية.

فأمها لا تسمح لها بركوب الدراجة، بعد جرح أصابها في ساقها، وتُصر على بقائها في المنزل في عيد ميلادها الـ 18، ومراقبة مواعيد عودتها للمنزل باستمرار، كما تسخر من ضعفها، وتكثر من وعظها بقسوة عن “الصلابة والاعتماد على الذات”.

 

إنها مارغريت التي لا تتوقف عن وعظ المتدربة غوين (أنغيلا وونغ كاربوني) بحزم، بأن تدافع عن نفسها، قائلة “الساديون لا يفهمون أبدا سبب عدم تمتع الآخرين بساديتهم بقدر ما يستمتعون هم بها”.

فيلم “القيامة” تجربة إثارة وخوف واقعية (مواقع التواصل)

خيوط تتجمع

تبدأ الخيوط في التجمع، ليتضح أن مارغريت عندما ذكرت “السادية” كانت تعرف ما الذي تتحدث عنه، ونكشف لغز الضرس البشري الذي كان في محفظتها. فعند حضورها مؤتمرا علميا، وبينما تنظر عبر الغرفة، إذا بها تصاب بنوبة هلع شديدة، بعد أن لمحت دايفيد (تيم روث).

دايفيد الذي يبدو جافا قليلا وهادئا في الظاهر، ولكنه شرير ومضطرب، لا يحتاج لأكثر من ابتسامة سادية في جزء من الثانية، ليقول كل شيء. والذي لم تره مارغريت منذ عقدين من الزمان، بعد أن أفلتت من براثن تلاعبه الوحشي وعلاقته “السادية السامة” لتجد نفسها تشعر الآن وكأنه أصبح في كل مكان، وعندما تستجمع شجاعتها لمواجهته، إذا بابتسامته المروعة تُظهر فقده لأحد أضراسه.

وفي مشهد من لقطة مقربة واحدة دون قطع، يكشف أهوال من الصدمات التي استمرت لعقود، تنظر فيه مارغريت إلى الكاميرا، لتقدم مونولوجا مدته 8 دقائق، تصف فيه بالتفصيل، الأحداث الرهيبة التي عانت منها عندما كانت لا تزال مراهقة، قبل 22 عاما، وأسفرت عن تجربة غيرت حياتها للأسوأ، وجعلت منها صورة رمزية لضحايا الإساءة، ولازمها كابوس مرعب ترى فيه طفلا مشويا يصرخ حتى يتفحم.

 

ورغم أن المشهد جاء تفسيريا ومسرحيا “لكن هول جعلت منه مناجاة آسرة” على حد وصف كارين جيمس.

لم تخبر مارغريت أحدا، ولم تكن قادرة على التعامل مع الموقف، ولكن، ومع محاولة دايفيد السيطرة عليها مرة أخرى، كانت خطوتها التالية هي إخراج سلاحها، ليتصاعد الفيلم من هذه النقطة نحو المواجهة بين شخصين مخيفين بشكل متزايد.

المصدر : مواقع إلكترونية

About Post Author

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *