في فيلم “صخب” (Hustle) نشاهد آدم ساندلر في دراما كوميدية دافئة، حيث يلعب دور كشاف في الدوري الأميركي للمحترفين لكرة السلة يكتشف لاعبا موهوبا في إسبانيا، ويبذل قصارى جهده لإلحاقه بأفضل دوري لكرة السلة للمحترفين في العالم.
يتحدى ساندلر في فيلمه الجديد القواعد التقليدية وماضي اللاعب الشاب المتقلب، في قصة ملهمة للغاية ستجعل المشاهد يتعاطف مع البطلين، بينما يستمتع بروح الدعابة المميزة لساندلر طوال الفيلم في أحد أداءاته القليلة المميزة.
عودة مثالية
استغرقت العودة من الممثل العالمي آدم ساندلر 3 سنوات بعد أدائه الذي نال استحسان النقاد في فيلم “جواهر غير مصقولة” (Uncut Gems) لعام 2019، عودة يراهن من خلالها أيقونة الكوميديا على جائزة الأوسكار وهذه المرة من ملعب كرة السلة في دراما جديدة أثارت الإعجاب منذ لحظة عرضها.
نحن أمام المدرب ستانلي شوجرمان (مدرب بالوكالة يسعى لشراء اللاعبين والتعاقد معهم) الذي يسعى لقتل ماضي تلاميذه من خلال خلق عالم جديد لهم وربما له أيضًا كانتصار شخصي على قواعد اللعبة وقواعد حياته، يقول لأحد لاعبيه أثناء نصيحته “إنهم لا يستطيعون قتلك إذا كنت ميتًا بالفعل” في محاولة لإثنائه عن التنازل والهزيمة.
يلعب آدم ساندلر دور ستانلي شوجرمان الكشاف الموهوب الذي يعمل مع فريق فيلادلفيا 76، وهو رجل مهزوم نوعا ما، حزين أكثر مما يبدو بالرغم من عمله المستقر، يعاني من زيادة الوزن والملامح المهترئة، يبحث عن الشيء المثير الخلاق، قليلا ما يتذكر زوجته المبتسمة والداعمة تيريزا بمكالمة بين الحين والآخر من غرفته بالفندق.
يعمل شوجرمان مع نادي يسعى مالكه ريكس ميريك (روبرت دوفال) بشغف المدرسة القديمة باللعبة على عكس رؤساء الإحصائيات ولاعبي كرة المال الذين يهيمنون الآن ولا يريدون لاعبين من الشوارع.
سيرة ذاتية
مخرج الفيلم جريميه زاجار يقول إن قصة الفيلم مألوفة وتتماشى مع خبرته السابقة في الأفلام التسجيلية، ونقل من خلالها هوسه بـ”سرد القصص التي تبدو حقيقية، ولكنها مثل الحلم في نفس الوقت”.
“أنا أحب هذه اللعبة. أعيش هذه اللعبة. سيهزم الهوس الموهبة في كل مرة. لديك كل المواهب في العالم، لكن هل أنت مهووس؟” هكذا يخبر البطل اللاعب الشاب في الفيلم الذي يعكس جهدا واعيا في عرضه للقصة للتأكد من أن الشغف بالرياضة هو أهم شيء.
عبر صبغة الفيلم الهوليودي الطابع المصنوع لشبكة “نتفليكس”، ينتصر الفيلم للبطل المسحوق في النهاية دون سياق منطقي بالضرورة، ولكن بالكثير من المشاعر المتفجرة لبطل منبوذ في رهان على ملايين يشبهونه ولا يريدون سقوطه أو سقوطهم المتخيّل.
بداية خادعة
يبدأ الفيلم من محاولات البطل إقناع رجال الأعمال بأحد اللاعبين الهواة الذي يرى فيه نموذجا مذهلا للاعب المحترف. تصلح تلك البداية كمقدمة تعريفية لمساحات حماس البطل لكننا نقف بحزن أمام المشهد الأكثر أهمية أثناء حواره مع اللاعب الهاوي الآخر الذي اختاره وهو يخبره أنه خسر ماضيه كله بسبب تخاذله، وربما في ذلك الفلسفة التي تعبر عن حياته كلها وسعيه الدائم للرهان على لاعبين من الشوارع لدخول عالم الاحتراف والشهرة.
يتصالح الفيلم مع الخسارة والماضي لصالح عالم أكثر تقبلا وعدلا على عكس أغلب السينما الرياضية التي تضع جميع عناصرها في حالة تأهب وصراع بين النصر والهزيمة دون شيء آخر.
يتساءل الفيلم عن جدوى اللعب ذاته في لحظة غير عادلة لأبطاله، بالطبع يستخدم “كلاشيهات” التعاطف مع البطل والتنمر الملازم للحمقى الأعداء، لكي ينجح في كسب التعاطف لكنه يقدم تساؤلا شخصيا على وجه بطل عرفته السينما ككوميدي وتجلس لتشاهده الآن بوجه متجعد مهزوم يحاول التصالح مع ماضيه.