يتخلص فيلم "وحش البحر" من خطابيته الفجة في توصيل رسالته، لكنه يحافظ كذلك على سهولة تلقيها لأغلب من يشاهدها (نتفليكس)

يتخلص فيلم "وحش البحر" من خطابيته الفجة في توصيل رسالته، لكنه يحافظ كذلك على سهولة تلقيها لأغلب من يشاهدها (نتفليكس)

يؤسس الروائيون عادة لفلسفة تفترض أن كل الشر يبدأ من عند القادة الذين تخدمهم الحروب والصراعات وترسخ عروشهم، في حين يموت آخرون من دون اهتمام، تماما مثل أحداث فيلم الرسوم المتحركة “وحش البحر” (The Sea Beast) الذي أصدرته شبكة “نتفليكس” (Netflix).

وحش البحر.. أكذوبة للحفاظ على كرسي الحكم

 

“وحش البحر”، فيلم أنمي ومغامرات يعرض على نتفليكس، تتخلى فيه صائدة الوحوش الصغيرة عن حلمها من أجل البيئة. وأخرج هذا العمل الفني كريس وليامز الذي شارك أيضًا في إخراج فيلم “موانا” (Moana).

تدور أحداث الفيلم حول فتاة يتيمة محملة بأحلام كبيرة لتصبح صائدة وحوش في البحر، مثل أبويها الراحلين. تبدأ مغامراتها الملحمية عندما تنجح في الاختباء على متن سفينة لصائد وحوش شهير، لكن تتغير خططهما عندما تصبح صديقة لأحد الكائنات البحرية الضخمة “ذا ريد بلاستر” (الوحش الأكثر قسوة في البحر) الذي كانت تسعى لتدميره، والذي فتح عينيها على حقيقة ما يحدث بين البشر والوحوش.

يناقش “وحش البحر” قضية الحفاظ على البيئة في تزامن قوي مع ما يحدث في محيطاتنا اليوم، كما يعرض لقسوة الفكرة القائلة إن كل الحروب يصنعها الملوك للجلوس على العرش أطول وقت ممكن.

من قلب البحر تبدأ القصة وتنتهي

يبدأ الفيلم بلقطة يحبها كل متابع لعمل المخرج كريس وليامز بخروج الكاميرا من الماء، في تأسيس لعالم يبدأ وينتهي من هناك، وطفل يصارع المياه للنجاة من احتراق السفينة التي كان على متنها، سنفهم بعد ذلك أن قبطان سفينة أخرى أنقذ الطفل بعدما توسّم فيه الجرأة والشجاعة ليعده هدية القدر له وولده الذي لم ينجبه.

يتبيّن لاحقا أن المشاهد الأولى جاءت ضمن حكاية تحكيها طفلة صغيرة لأصدقائها، من خلال كتاب يجمع قصص الصيادين ويحكي عن وحوش البحر الأشرار التي يقاومها الصيادون.

تصبح الطفلة الصغيرة مهووسة بأبطال البحر بعد موت أسرتها على إحدى السفن، فتهرب إلى السفينة الأكثر شهرة وتلتقي بالفتى الذي أنقذه القبطان صغيرًا.

تعبّر السفينة الكبيرة عن أجيال قضت عمرها في محاربة قوى الظلام في البحر، وضحت بحياتها وحياة أسرها من أجل قتل هذه الوحوش.

على الجانب الآخر، نشاهد الملوك الذين يهددون بقطع التمويل عن السفينة إذا قررت أن التوقف عن ملاحقة وحش “ذا ريد بلاستر” الخطير، حتى وإن كان هذا التوقف بهدف إنقاذ بحار آخر.

يختبئ الملوك في قصورهم الفخمة، في الوقت الذي ينفقون فيه كثيرا من المال حتى يرى الناس بأعينهم أهوال البحار، ويوهمون الجميع بضرورة بقائهم لحماية حياة الناس من “وحوش البحر” الذين يمكنهم تدمير كل شيء.

طفلة تحرك الدراما في كل اتجاه

تنقل الفتاة الصغيرة -في لحظة تؤسس دراميًا بشكل مدهش- الخطاب إلى صداقة بينها وبين وحش البحر المخيف، فتطرح سؤالا أكثر عمقا: كيف يمكن للجميع نسيان الماضي وخلق واقع أقل قبحا وأكثر منطقية، كما تتساءل عن جدوى الصراعات السابقة التي لم تفهمها.

تقول الفتاة الصغيرة، “لا يهمني أن أعرف متى بدأت هذه الحرب، لكني أهتم كثيرًا بكيف يمكن أن تنتهي الآن لمصلحة الجميع”.

تترك خطبة رنانة حول كذب التاريخ الذي يصنعه الملوك للحفاظ على عروشهم بخلق أعداء وخداعات وهمية تمامًا لا يمكن للمواطن البسيط كشفها.

يمكن للمشاهدين من جميع الأعمار الاستمتاع بفيلم “وحش البحر”، لا سيما أنه يثير سؤالا عن السنوات التي يمكن للإنسان أن يسير خلالها في طريق خطأ، وكيف يمكنه تعديل كفته والسير في الاتجاه الصحيح، أو مثلما قال البطل جايكوب “من ماتوا سابقا كانوا أبطالا، لكنهم أبطال في منطقة خطأ”.

المصدر : الجزيرة

About Post Author

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *