لندن- أثار قرار الحكومة البريطانية إقالة مستشارها لتعريف الإسلاموفوبيا قاري عاصم جدلا بين المسلمين في البلاد، وذلك في أعقاب تغريدة عبر فيها عن رفضه فيلم “سيدة الجنة” الذي أعلنت بعض قاعات السينما وقف عرضه بعد مظاهرات للمسلمين.

ومباشرة بعد تغريدة المسؤول المسلم التي قال فيها إن الفيلم “يؤذي مشاعر المسلمين”؛ أعلنت الحكومة إقالتها “إمام قاري”، وهو ما خلّف صدمة بين مسلمي البلاد.

 

ويأتي ذلك في وقت أظهرت فيه نتائج استطلاع حديث للرأي لموقع “هيفين” (Hyphen) أن 7 من كل 10 مسلمين في بريطانيا يتعرضون لممارسات الإسلاموفوبيا والتحيز ضد الإسلام في أماكن عملهم.

وقال عاصم في حوار سابق للجزيرة نت إن جزءا من الإعلام يلعب دورا مهما في “شيطنة” المسلمين، وتتم تغذية الصور النمطية بمشاعر الخوف؛ كالترويج مثلا بأن هناك مسلمين يتمتعون بوظائف الأصل فيها أن تكون لبريطانيين، ويأخذون منازلهم وأيضا بلدهم، وهو ما يؤدي إلى حالة استقطاب حادة داخل المجتمع، وتزيد التخويف من المسلمين عندما يكون هناك ربط متعمد بين الإرهاب والإسلام.

وفي هذا الحوار مع الجزيرة نت، يتحدث قاري عاصم عن موقفه من فيلم “سيدة الجنة”، وتفاصيل إقالته من منصبه، ويكشف عن حقيقة تعامل الحكومة البريطانية مع ملف الكراهية ضد المسلمين.

  • ما موقفكم من فيلم سيدة الجنة؟

أنا مؤمن بأن فيلم “سيدة الجنة” مستفز ومنحاز ومحتواه مثير للجدل، وكانت مخاوفي حول محتوى الفيلم الذي يقدم أحداثا تاريخية على نحو غير موضوعي أبدا، وبطريقة تحريضية، وهو ما قد يؤدي إلى تغذية التطرف والتوتر بين الجماعات الدينية المختلفة في المجتمع.

وموقفي الرافض لهذا الفيلم هو موقف الأغلبية الكبيرة من المسلمين، سواء الشيعة أو السنة في بريطانيا، والذي يعارض عرض هذا الفيلم في قاعات السينما بسبب محتواه الذي يؤدي إلى الانقسام والفرقة، بل إن فيه محتوى عنيفا، قد يؤدي إلى تحفيز العداوات بين الطوائف المختلفة في المجتمع البريطاني.

  • هناك من يقول إن رفض عرض الفيلم تقييد لحرية الرأي والتعبير؟

أنا مقتنع تماما بحرية التعبير ومؤمن بها، لكن لا يجب أن نغفل وجود نقاش وجدل طويل حول حدود حرية التعبير في بعض المواضيع، ولأن هناك احتمالية أن يتسبب هذا الفيلم في تغذية التطرف والتحريض ضد جهة ما، فكل ما قمت به هو إيصال شعور المسلمين تجاه هذا الفيلم إلى قاعات السينما، وهذا حق ديمقراطي في التعبير عن رأيك وقلقك حول قضية معينة وإيصال هذا الشعور للجهات المعنية.

أما مسألة عرض الفيلم من عدمه فهذا قرار راجع لقاعات السينما، وأنا لم أجبر هذه القاعات على منع عرضه، كما أنني لم أنظم ولم أدع لأي مظاهرة أمام قاعات السينما لمنع عرض فيلم “سيدة الجنة”، لأن طريقتي في التعامل هي الحوار بدل الاحتجاج، مع دعمي المطلق لحق كل مواطن في الاحتجاج والتظاهر.

 
  • هل تلقيتم أي اتصال من الحكومة قبل قرار إقالتك من منصبك؟

كان سلوك الحكومة البريطانية غريبا في عدم التواصل معي حتى قبل إعلان إقالتي، ولم تعر أي اهتمام لقيم التحضر والحوار والاحترام، إضافة إلى علاقتي الخاصة مع الحكومة البريطانية لسنوات سابقة.

  • ماذا كان شعورك عندما علمت قرار الإقالة من منصبك؟

قمت بكتابة رسالة للحكومة البريطانية، وأنا أرى أن قضية إقالتي مسألة ثانوية مقارنة مع الموضوع الرئيسي من وجهة نظري، وهو أن الحكومة البريطانية وعبر هذا القرار قررت أن تغلق الباب في وجه الجهود المبذولة للوصول إلى تعريف للإسلاموفوبيا، وهذه كانت مهمتي.

الحكومة البريطانية استغلت ما حدث مع فيلم “سيدة الجنة” مبررا للتغطية على فشلها الذريع في القيام بأي شيء لحماية حرية التعبير.

  • هل يمكن القول إن الحكومة البريطانية أغلقت الباب أمام جهود مواجهة الإسلاموفوبيا؟

نعم، إقالتي إغلاق للباب أمام وجود تعريف رسمي وواضح للإسلاموفوبيا، كما أنه يرسل انطباعا للمسلمين خاصة بأن الحكومة غير جادة في محاربة الإسلاموفوبيا ومواجهة ما يتعرض له المسلمون من حملات كراهية.

 

  • هل قرار إقالتك رسالة لمن سيأتي بعدك لتجنب التعبير عن مواقفه علانية؟

ما قمت به ممارسة حق ديمقراطي في التعبير عن رأيي، لكن يظهر أن كل ما تريده الحكومة هو شخص صامت لا يتحدث إليها إذا رأى أن هناك أشياء تسير بشكل غير صحيح، وحاليا ستفقد الحكومة صوتا ينبهها للمشاكل والمخاطر.

والطريقة التي تمت بها إقالتي تبعث رسالة بأن الحكومة لا تقبل أي اختلاف في وجهات النظر، وبالتالي فإن ذلك تقييد ورقابة على حرية التعبير، لأنه لو اعتمدت على الحوار لكانت ستسمع وجهات نظر مختلفة حول الموضوع وهذا جيد لاتخاذ القرار الصائب.

  • هل تتوقعون أن استمرار عرض هذا الفيلم سيتسبب في المزيد من التوتر؟

أولا، أؤكد موقفي الرافض للاحتجاج وأدعو المسلمين لعدم الاحتجاج، لأن من وجهة نظري هناك طرقا أخرى للتعبير عن الرأي.

وأعتقد أن الإصرار على الاستمرار في عرض هذا الفيلم سيؤدي إلى مزيد من التوتر، ومع ذلك أدعو الجميع للحفاظ على الهدوء، وتجنب التكفير أو الإساءة أو التحريض ضد الشيعة مثلا.

 

  • من خلال تجربتك مع الحكومة البريطانية، هل هي جادة في مواجهة الإسلاموفوبيا؟

أعتقد أنه خلال السنوات الثلاث الماضية لم يتم القيام بأي شيء في هذا الباب، كما أن قرار إقالتي من منصبي من دون أي حوار يظهر أن الحكومة تغلق الباب أمام أي جهود للوصول إلى تعريف رسمي للإسلاموفوبيا.

  • ما رسالتك للحكومة البريطانية بعد قرار الإقالة؟

رسالتي أنه عليهم وبسرعة تعيين مستشار جديد لتعريف الإسلاموفوبيا، وتوفير جميع الإمكانات لهذا المستشار الجديد لكي يكمل العمل والوصول إلى مرحلة تعريف الإسلاموفوبيا بشكل رسمي، وذلك لطمأنة المسلمين في بريطانيا بأن هناك جهودا تبذل من أجل مواجهة الكراهية ضدهم.

المصدر : الجزيرة

About Post Author

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *