كل ما تريد معرفته عن وزارة الكفاءة الحكومية بقيادة إيلون ماسك
واشنطن- تعهد الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترامب، بالحد من الإنفاق الفدرالي المهدر من خلال الاستفادة من خبرات مليارديرين، هما إيلون ماسك، أغنى رجل في العالم، وفيفيك راماسوامي، رجل الأعمال والمرشح السابق للرئاسة في انتخابات الحزب الجمهوري التمهيدية، في مبادرة يسميها ترامب “وزارة الكفاءة الحكومية”، المعروفة أيضا اختصارا بـ”دي أو جي إي”.
وقابل إعلان ترامب هذه المبادرة سيل من التشكيك في جدواها من الأجنحة الديمقراطية، مقابل دعوات واسعة للتفاؤل في أوساط الدوائر الجمهورية. وترك بيان ترامب حول هذه المبادرة الباب مفتوحا أمام العديد من الاجتهادات والقراءات لما يعنيه وسط حالة من الضبابية والغموض حول أهدافه الحقيقية.
وتعرض الجزيرة نت في سؤال وجواب كل ما يتعلق بالجدل حول مبادرة “وزارة الكفاءة الحكومية” المقترحة.
ما وزارة الكفاءة الحكومية؟
أعلن الرئيس المنتخب دونالد ترامب عن مبادرة جديدة للتعامل مع ما يعتبره عدم كفاءة الحكومة الفدرالية، على أن يتولى مسؤولية هذه المبادرة إيلون ماسك. وكان ترامب قد تعهد خلال الحملة الانتخابية بالعمل على خفض الإنفاق الحكومي الذي يراه مهدرا.
من جانبه، يقول ماسك إنه يريد خفض تريليوني دولار من الميزانية الفدرالية لجعلها أكثر كفاءة وفعالية، وذلك رغم معرفة القليل عن كيفية عملها ومقدار السلطة التي ستحصل عليها.
كيف ستتشكل هذه الوزارة؟
رغم أن اسمها يتضمن كلمة وزارة، فإن الرئيس الأميركي لا يمكنه تشكيل وزارة جديدة، لأن الوزارات الدائمة لا يمكن إنشاؤها إلا من قبل الكونغرس، وبأغلبية الثلثين. ومع صعوبة تحقيق ذلك في ظل مناخ الاستقطاب بين الحزبين، الجمهوري والديمقراطي، وبدلا من ذلك، ستعمل هذه الوزارة من “خارج الحكومة” لفترة محددة، وسيتم حلها بحلول الرابع من يوليو/تموز 2026، أي بحلول الذكرى 250 لإعلان الاستقلال، كما قال ترامب في بيان إعلانه عنها.
ما أصل كلمة “دي أو جي إي”؟
يعود الاسم إلى العملة المشفرة المفضلة لدى إيلون ماسك، التي ارتفعت قيمتها بعد فوز ترامب في الانتخابات.
هل من الممكن إنجاز هدف “زارة الكفاءة الحكومية” بتوفير تريليوني دولار من النفقات الفدرالية؟
بموجب القوانين الأميركية، قد لا تتمكن الوزارة من إنجاز الكثير، لأن الكونغرس يتحكم في الإنفاق الفدرالي، وليس لأي جهة إلا الكونغرس حق تحديد المخصصات المالية للجهات الحكومية المختلفة.
بلغ الإنفاق الفدرالي في عام 2024 نحو 6.75 تريليونات دولار. ويجمع الخبراء على أنه من غير المحتمل أن يتمكن ماسك من توفير تريليوني دولار التي يريدها دون التضحية بالبرامج التي تحظى بدعم واسع من الحزبين أو تندرج تحت الإنفاق الإلزامي الفدرالي، مثل برامج الرعاية الطبية ومعاشات التقاعد والضمان الاجتماعي.
ويمكن أن تخضع الوزارة الجديدة لقانون اللجنة الاستشارية الفدرالية، الذي يملي كيف يجب أن تعمل المجموعات الخارجية التي تقدم المشورة للحكومة وأن تكون مسؤولة أمام الجمهور. ووصف ترامب دور ماسك وراماسوامي بأنه تقديم “المشورة والتوجيه من خارج الحكومة”.
هل ستكون بمثابة جهة حكومية أم ستكون خارج الحكومة الأميركية؟
ستعمل وزارة الكفاءة الحكومية خارج النطاق الرسمي للحكومة، وستكون لجنة استشارية يمكن للرئيس ترامب إنشاؤها من خلال أمر تنفيذي.
وقال ترامب إن “الوزارة الجديدة” ستعمل مع مكتب الإدارة والميزانية بالبيت الأبيض، الذي يُعد طلب ميزانية الرئيس للكونغرس. وهكذا سيكون الكيان الجديد إدارة غير حكومية، وهو ما يخلق وضعا غير مألوف، وبالتالي ليس من الواضح كيف ستتعاون مع بقية الأجهزة الحكومية.
ماذا عن العاملين فيها؟
حدد ترامب فقط ملامح المبادرة ولم يكشف عن كيفية تزويدها بالموظفين أو تمويلها. من جانبه، أعلن حساب للوزارة الجديدة على شبكة إكس التي يمتلكها ماسك، عن تلقيها آلاف الطلبات للانضمام لفريق عملها الجديد.
وقالت الوزارة في تغريدة لها “لا نحتاج إلى المزيد من مولدي الأفكار بدوام جزئي. نحن بحاجة إلى ثوريين حكوميين صغار يتمتعون بمعدل ذكاء مرتفع على استعداد للعمل أكثر من 80 ساعة أسبوعيا على خفض الإنفاق الحكومي. إذا كان الأمر كذلك، فقم بإرسال رسالة مباشرة إلى هذا الحساب مع سيرتك الذاتية. سيقوم ماسك وفيفيك بمراجعة أعلى 1% من المتقدمين”.
وعلق ماسك بالقول إن كل العمل سيكون تطوعيا، وأن العاملين بالوزارة الجديدة لن يتلقوا أي عائد مالي مقابل العمل.
لماذا يرغب ترامب في خفض الإنفاق الحكومي؟
قال الرئيس المنتخب في مقطع فيديو يعود إلى يونيو/حزيران 2023 إن “قانون إعادة الحجز سيمنحنا أداة حاسمة لمحو الدولة العميقة، وتجفيف مستنقع واشنطن، وتجويع دعاة الحرب”.
ويعود قانون “إعادة الحجز” لعام 1974، ويمنح الرئيس قدرا من المرونة في إنفاق الأموال التي خصصها الكونغرس للوزارات والوكالات المختلفة.
ما الوزارات المستهدفة بالدرجة الأولى من خلال عمل هذه الوزارة؟
الكثير من التقارير تشير إلى أن وزارة التعليم تعد على رأس الجهات المستهدفة بترشيد الإنفاق الحكومي. كما أدى ترشيح ترامب لروبرت كينيدي جونيور وزيرا للصحة والسكان والتنمية البشرية، إلى توقع أن تخضع هذه الوزارة كذلك تحت طائلة المبادرة الجديدة.
ماذا قال ماسك عن الإنفاق الفدرالي؟
وصف ماسك الحكومة الأميركية بأنها متضخمة، وإنفاقها غير مستدام. وقال إنه يريد خفض عدد الوكالات الفدرالية إلى 99 من أكثر من 400 حاليا. وقال في حوار سابق “هناك الكثير من الوكالات التي لم يسمع بها الناس من قبل، والتي لديها مجالات متداخلة من المسؤوليات”.
وأعرب ماسك عن إحباطه العام مما يعتبره إشرافا فدراليا متعجرفا، الذي قال إنه أبطأ وتيرة عمله. وتعهد ماسك في فعاليات أثناء حملة ترامب بتخفيض ما لا يقل عن تريليوني دولار من الميزانية السنوية.
هل حاولت الإدارات السابقة خفض التكاليف؟
بذل كل من الرؤساء الجمهوريين والديمقراطيين جهودا لخفض الإنفاق الحكومي. ومن أشهر الحالات ما قام به رونالد ريغان عام 1982، حيث أنشأ لجنة غريس، بقيادة رجل الأعمال الثري جيه بيتر غريس، لخفض الإنفاق. تطوع حوالي 150 رجل أعمال في اللجنة، التي أوصت في النهاية بـ2500 إصلاح، وفقا لمكتبة رونالد ريغان الرئاسية، إلا أن “معظم التوصيات، خاصة تلك التي تتطلب تشريعا من الكونغرس، لم يتم تنفيذها أبدا”.
هل لدى ماسك تضارب في المصالح؟
يطلب من الموظفين الفدراليين عموما الكشف عن أصولهم المالية وتشابكاتهم لدرء أي تضارب محتمل في المصالح، وتصفية الحيازات الكبيرة المتعلقة بعملهم. ونظرا لأن ماسك وراماسوامي لن يكونا موظفين فدراليين رسميين، فلن يواجها تلك المتطلبات أو القيود الأخلاقية.
ويرتبط ماسك بالعديد من العقود مع جهات حكومية مثل مؤسسة ناسا والبنتاغون وغيرها، وتتخطى قيمة عقود شركاته 20 مليار دولار مع الجهات الحكومية المختلفة.
وإلى أن يشكل ترامب فعليا وزارة الكفاءة الحكومية، ومن دون توفر التفاصيل القانونية والبيروقراطية، يشكك أغلب المعلقين في جدوى هذه الجهود.