كشفت دراسة جديدة عن أن شرب القهوة يغير الكائنات الحية الدقيقة التي تعيش في أمعائنا، ويعتقد أن هذا التغير له عواقب بعيدة المدى على الصحة.
تؤدي البكتيريا والخميرة والفطريات -التي يشار إليها مجتمعة باسم ميكروبيوم الأمعاء- دورا مهما في الهضم وامتصاص العناصر الغذائية حركة الأمعاء، والصحة العقلية، والمناعة.
يعتقد العلماء أن ميكروبيوم الأمعاء يتغير اعتمادا على النظام الغذائي الذي يتبعه الفرد وعلى بيئته. ولكل شخص ميكروبيوم أمعاء فريد من نوعه، تتفاوت فيه أنواع وكميات من الكائنات الحية الدقيقة.
قال البروفيسور الدكتور تيم سبكتور، أحد مؤلفي الدراسة، لمجلة نيوزويك الأميركية إن “نتائج الدراسة تعزز فكرة وجود رابط محدد بين الطعام الذي نتناوله والميكروبات الموجودة في أمعائنا، مما يعني أننا نمتلك قوة هائلة لتحسين صحتنا من خلال الخيارات الغذائية التي نتخذها”.
اختار العلماء في شركة زوي، وهي شركة علوم التغذية الأميركية التي أجرت الدراسة، التركيز على القهوة للبحث في العلاقة بين أنظمتنا الغذائية وميكروبات أمعائنا.
وكتبوا في دراستهم، التي نُشرت في مجلة “نيتشر مايكروبيولوجي” يوم 18 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، أنهم اختاروا القهوة لأنها تُستهلك بشكل كبير، كما يظهر أن لها فوائد صحية، فهي -على سبيل المثال- تقلل أخطار الوفاة بأمراض القلب، والإصابة بمرض السكري من النوع الثاني، والإصابة ببعض أنواع السرطان. كما أن الناس يميلون إما إلى استهلاك القهوة بانتظام، أو عدم تناولها على الإطلاق، على عكس الأطعمة والمشروبات الأخرى.
وقال سبكتور “من المحتمل أن تكون الفوائد الصحية للقهوة ترجع إلى طبيعتها الكيميائية المعقدة. فالقهوة المصنوعة من تخمير الحبوب تحتوي على مئات المركبات الموجودة في كل من القهوة التي تحتوي على الكافيين ومنزوعة الكافيين. وتشمل هذه مجموعة من البوليفينول، التي تغذي ميكروبيوم الأمعاء ويمكن أن تساعد في تقليل نسبة السكر في الدم وضغط الدم”.
وجدت الأبحاث السابقة التي أجراها العلماء أنفسهم أن القهوة -من بين 150 نوعا مختلفا من الأطعمة- كانت الأكثر ارتباطا بتكوين ميكروبيوم الأمعاء.
وأجرى العلماء أبحاثهم باستخدام بيانات 22 ألفا و800 شخص في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، قدموا معلومات غذائية مفصلة، وبيانات عامة من 54 ألفا و200 شخص آخر.
كذلك حللوا أكثر من 400 عينة من البلازما وأكثر من 350 عينة براز، وأجروا تجربتين في المختبر، لاستكشاف كيفية تأثير القهوة على أمعاء الشخص.
وجد العلماء أن سلالة واحدة من البكتيريا، تسمى “لاوسونيباكتر أساكاروليتيكوس” ( Lawsonibacter asaccharolyticus)، كانت مرتبطة ارتباطا وثيقا بشرب القهوة. كان لدى الأشخاص الذين شربوا أكثر من 3 أكواب من القهوة يوميا مستويات أعلى بـ8 مرات من هذه البكتيريا في أمعائهم، مقارنة بالأشخاص الذين شربوا أقل من 3 أكواب من القهوة شهريا.
ومن بين الأشخاص الذين يشربون القهوة بانتظام، بدا أن أولئك الذين يشربون كثيرا من القهوة لديهم أيضا كثير من لاوسونيباكتر أساكاروليتيكوس، على الرغم من وجود فرق أكبر بين شاربي القهوة وغير شاربيها.
ووجد العلماء أن العلاقة كانت متسقة بشكل ملحوظ عبر مجموعات من الناس في 25 دولة مختلفة، وعندما أطعموا لاوسونيباكتر أساكاروليتيكوس القهوة -التي تمت دراستها في أنبوب اختبار- نمت البكتيريا.
تكهن العلماء بأن هذه السلالة من البكتيريا قد تكون السبب الرئيسي وراء ارتباط القهوة بعديد من الفوائد، إذ يمكن لهذه البكتيريا تحويل المكونات الموجودة في القهوة إلى مركبات أخرى أكثر فائدة، مع مزيد من الفوائد الصحية.
وأضاف سبكتور “في الوقت الحالي، لا نعرف كيف يؤثر هذا الميكروب على صحتنا، على الرغم من أنه قد يشارك في التأثيرات الصحية الإيجابية التي يمكننا أن نشكر القهوة عليها. هذا هو غيض من فيض ويُظهر كيف يمكننا، مع حجم العينة الهائل لقاعدة بيانات زوي، فتح مزيد من اتصالات ميكروبات الطعام، وإخبارنا بكيفية تناول الطعام من أجل صحة أفضل”.