كيف رأت صحف أميركا وبريطانيا مناظرة بايدن وترامب؟
واجه الرئيس الأميركي جو بايدن سلفه وخصمه الجمهوري المفترض في الانتخابات الرئاسية المقبلة دونالد ترامب فجر اليوم الجمعة، في مناظرة هي الأولى من أصل مناظرتين.
وما إن انتهت المناظرة حتى انكبت الصحف ووسائل الإعلام العالمية، لا سيما الأميركية والبريطانية، على تحليل أداء الرجلين واستنباط الاستنتاجات.
فقد خرجت صحيفة واشنطن بوست من المناظرة الأولى التي جاءت مبكرة بخلاف ما جرت عليه العادة في مثل هذه المناسبات، بـ5 استنتاجات، أولها أن أداء بايدن في المناظرة لم يكن قويا في بعض النقاط وكان صوته مبحوحا ونبرته أقل حيوية نسبيا. ولعل المثال الأبرز جاء عندما حاول طرح نقطة مبكرة حول الرعاية الصحية، وفشل في إنهاء فكرته قبل انتهاء وقته.
وعندما سئل الاثنان عن تأثير عمريهما على مدى قدرتيهما على إدرة الدولة، اتسم رد بايدن بالحدة والعصبية، واتهم ترامب بأنه كثير التذمر والشكوى وبأنه “خاسر” و “طفل”. ووصف أحد كبار مساعدي بايدن السابقين في البيت الأبيض أداءه بأنه “مخيب للآمال حقا”.
ورأت الصحيفة أنه إذا كان ثمة لحظة جيدة بالنسبة لبايدن، فهي عندما تحول الحديث إلى الديمقراطية، وهجوم أنصار ترامب على مقر الكونغرس (كابيتول هيل) في السادس من يناير/كانون الثاني 2021.
ولم تكن ردود ترامب رائعة باستثناء ادعائه أن القضايا المتعلقة بسعيه لإلغاء نتائج انتخابات 2020 الرئاسية رُفعت من خلال نظام قضائي يسيء استخدام سلطاته العدلية.
ولاحظت واشنطن بوست أن ترامب أطلق سيلا من الادعاءات “الكاذبة” و “المضللة” من قبيل أن عهده لم يشهد هجمات إرهابية، وأن بايدن يرغب في زيادة الضرائب على المواطنين أربعة أضعاف ما هي عليه.
وقالت إن المناظرة لم تكن عظيمة، حيث استخدم ترامب أساليب العرقلة والمماطلة السياسية كتلك التي يلجأ إليها البرلمانيون. وتابعت أن ترامب بذل قصارى جهده لتفادي اتهامه بأنه ما زال عند موقفه من الإجهاض، حيث سعى إلى القول فقط إن هذا يجب أن يكون خيار الولاية.
سياسة خارجية
وسلكت مجلة فورين بوليسي الأميركية مسلك واشنطن بوست، حيث نشرت تقريرا تناول أبرز آراء المتناظريْن بشأن السياسة الخارجية.
وقالت إنه على عكس مناظرتهما قبل انتخابات عام 2020، والتي لم تنل السياسة الخارجية وقتا أطول من البث، حظيت هذه المرة باهتمام أفضل، في ظل اختلاف نهج بايدن وترامب فيما يتصل بعلاقات واشنطن الدولية. ففي حين يؤكد الرئيس الحالي أنه يسعى إلى استعادة مكانة الولايات المتحدة عالميا وترسيخ علاقتها بحلفائها التقليديين، يتبنى خصمه عقيدة أكثر انعزالية.
ومع أن القضايا الداخلية -مثل الاقتصاد والتضخم ورعاية الأطفال- هيمنت على النقاش، إلا أن حرب إسرائيل على قطاع غزة، وحرب روسيا على أوكرانيا، وقضايا الهجرة، حظيت هي الأخرى باهتمام كبير.
وحول حرب إسرائيل على غزة، فقد أعرب الخصمان عن تأييدهما الكامل لدولة الاحتلال “كما كان متوقعا” وإن بدرجات وطرق مختلفة، وفق فورين بوليسي.
فبينما ذكر بايدن أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أيّد خطته لحل الصراع متهما حركة المقاومة الإسلامية (حماس) بأنها تريد استمرار الحرب مما يستوجب القضاء عليها، قال ترامب إن “إسرائيل هي التي تريد في الواقع استمرارها. وعلينا أن نتركهم يكملون المهمة”، مدعيا أن غريمه يقدم دعما “صامتا” للكيان المحتل، ووصفه بأنه “أصبح مثل الفلسطيني”.
ولفتت المجلة إلى أن ترامب زعم أن حركة حماس لم تكن لتهاجم إسرائيل لو كان هو رئيسا حينها.
ومن اللافت للنظر -برأي المجلة- أن الرجلين لم يُسألا عن موقفيهما من الصين، ومع ذلك فقد تناولاها من تلقاء نفسيهما لفترة وجيزة عند مناقشة الاقتصاد الأميركي وتأثير الرسوم الجمركية الثقيلة التي فرضها ترامب على العديد من الواردات الصينية، والتي أبقى عليها بايدن إلى حد كبير.
وبخصوص قيام دولة فلسطينية، اكتفى ترامب بالإجابة بأنه سيتروى حتى يصدر قرارا في هذا الشأن، لكنه سرعان ما عاد ليشن انتقادا لاذعا لبايدن على إرخائه الحبل بشكل كامل للأعضاء في حلف شمال الأطلسي (ناتو).
واختلف بايدن وترامب بشدة حول موقفهما من الحرب الروسية الأوكرانية، ونطاق المساعدات الأميركية لكييف، ومساهمات واشنطن في حلف الناتو.
وأوضحت المجلة أن بايدن دافع، خلال المناظرة، عن موقفه الداعم بقوة لأوكرانيا، في حين أوضح ترامب أن الرئيس الأميركي الحالي هو من شجع روسيا على الغزو بسبب “انسحابه الفوضوي” من أفغانستان في مايو/أيار 2021.
وتعهد أنه، في حال انتخابه رئيسا، سيعمل على تسوية الحرب بين البلدين قبل تنصيبه “دون توضيح لكيفية القيام بذلك”، زاعما أن بايدن سيقود البلاد إلى حرب عالمية ثالثة.
وفيما يتعلق بصورة الولايات المتحدة على الساحة الدولية، انتقد كل منهما الآخر بالتسبب في الاضمحلال الملحوظ لمكانتها في العالم.
وقالت المجلة إن قضايا الهجرة شهدت شجارا محتدما بين المتناظريْن، إذ شن ترامب هجوما على سياسات بايدن في هذا الصدد، واتهمه بالفشل في وقف تدفق المهاجرين على الحدود الجنوبية للولايات المتحدة ورسم صورة “بائسة وكاذبة إلى حد كبير” للمهاجرين غير الشرعيين الذين يحولون أوضاع البلاد إلى ما يشبه “وكر الجرذان” من حيث إشاعة فوضى يتعذر معها حل قضاياهم المعقدة.
ورد بايدن بمهاجمة إرث ترامب المتعلق بالهجرة، الذي تضمن “فصل الأطفال عن أمهاتهم، ووضعهم في أقفاص” بموجب سياسة الفصل العائلي التي انتهجها الرئيس السابق.
أسوأ نسخة
أما صحيفة التايمز البريطانية، فقد علقت بالقول إن المناظرة الرئاسية الأولى أظهرت أسوأ نسخة لرئيس حالي، وأفضل نسخة لمنافسه.
وأضافت أن بايدن أراد أن تنعقد هذه المناظرة في أقرب وقت في مسعى منه لكسر الجمود في استطلاعات الرأي، إلا أنها لم تحقق لحملته الانتخابية الاختراق الذي كان يأمله.
ورأت الصحيفة أن بايدن بدا منهكا ومشوشا، وأن بعض الكلمات خرجت من فمه بصوت أجش للغاية يتعذر سماعها بوضوح، رغم أنه قضى 7 أيام في منتجع كامب ديفيد في تدريبات مع مساعديه بعيدا عن تصريف مهامه الرئاسية في البيت الأبيض.
وأردفت أن بايدن بدا، طوال الوقت، تائها ويهمهم بكلام غير مفهوم وهو يرد على الأسئلة، الأمر الذي أظهر مدى تقدمه في العمر، بحسب التايمز اللندنية.
أما ترامب فقد تجاوز بأدائه في المناظرة كل التوقعات، حيث ظهر -برأي الصحيفة- أكثر انضباطا في معرض إجاباته على الأسئلة بالمقارنة مع المناظرات في عام 2020، وحصر حديثه على موضوعات المناظرة الرئيسية.
واتفقت صحيفة الغارديان البريطانية مع ما ذهبت إليه كل هذه الصحف، إذ أفادت بأن المناظرة اتسمت بعراك حول قضايا مثل الإجهاض والسياسة الضريبية، وبضعف أداء الرئيس، وبأكاذيب سلفه حول هجوم أنصاره على مقر الكونغرس في 6 يناير/كانون الثاني 2021، والديْن الوطني.
وقالت إن بايدن وصف ترامب بأنه “أسوأ رئيس في تاريخ أميركا” بإجماع المؤرخين، على حد زعمه. ورد ترامب على ذلك بتمجيد إنجازاته “التاريخية” المتمثلة في تخفيضاته الضريبية.
ومثل الصحف الأخرى، أشارت الغارديان إلى أن صوت بايدن بدا في بعض الأحيان مبحوحا، مضيفة أنه كثيرا ما كان يجد صعوبة في إكمال أفكاره.
وزادت أن المحللين والمعلقين ركزوا، بعد المناظرة، على “الذعر” الذي انتاب الديمقراطيين من أداء رئيسهم، حيث اقترح العديد منهم على الحزب التفكير في ترشيح شخص آخر في مؤتمرهم العام في أغسطس/آب القادم.
وأوردت الصحيفة نفسها في تقرير آخر أن رد الفعل السائد على المناظرة كان نوعا من “الاستكانة وعدم التصديق” بأن هذين المرشحين هما من اختارهما حزباهما لقيادة البلاد في واحدة من أكثر لحظاتها أهمية.