كيف ستتعامل حركة طالبان مع مقتل الظواهري في كابل؟ خبراء يجيبون
كابل– قُتل أيمن الظواهري، ثاني زعيم لتنظيم القاعدة وخليفة أسامة بن لادن، وسط العاصمة الأفغانية كابل في غارة جوية -نفذتها المخابرات الأميركية- تعد الأولى من نوعها بعد الانسحاب الأميركي من أفغانستان.
واستطاع الظواهري -المطلوب رقم 1 في واشنطن- أن يتوارى عن أنظار القوات الأميركية طوال 11 عاما، رغم وجود القوات الأميركية على الشريط الحدودي بين أفغانستان وباكستان.
ويقع المنزل الذي استهدفته المسيرة الأميركية في الحي الدبلوماسي ويبعد قليلا عن القصر الرئاسي والسفارة البريطانية في العاصمة كابل، وعاش فيه اثنان من كبار مساعدي الرئيس الأفغاني المنصرف أشرف غني، وبعد هروب غني من البلاد، اختار زعيم تنظيم القاعدة هذا البيت مأوى له.
تقارب غير معلن
يقول الكاتب والباحث السياسي حكمت جليل للجزيرة نت “خلال المفاوضات بين الولايات المتحدة وحركة طالبان في الدوحة أكدت الأخيرة أنها قطعت علاقاتها مع تنظيمات جهادية أجنبية، والآن ثبت للجميع أن هذه العلاقة -التي يمكن وصفها بالتاريخية- ما زالت موجودة حتى تجرأت الحركة بإيواء الظواهري في كابل”.
وتقول مصادر مقربة من الحكومة الأفغانية الجديدة إن عائلة زعيم القاعدة أيمن الظواهري وصلت إلى العاصمة كابل بعد 3 أشهر من وصول طالبان للسلطة، واستقرت في أرقى منطقة في كابل، وإن مقتل زعيم القاعدة بهذه الطريقة يظهر تقارب العلاقة بين طالبان والقاعدة.
ويقول مصدر حكومي للجزيرة نت، فضل عدم ذكر اسمه، إنه عندما تراجع جميع مراحل مفاوضات طالبان والولايات المتحدة لن تجد هناك بيانا استنكرت فيه طالبان القاعدة ونشاطها في المنطقة، على عكس تنظيم الدولة الإسلامية، ورحبت القاعدة وهنئت زعيم حركة طالبان الشيخ هبة الله آخوند زاده بالانتصار على أميركا وتوقيع الاتفاق معها.
وأخلت القوات الأميركية قواعدها ومراكزها في عموم أفغانستان نهاية أغسطس/آب العام الماضي، إلا أن الأجواء الأفغانية كانت تخضع لسيطرتها وتحلق طائرات مسيرة على مدار الساعة على الشريط الحدودي بين أفغانستان وباكستان بحجة مكافحة الإرهاب.
ونفذت هذه الطائرات هجمات في عدة ولايات أفغانية، ويقول مصدر في وزارة الطيران والنقل الأفغانية إن “وجود طائرات أميركية مسيرة على الشريط الحدودي مع باكستان ليس بأمر يخفى على أحد، وأنها كانت تحلق باستمرار في الأجواء الأفغانية”.
اتهامات متبادلة
بعد الضربة الأميركية في العاصمة كابل، سارع كل من المتحدث باسم الحكومة الأفغانية ذبيح الله مجاهد باتهام الولايات المتحدة بخرق اتفاق الدوحة وأن واشنطن انتهكت السيادة الوطنية، في حين اتهم وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن حركة طالبان بإيواء زعيم القاعدة وأن هذه الخطوة تعارض اتفاق الدوحة.
وبعد إعلان ذبيح الله بساعات وتأكيده أن بلاده تعرضت لضربة أميركية من دون أن يحدد المستهدف، أعلنت الولايات المتحدة مقتل الظواهري في منزله في كابل.
ويقول الباحث السياسي والإستراتيجي طارق فرهادي للجزيرة نت “إن تعامل حركة طالبان مع الضربة لم يكن موفقا كحكومة؛ حيث أكد متحدثها الضربة دون أن يحدد المستهدف، وهذا يثير أسئلة كثيرة، أهمها هل الحكومة تعرف مكان وجود الظواهري؟ أو أنها كانت تعرف كل شيء عن وجود الظواهري، وكانت تخفي ذلك عن المجتمع الدولي”.
بعد مرور أكثر من 15 ساعة على اغتيال زعيم القاعدة الظواهري في كابل، لم تعلق الحكومة الأفغانية على الرواية الأميركية ويقول مصدر في الداخلية الأفغانية للجزيرة نت إن “هناك اجتماعا مهما سيعقد على مستوى قيادة حركة طالبان والحكومة الأفغانية لتقييم ودراسة تداعيات اغتيال الظواهري في كابل”.
خيارات طالبان
ويرى مراقبون أن حركة طالبان لا تستطيع القيام بأي عمل استفزازي ضد الولايات المتحدة بعد استهداف زعيم القاعدة على أراضيها، لأنها لا تريد تكرار تجربة مؤسس تنظيم القاعدة أسامة بن لادن في أفغانستان؛ لذا ستكتفي بالشجب والاستنكار.
ويقول الكاتب والباحث السياسي أسد كريمي للجزيرة نت “ستحاول طالبان أن تحفظ علاقاتها مع الولايات المتحدة، ولن تسمح لاغتيال الظواهري بأن يفسد العلاقة بين الطرفين، لو أعلنت الولايات المتحدة وجود الظواهري على الأراضي الأفغانية وطالبت الحكومة الأفغانية الجديدة بتسليمه إياها -كما حدث مع سلفه- لكانت مشكلة حقيقية”.
وكانت الحكومة الأفغانية التي شكلتها حركة طالبان تؤكد عدم وجود مقاتلين أجانب في أفغانستان، إلا أن مقتل أيمن الظواهري في الغارة الأميركية أحرج حركة طالبان أمام الشعب الأفغاني والمجتمع الدولي على السواء، وتبين أن قادة فصائل وحركات مسلحة موجودون في أفغانستان.
وعن هذا، يقول الباحث في الحركات الإسلامية عبد الجليل كاكر للجزيرة نت إن “مقتل الظواهري بهذه الطريقة رسالة واضحة إلى قادة الحركات والفصائل المسلحة أنهم لا يستطيعون التخفي، وهؤلاء سيفكرون الآن في علاقتهم مع حركة طالبان؛ لأن الغارة الأميركية الأخيرة أكدت اختراق حركة طالبان من قبل الولايات المتحدة”، وفق تعبيره.