بحسب الأمم المتحدة، فإن عدد سكان العالم وصل أمس الثلاثاء إلى 8 مليارات نسمة، فكيف توصلت الأمم المتحدة لهذا الرقم المذهل؟ وما مدى مصداقيته؟ وهل يمكن للأرض أن تتحمل عشرة مليارات نسمة؟
في التقرير التالي محاولة للإجابة على هذه الأسئلة بالاعتماد على تقريرين من صحيفتين فرنسيتين.
أرجعت صحيفة لوباريزيان Le Parisien سبب اختيار الأمم المتحدة لتسليط الضوء على هذه المناسبة بسعي هذه المنظمة الدولية لزيادة الوعي بالقضايا المتعلقة بتكاثر البشرية على كوكب الأرض، لكن الصحيفة لفتت إلى أن هوامش الخطأ في هذه الأرقام كبيرة جدا.
وقال الكاتب بالصحيفة غايل لومبار إن المنظمة جمعت للوصول لهذه الرقم نتائج 1758 تعدادا وطنيا تم إجراؤها بين عامي 1950 و2022، وأعداد المواليد والوفيات التي تم تجميعها في السجلات المدنية، فضلا عن المعلومات المستمدة من 2890 مسحا تمثيليا.
لكن، رغم أن البيانات التي تتعلق بـ 237 دولة أو منطقة في العالم من المفترض أن تغطي سكان العالم بالكامل، فإنه لا يمكن الجزم بموثوقيتها، وفقا للكاتب.
وهنا، يقول الكاتب، يبقى المصدر الأضمن لمثل هذه الإحصاءات هو التعدادات السكانية التي تقوم بها كل دولة، غير أنه يتعين أن تكون هذه التعدادات محدثة، وهو ما لا يمكن التحقق منه، خصوصا أن التوقعات السكانية العالمية 2022 الرسمية التي نشرتها الأمم المتحدة هذا الصيف تقول بالحرف “تجري معظم البلدان تعدادا سنويا مرة كل عقد تقريبا”. وبالتالي، فإن 36% من تلك المستخدمة في هذا التقرير الأخير تعود إلى ما قبل عام 2015، وفقا للكاتب.
وقد عقَّد وباء كوفيد-19 هذا الأمر، إذ تسبب مثلا في إلغاء تعداد السكان في الهند 2020 وفي إلغاء فرنسا التحقيقات الخاصة بالسكان.
وينقل الكاتب عن الخبير الجغرافي الفرنسي الأستاذ بجامعة السوريون جيرار فرانسوا دومون قوله ” أحيانا تكون لرؤساء الدول مصلحة في زيادة عدد سكان بلدهم من أجل الحصول على إعانات دولية أعلى، مما يعني أن التعداد الموثوق هو ذلك الذي يشمل كل بلدان العالم، وهذا غير ممكن”، حسب قول دومون.
وتستمد الأمم المتحدة كذلك معلوماتها من السجلات المدنية، لكن هذه كذلك مختلفة من دولة إلى أخرى وبعيدة عن الاكتمال، حسب الكاتب.
وتلجأ الأمم المتحدة إلى النماذج الإحصائية لتقدير الخصوبة أو الوفيات أو تدفقات الهجرة.
وفي ظل هذه الظروف، يتابع الكاتب، فإن ربط تاريخ 15 نوفمبر/تشرين الثاني 2022 بوصول سكان العالم عتبة 8 مليارات كان اعتباطيا ولا قيمة علمية له، خصوصا أنه حدد في يونيو\حزيران الماضي ولم يتغير رغم من ماتوا في حوادث لم تكن في الحسبان مثل حرب أوكرانيا وفيضانات باكستان مثلا.
هل يتحمل الكوكب؟
وبينما يتزايد عدد الشباب العازفين عن إنجاب الأطفال لإنقاذ كوكب الأرض، تقدر الأمم المتحدة بأن سكان العالم سيصلون 10 مليارات بحلول عام 2080، فهل يستطيع الكوكب تحمل ذلك؟
هذا ما ناقشته الكاتبة بصحيفة لوفيغارو Le Figaro ماري ليفين ميشاليك في تقرير بدأته بالقول إن سكان العالم تضاعفوا خلال 200 عام تقريبا 8 مرات.
ونقلت ميشاليك عن خبير جغرافي قوله إن ما يقرب من 60% من سكان العالم يعيشون في بلدان يقل فيها معدل الخصوبة اليوم عن مستوى الإحلال البالغ 2.1 طفل لكل امرأة، بل إن ذلك المعدل لم يعد يزيد على طفل واحد لكل امرأة.
لكن الزيادة التي يتوقع أن يشهدها عدد سكان العالم تأتي بالذات من 10 دول, هي الكونغو الديمقراطية ومصر وإثيوبيا والهند ونيجيريا وباكستان والفلبين وتنزانيا.
وهذا يعني أن الزيادة ستكون في الأساس في دول فقيرة، وإذا ظلت هذه الدول تتبع نموذج الاستهلاك الغربي كما هي حالها الآن، فإن ذلك ستنتج عنه اختلالات اجتماعية وأمنية رئيسية قد تكون لها عواقب على التوازن العالمي.
ولفتت الكاتبة إلى أن الخبراء يرون أن المشكلة ليست في ازدياد عدد البشر وإنما في نموذجهم الاستهلاكي المعيب، إذ ينبغي أن يقللوا من استهلاك اللحوم وإهدارها وأن يولدوا طاقتهم من مصادر نظيفة، وإلا فإن الاختلالات الاجتماعية والأمنية قد تضرب بعض البلدان وتكون لها عواقب على التوازن العالمي.