نشرت مجلة “ذا نيوستيتسمان” (the NewStatesMan) الأميركية تقريرا تناول نظرة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وقادة بلاده إلى العالم، وتأثير ذلك في سياسات روسيا على الصعيدين الداخلي والخارجي.
وأورد تقرير المجلة الذي أعدّه الكاتب الصحفي جون لويد ونشر تحت عنوان “كيف ينظر فلاديمير بوتين إلى العالم؟” آراء مجموعة من الإعلاميين المتخصصين في الشأن الروسي من روسيا ودول أوروبية حول الموضوع.
ونقل التقرير عن الكاتب الروسي إيفان كراستيف تحذيره من أن “بوتين يعتقد بصدق أن الروس والأوكرانيين شعب واحد”، مؤكدا أن الرئيس الروسي غير مستعد للاعتراف بسيادة أي من الدول المجاورة لروسيا.
وأشار مراسل المجلة إلى أن الآراء التي تضمنها التقرير عبّر عنها أصحابها في مؤتمر نظمته في فيينا في وقت سابق من هذا العام منظمة “مدرسة التربية المدنية” (the School of Civic Education) وهي منظمة روسية غير حكومية حظرتها موسكو أخيرا، وقد شارك في المؤتمر 60 صحفيا معظمهم من روسيا.
وقال مراسل المجلة إن المؤرخ الروسي المستقل سيرغي ميدفيديف قدم في مداخلته في المؤتمر وجهة نظر مخيفة؛ إذ قال إن “الكرملين خلق وهما يتعلق بما بعد الاتحاد السوفياتي وما بعد الحداثة، ولكن ذلك الوهم مصحوب بعودة الفاشية الروسية”.
وذكر ميدفيديف أنه وغيره من الأكاديميين والصحفيين لم يأخذوا الأمر على محمل الجد حينئذ، فالنخبة في الكرملين لديها مصالح في الغرب لن ترغب في الإضرار بها، “لكننا كنا مخطئين؛ فقد كانوا جادّين” في الأمر.
وأبرز تقرير المجلة أن الصحفيين الروس المشاركين في المؤتمر هم من معارضي نظام بوتين الذين فقدوا وظائفهم واضطروا إلى مغادرة البلاد بعد التضييق على وسائل الإعلام المعارضة في روسيا، وليس بمقدور معظمهم الآن مزاولة عملهم الصحفي هناك بعد أن قضى النظام على وسائل الإعلام المعارضة في البلاد.
ونقلت المجلة عن الكاتب الصحفي الروسي مكسيم ترودوليوبوف، وهو صحفي روسي مستقل، قوله “لقد حاولنا تحليل تحركات بوتين من وجهة نظر عقلانية، لكننا أدركنا مع مرور الوقت أن هناك تحولًا في (تفكير) الكرملين من الواقع إلى خلق واقعه الخاص به”.
كما نقلت عن الصحفي أندريه كوليسنيكوف قوله إن “دكتاتورية الكرملين تدهورت في السنوات القليلة الماضية لتصبح أكثر تشددًا وقمعا، كما أصبح بوتين أكثر سخطا وقسوة، وكذلك هو الأمر لدى نظامه المبني على أساس القمع التام للمؤسسة السياسية والاقتصادية بموافقة وصمت من الجمهور”.
ويشير تقرير المجلة إلى أن بوتين يؤمن بتميز الشعب الروسي عن غيره من الشعوب، ويرجع تلك الفكرة إلى الكاتب والمؤرخ الروسي ألكسندر دوجين الذي ألف كتبا تنطلق من الإرث الإمبراطوري الروسي المتمثل في الهيمنة والاندماج مع المجتمعات القبلية السيبيرية، بخاصة المغول، ليخلص فيها إلى أن “التركيب الجيني للروس يجعلهم مميزين ومختلفين جوهريًّا عن الشعوب الأوروبية”.
كما يرى أن أوروبا تمثل جزءًا صغيرًا فقط من التراث الروسي، وتهدد الآن بغزو روسيا بأفكارها.
وللاستدلال على إيمان الرئيس الروسي بوتين بهذه الأفكار، أورد تقرير المجلة الأميركية تصريحا سابقا أدلى به بوتين قبل مدة وجيزة من إعادة انتخابه رئيسا لروسيا في عام 2012، إذ قال أمام حشد من أنصاره “نحن أمة منتصرة، إنه (الانتصار) موجود في جيناتنا، في شفرتنا الجينية، وينتقل من جيل إلى جيل، ولذلك سننتصر”!
وبعد الخطاب المذكور آنفا بعام واحد، هاجم بوتين، في خطاب ألقاه أمام مؤتمر فالداي الدولي، ما عدّه “الغرب المتحلل”، وقال “يمكننا أن نرى عدد الدول الأورو-أطلسية التي ترفض جذورها، بما في ذلك القيم المسيحية.. إنهم ينكرون المبادئ الأخلاقية وكل الهويات التقليدية؛ القومية والثقافية والدينية”.