مصريات يتلقين العلاج في أحد المستشفيات الحكومية (الجزيرة)

مصريات يتلقين العلاج في أحد المستشفيات الحكومية (الجزيرة)

القاهرة- “أرشيف صحي لكل مواطن”.. كان ذلك عنوانا مقترحا تحت قبة البرلمان لعضو مجلس النواب عن حزب الأغلبية البرلمانية “مستقبل وطن” طارق شكري، ليفتح في الساعات الأخيرة أبواب الحديث عن أسباب تأخر وجود ملف صحي لكل المصريين، ليشتمل على جميع المعلومات عن الحالة الصحية منذ الولادة حتى الوفاة، خاصة مع انتقال الحكومة المصرية نحو التسجيل الإلكتروني لبيانات المواطنين منذ سنوات.

في هذا السياق، كشف وكيل أسبق لوزارة الصحة المصرية في حديث خاص للجزيرة نت عن أن الفكرة موجودة بالفعل، وبدأت جزئيا منذ منتصف الثمانينيات ومستمرة على نطاقات نوعية بمصر، ولكن لإتمامها يتطلب الأمر تسريع الإجراءات في تفعيل مشروع التأمين الصحي الشامل ليعم محافظات مصر كلها.

 

ميدانيا، ووفق رصد مراسل الجزيرة نت، تقوم الحكومة المصرية حاليا بإجراء الحصر الطبي بشكل محدود، وذلك عبر تدريب العاملين في مستشفيات التأمين الصحي على التسجيل الإلكتروني، وهو ما حدث في محافظتين فقط، هما الأقصر (جنوب) وبورسعيد (شمال)، من إجمالي 26 محافظة، بسبب عدم امتداد منظومة التأمين الصحي الشامل لها.

وفي مطلع أكتوبر/تشرين الأول الجاري، أعلن المدير التنفيذي للهيئة العامة للتأمين الصحي الشامل حسام صادق انطلاق التسجيل الإلكتروني لنظام التأمين الصحي الشامل عبر بوابة مصر الرقمية لجميع المواطنين بالمحافظات المطبق بها النظام الجديد.

فكرة قديمة

ويوضح وكيل وزارة الصحة المصرية الأسبق مصطفى جاويش أن فكرة وجود سجل طبي لكل مواطن موجودة في مصر منذ منتصف الثمانينيات من القرن الماضي، وكانت تطبق في بعض المحافظات بوصفها برامج استرشادية من خلال الملف العائلي للأسرة كلها بالوحدات الريفية، وكانت تتم من خلال تمويل أجنبي.

وفي حديثه للجزيرة نت، أضاف جاويش أنه عاصر ذلك في برنامج تنمية الريف المصري بمحافظة دمياط (شمال) منذ عام 1985 بتمويل هولندي تحت اسم “المشروع الهولندي”، وفي منتصف التسعينيات بدأ مشروع السكان الرابع تحسين جودة الخدمة، ومن مكوناته كان برنامج الصحة الإنجابية بتمويل من الوكالة الأميركية للتنمية الدولية، واختص بملف صحة المرأة المصرية بصورة شاملة، وبه جميع البيانات بدقة، وله مركز لنظم المعلومات وتقارير دورية.

ويشير جاويش إلى أنه مع إنشاء إدارة الجودة بوزارة الصحة المصرية عام 2004، بدأ تنفيذ برنامج طموح في جميع وحدات الرعاية الصحية الأولية، بهدف تطبيق مؤشرات الجودة، حيث تم تغيير المسمى إلى وحدات ومراكز طب الأسرة بالريف والحضر، وإنشاء ملفات عائلية لجميع المواطنين، وتزويد الوحدات بأجهزة الكمبيوتر، بما يسمى حاليا “الرقمنة:، وهذا هو أساس تطبيق منظومة التأمين الصحي الجديد حاليا.

 

ويضيف وكيل وزارة الصحة الأسبق أنه تم تفعيل هذا النظام فى جميع وحدات طب الأسرة، وأيضا في المستشفيات، والمفروض أن هناك ربطا رقميا بينها من أجل تطبيق نظام الإحالة وخدمة المرضى، ولكن الإشكالية في إنهاء السجل كله أن تطبيق التأمين الصحي الجديد ما زال متعثرا حتى الآن ومطبقا في محافظتي بورسعيد والأقصر فقط وبصورة جزئية، رغم مرور نحو 5 سنوات على إصدار القانون.

ورأى أن المطلوب حاليا من مجلس النواب هو الضغط على الحكومة لتسريع وتيرة تطبيق نظام التأمين الصحي الجديد.

بورسعيد والأقصر

ووفق رصد مراسل الجزيرة نت، يمضي السجل الصحي قدما عبر التسجيل الطبي الإلكتروني بمنشآت محافظتي بورسعيد والأقصر، وهما أول محافظتين تم تطبيق المنظومة فيهما، التي انطلقت قبل 4 سنوات.

ووفق إحصاءات رسمية -نشرها الموقع الرسمي لهيئة التأمين الصحي- فإن عدد سكان محافظة الأقصر يبلغ نحو مليون و350 ألف مواطن، بينهم ما يقرب من 111 ألف مواطن فقط تم تسجيل بياناتهم. أما سكان محافظة بورسعيد فعددهم يبلغ نحو 785 ألف مواطن، وبلغ عدد المسجلين في منظومة التأمين الصحي نحو 720 ألف مواطن.

وحسب تصريحات صحفية سابقة لمستشار رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للرعاية الصحية مجدي بكر، فإن هناك تدريبات للعاملين في المنشآت الصحية على التسجيل الطبي الإلكتروني بمنشآت محافظات التأمين الصحي الشامل، كونه مستندا أساسيا لمتابعة حالة المريض في الوقت الراهن وفي المستقبل.

وكشف بكر عن أن “مفهوم التسجيل الطبي موجود وراسخ ومطبق في المنشآت الصحية، سواء على مستوى الرعاية الأساسية التي تقدم 80 أو 85% من احتياجات المواطنين، وتتم الإحالة منها للمستويات الأعلى، مؤكدا أن وحدات الرعاية الأساسية الطبية أصبحت تتبع نظام التسجيل إلكتروني بالكامل، ولا يتم استخدام الورق.

 

وحسب بيان رسمي لهيئة التأمين الصحي الشامل بمصر، فإن شركة “إي هيلث” (eHealth) هي المسؤولة عن إدارة وتشغيل الخدمات التكنولوجية لمنظومة التأمين الصحي الشامل، التي من بينها السجل الصحي الإلكتروني.

وأوضح البيان أنه من المخطط أن يغطي الحصر 100 مليون مصري خلال 10 سنوات.

شركات خاصة

فكرة السجل الصحي نفسها هي “بيزنس” رائج في السوق الطبي المصري، حيث توجد شركات متخصصة في إطلاق نظام إلكتروني مركزي للسجلات الطبية في القطاع الخاص بمصر.

ووفق تصريحات صحفية لأمير كليلة (مؤسس إحدى هذه الشركات)، فإنه من خلال السجلات الصحية الإلكترونية يجد المريض والطبيب سجلا طبيا متكاملا يتضمن الأمراض السابقة والمخاطر الصحية المحتملة في المستقبل، بما يعني أن المصريين لديهم سجل طبي رقمي ودقيق لأول مرة.

واتجهت وزارة الصحة مؤخرا للتعاون مع إحدى تلك الشركات، حيث بحث وزير الصحة والسكان خالد عبد الغفار في سبتمبر/أيلول الماضي التعاون مع إحدى شركات خدمات الاتصال الطبي عن بعد، والتوسع في تطبيق أحد برامج منظومة المجالس الطبية المتخصصة.

ومن المقرر -وفق بيان رسمي- أن يقوم هذا البرنامج على فكرة السجل الصحي للمرضى، حيث يتيح تبادل البيانات الشخصية الخاصة بالمريض بين شبكات صحية تابعة للوزارة.

 

المسح الصحي

على التوازي، ومع جهود وزارة الصحة التي تسير وفق منظومات متعددة في التسجيل الصحي للمواطنين؛ هناك جهد ثان ينفذه بآليات مختلفة الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، عبر المسح الصحي للأسرة المصرية، الذي يعوّض نقص السجلات الصحية، حسب البعض.

ووفق بيان رسمي، فقد بدأ تنفيذ المسح الصحي للأسرة المصرية عام 1988، لبناء قاعدة بيانات تساعد في تقييم البرامج السكانية والصحية، وسد الفجوة في هذه البيانات المهمة، ومن بينها مؤشرات الصحة الإنجابية، ومعدلات الإنجاب واستخدام وسائل تنظيم الأسرة، ومؤشرات الاستفادة من خدمات الرعاية السابقة للولادة، وحالة التغذية، بالإضافة إلى المؤشرات المتعلقة بالحالة الصحية العامة للأطفال، مثل مستويات التطعيمات وكذلك الرعاية الصحية للأم والطفل بعد الولادة.

وحسب إحصاءات رسمية حديثة للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، فقد أظهرت نتائج آخر مسح صحي للأسرة المصرية عام 2021 أن تسجيل المواليد يصل إلى 99%.

وكشف المسح عن أنه حصل على نتائج التطعيمات من خلال شهادة صحية تسمى في مصر “البطاقة الصحية”، يتم اعتمادها للأطفال وتسجيل التطعيمات بها، وتعد -حسب البعض- نواة للسجل الصحي.

وتطرق المسح لبعض الأمراض التي تلاحق الأطفال في مصر، حيث استطاع عبر البيانات رصد ارتفاع نسبة الأطفال (6-59 شهرا) المصابين بالأنيميا إلى نحو 43%، وذلك في الفترة بين 2014 و2021.

 

وحسب بيانات رسمية لوزارة المالية المصرية، فقد ارتفعت مخصصات الإنفاق الحكومي على قطاع الصحة في العام المالي المقبل بنسبة 17.7%، مقارنة بما هو مقدر لها في موازنة العام المالي الحالي.

ووفق البيان المالي لمشروع الموازنة العامة للدولة للعام المالي الحالي، فقد وصلت قيمة مخصصات الإنفاق على قطاع الصحة إلى 128.1 مليار جنيه، مقابل 108.8 مليارات جنيه مخصصة للعام الماضي (الدولار يساوي 19.71 جنيها).

 

المصدر : الإعلام المصري + الجزيرة

About Post Author