مؤتمر مصر الاقتصادي.. مستثمرون وخبراء يحددون مقترحات وحلولا عملية لإنجاحه
القاهرة– تنشط حكومة رئيس الوزراء مصطفى مدبولي في الإعداد لمؤتمر اقتصادي ضخم، دعا إلى عقده الرئيس عبد الفتاح السيسي في الفترة من 23 إلى 25 من الشهر الحالي بالعاصمة الإدارية الجديدة، تحت شعار “خارطة طريق لاقتصاد أكثر تنافسية”، سعيا إلى “التوافق على خارطة الطريق الاقتصادية للدولة خلال الفترات المقبلة، واقتراح سياسات وتدابير واضحة تسهم في زيادة تنافسية ومرونة الاقتصاد المصري”، حسب موقع المؤتمر.
وتأتي الدعوة لانعقاد المؤتمر في ظل تحديات غير مسبوقة تواجه الاقتصاد المصري ضمن أزمات عالمية تضرب اقتصادات الدول النامية.
مخاوف وتطمينات
وعبّر محللون عن خشيتهم من أن يكون المؤتمر في أيامه الثلاثة مجرد جلسات للتنظير، من دون ثمار فعلية تساعد الاقتصاد.
ولا يقتصر القلق لدى المعنيين بالاقتصاد من النقاشات غير العملية فحسب، بل ينبع كذلك من خشية ألا تجد التوصيات طريقها إلى أرض الواقع، فربما تصطدم التوصيات والمطالب بمحظورات صندوق النقد وشروطه الاقتصادية “القاسية” أو بمعوقات واقعية لا يمكن التخلص منها دفعة واحدة، وفقا لمحللين.
وطرح مسؤولون مشاركون في جلسات المؤتمر تطمينات بشأن هذه المخاوف تؤكد أن الحكومة يمكن أن تصدر قرارات فورية أثناء عقد المؤتمر بما سيجمع عليه المجتمعون.
وقال عضو لجنة الشؤون الاقتصادية البرلماني طارق السيد إن على رأس أولويات المؤتمر ضرورة إصدار توصيات ومقترحات قابلة للتنفيذ على الأرض، للخروج من أزمة توفر الغذاء والحبوب المستوردة، التي كشفت عنها الحرب الروسية الأوكرانية.
وتابع السيد -في حديث للجزيرة نت- أن من المهم أن يخرج المؤتمر أيضا بتوصيات تعنى بتوطين الصناعة، سعيا للاكتفاء الذاتي أو للتصدير، مع السعي نحو تسريع التحول الرقمي في كل المجالات المنعكسة على الإنجازات الاقتصادية.
ورأى أن من أهم الإجراءات اللازمة لكي لا يتحول المؤتمر إلى مجرد جلسات تنظير أن تكون القرارات الحكومية أثناء المؤتمر معنية بدراسة آراء المدعوين دراسة جدية، بخاصة عند الاتجاه لإصدار قرارات فورية عن المؤتمر.
أما المعنيون بمحاور الملف الاقتصادي في لجان الحوار الوطني، فيشارك منهم نحو 20 ممثلا في جلسات المؤتمر الاقتصادي، حسب مقرر محور الاستثمار الخارجي بالحوار الوطني سمير صبري الذي أعلن في حوار متلفز أن المؤتمر سيشهد اتخاذ قرارات آنية على مستوى رئاسة الوزراء، “وقد تكون هناك قرارات رئاسية فورية كذلك”.
ومن الضمانات التي تسعى بها الحكومة إلى طمأنة المشاركين بشأن جدية المؤتمر الاقتصادي: “علنية جلسات المؤتمر”، بحيث يكون الجمهور مطلعا على النقاشات، ومتابعا لما يجري.
تلقي المقترحات
انطلق قبل يومين العرض الدعائي والترويجي للمؤتمر، وتلقى الموقع الإلكتروني المخصص للمؤتمر نحو 115 مقترحا من الخبراء والاقتصاديين والمستثمرين للإسهام بالرؤى والأفكار في المؤتمر.
وتقدم عضو شعبة الذهب والمعادن الثمينة باتحاد الصناعات المصرية ممدوح عبد الله بورقة عمل وضعتها الشعبة، متضمنة سبل النهوض بصناعة الذهب وتعزيز صادرات مصر منها، ومن بينها المطالبة بإلغاء رسوم التثمين على صادرات المشغولات الذهبية، المقررة بنحو 0.5% من سعر غرام الذهب، مما يسهم في تعزيز حجم صادرات مصر من المشغولات الذهبية، في ظل تراجع التصدير في السنوات الماضية.
ومن المطالب المقدمة للمؤتمر تقليص عدد الجهات المتعاملة مع المصدّرين، حيث طالب رئيس جمعية رجال الأعمال المصريين الأفارقة يسري الشرقاوي بحل مشكلات المصنعين بخفض عدد هذه الجهات من 6 جهات إلى جهة موحدة تتولى الملف بجوانبه كافة.
وشُكّلت غرفة عمليات لتلقي جميع المقترحات من الشعب التجارية في اتحاد الغرف التجارية بالقاهرة في الأنشطة المختلفة وتنقيتها ووضعها في ورقة عمل تراعي التركيز على رفع معدلات التصدير.
أما على صعيد الصناعة، فقد تبلورت مقترحات تلقاها مجلس إدارة اتحاد الصناعات من أعضاء الغرف، تدور في إطار حل مشاكل الصناعة وزيادة حجم الصادرات وصرف المستحقات التصديرية في مدة لا تتجاوز 40 يوما من تاريخ تقديم مستندات الشحن.
وشملت بعض مطالب الغرف -حسب وسائل إعلامية- ضرورة خفض الجمارك عن الخامات التي لا بديل محليا لها وتسهيل دخولها، وخفض تكاليف خطوط الشحن إلى أفريقيا وإيجاد خط شحن مباشر.
وطالب رجل الأعمال والخبير الاقتصادي ممدوح حمزة بوقف كل المشروعات غير الإنتاجية فورا، وهو “مطلب عام وشائع، تأكيدا لجدّية الحكومة في الاستجابة للمطالب”، معربا عن اعتراضه على “مشاركة من يدعون خطأ برجال الأعمال” بتعبيره، مؤكدا أن “رجال الأعمال الحقيقيين نسبتهم قليلة وسط أسماء لا هم لها غير المكسب، من دون تنمية ولا عائد على البلاد”.
وطالب حمزة -في حديثه للجزيرة نت- بالتركيز على تنشيط السياحة أولا لأنها النشاط الأسرع في جلب العملة الصعبة، وهي المعضلة الملحّة حاليا للحكومة، مع ضرورة إشراك رجال الفكر الاقتصادي السليم في المؤتمر، إلى جانب أعضاء متخصصين بالاقتصاد في الأحزاب السياسية المختلفة.
واستبعد ممدوح حمزة -وهو من رموز ثورة يناير/كانون الثاني 2011- إمكانية صدور قرارات فورية حاسمة خلال المؤتمر، “لانعدام واقعية هذا الأمر”.
مشاركات وأجندات
تشارك في المؤتمر 21 جهة محلية ودولية، ويتوقع المنظمون أن يبلغ عدد المشاركين من القطاعين العام والخاص بين 400 إلى 500 مشارك.
وتشمل قائمة الجهات المشاركة في المؤتمر وزراء وقيادات اتحادات الصناعة والتجارة ومجالس التصدير وجمعيات استثمارية ورجال أعمال، ورؤساء جامعات وأعضاء اللجان المعنية بمجلسي النواب والشيوخ وسفراء، وخبراء وممثلين لأحزاب سياسية.
وتلقّى الموقع الإلكتروني الذي أطلق خصيصا للمؤتمر أكثر من 100 مقترح فور انطلاقه، كلف رئيس الوزراء بدراستها للاستفادة منها وتضمينها في سياق الرؤى والأفكار العملية التي ستُطرح في جلسات المؤتمر.
وحسب بيان صحفي، سجل الموقع 15 ألف مشاهدة في الأيام الثلاثة الأولى من تدشينه مطلع الشهر الحالي، متضمنا إمكانية البث المباشر لجلساته، لتسهيل إطلاع المعنيين عليها.
ويوفر الموقع الإلكتروني مساحات تفاعلية ومعلوماتية لتعزيز قنوات التواصل بين الحكومة والخبراء والمهتمين بالشأن الاقتصادي والاستفادة من آرائهم ومقترحاتهم.
ويفتتح جدول أعمال المؤتمر الاقتصادي بمناقشة سياسات الاقتصاد الكبيرة أو الكلية للدولة المصرية، ثم يناقش كيفية تمكين القطاع الخاص وتهيئة بيئة الأعمال، ليختتم أعماله بوضع خارطة طريق.
ولأن اليوم الأخير هو الأهم لتحديد المسار الذي ستسفر عنه توصيات المؤتمر، ستعقد فيه جلسات متخصصة بالتوازي، وتعنى كل جلسة بقطاع محدد مثل قطاعات الطاقة والطاقة الجديدة والمتجددة والاستثمار في مشروعات الطاقة الشمسية ومشروعات طاقة الرياح والهيدروجين الأخضر، وكيفية تحريك الشراكة مع القطاع الخاص في هذا المجال والمجالات الأخرى مثل الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات والعقارات والمشروعات الخضراء والنقل والمواصلات والزراعة واستصلاح الأراضي ومشروعات الإنتاج الحيواني والداجني ومشروعات السياحة والطيران.
وكان الرئيس عبد الفتاح السيسي شدد في نهاية سبتمبر/أيلول الماضي على أهمية حل جميع المعوقات التي تقابل المستثمرين ورجال الأعمال، قائلا “نضع أيدينا في أيدي بعض، ونجتهد، وكل المعوقات التي تقابل المستثمرين ورجال الأعمال نحلها”.