في ظل الاستقطاب القائم بين القوى الكبرى في العالم، يأتي انعقاد القمتين الخليجية الصينية والعربية الصينية بالعاصمة السعودية الرياض، وقد بحثتا آفاق التعاون بين بكين من ناحية، والعرب ولا سيما الخليجيين من الجانب الآخر.
وحرص ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان على تأكيد استثنائية الحدث بقوله في افتتاح القمة العربية الصينية بالرياض إن القمة تؤسس لمرحلة جديدة في تطوير علاقات الدول العربية والصين، وتعزيز الشراكة بين الجانبين.
من جانبه قال الرئيس الصيني شي جين بينغ، الذي كان قد شارك في قمة خليجية صينية قبل ذلك، إن القمة العربية الصينية حدث مفصلي في تاريخ علاقات الجانبين.
وفي قراءته لسياق التقارب العربي الصيني، قال أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية، د. خليل العناني إن الدول العربية تحاول تنويع الحلفاء الدوليين في ظل تداعيات الحرب الروسية على أوكرانيا، وفي ظل شعور العرب وخاصة الخليجيين بتخلي الحليف الأميركي عنهم، وعدم الارتهان لقطب واحد -يضيف العناني- هي إستراتيجية ذكية من قبل العرب.
لكنه أوضح أن ما يجري بين بكين والعرب لا يعتبر تحولا إستراتيجيا وقد يكون نوعا من المناورة يقوم بها العرب للاستفادة من التنافس بين القطبين الأميركي والصيني.
وتسعى الصين من جانبها إلى تنويع مجال تعاونها مع الدول الخليجية والعربية، ووفق ما أشار رئيس الجمعية الصينية للدراسات الدولية، فيكتور غاو في حديثه لبرنامج “ما وراء الخبر”، فإن المهم بالنسبة لبكين هو توسيع مجال التعاون ليشمل مجال الدفاع والتكنولوجيا الدفاعية، وقال إن الصين تمتلك إمكانيات كبيرة وليست لديها تحفظات في بيع أفضل التكنولوجيات العسكرية للدول العربية بخلاف دول أخرى ترفض بيعها الأنظمة العسكرية المتطورة.
ولا يعتقد الضيف الصيني وجود خلافات أساسية بين العرب وبلاده يمكن أن تعرقل تعاونهما، مؤكدا أن معظم الدول العربية تؤيد موقف الصين بشأن قضية الإيغور في مجلس حقوق الإنسان، وأن الذي تعارضه هي الدول الغربية وبعض الدول الإسلامية.
ويرجع المستشار بمركز الإعلام والدراسات العربية الروسية، عبد العزيز بن رازن أسباب التوجه الخليجي والعربي نحو الصين واعتبارها حليفا إستراتيجيا إلى كون هذه الدولة تتربع اليوم على كرسي التقنية وتحترم الاتفاقيات الدولية، مؤكدا وجود تعاون بينها وبين دول الخليج في المجال العسكري وقد يتطور لاحقا، وقال إن الوجود العسكري لا يكون واضحا في الإعلام لكنه يوجد على أرض الواقع.
وعن نظرة واشنطن للتقارب العربي الصيني والخليجي على وجه الخصوص وخياراتها للتعامل مع وجود صيني أكبر في المنطقة، يجيب العناني بالقول إن الأميركيين وفي ظل تنافسهم الشديد مع الصين سيرفضون أن يستخدم حلفاؤهم وخاصة في الدول الخليجية التكنولوجيا الصينية لأن ذلك سيؤثر -من وجهة نظرهم- على الأمن القومي الأميركي، لكنه أشار إلى أن واشنطن تجد نفسها اليوم أمام خيارات صعبة.
غير أن الدول الخليجية في تعاملها مع الصين لا تنظر لردة الفعل الغربية، حسب ما أوضح بن رازن الذي شدد على استقلالية القرار السعودي.