يُجمع الخبراء والمختصون في مجال الرياضة على أن احتضان الدول للفعاليات الرياضية الكبرى مثل كأس العالم، يعود بفوائد جمّة على الدولة المستضيفة على جميع الأصعدة: الاقتصادية، والاجتماعية، والسياسية، خاصة وأن الرياضة قد تحوّلت من مجرد هواية إلى صناعة يُستثمر فيها، وتحقّق أرباحًا طائلة.
وحقّق الاستثمار في مجال الرياضة قفزة كبيرة مع بداية القرن 21، وأصبحت المناسبات الرياضية الكبرى أحد أركان صناعة الرياضة. ووفق الاستشاري في الإدارة الاستراتيجية مراد علي؛ فقد باتت الأحداث الرياضية الكبرى تكلّف مبالغ ضخمة، ففي دورة كأس العالم لكرة القدم التي أُقيمت في نهاية التسعينيات، بلغت التكاليف حوالي 500 مليون دولار، وفي الدورة التي احتضنتها البرازيل تعدّى المبلغ 15 مليار دولار، وفي تلك التي أُقيمت في روسيا تجاوز المبلغ 11 ونصف مليار دولار. وفي كأس العالم المنتظرة خلال أيام في قطر هناك حديث عن أرقام قد تصل إلى 220 مليار دولار.
وينعكس حجم الاستثمار الكبير في المجال الرياضي على الدولة المستضيفة للحدث الرياضي، من حيث تطوير البنية التحتية؛ فهي لا تبني الملاعب فقط، وإنما تبني شبكات طرق وشبكات مواصلات، وتطوّر في شبكة الاتصالات والإنترنت وغيرها، وأشار الاستشاري في الإدارة الاستراتيجية في حديثه مع برنامج “موازين” إلى أن الدول التي تحتضن الفعاليات الرياضية الكبرى تتباين من حيث التطوّر، فألمانيا -مثلًا- لمّا استضافت دورة كأس العالم عام 2006 لم تكن بحاجة لاستثمارات ضخمة لبناء البنية التحتية، في حين أن جنوب أفريقيا والمكسيك كانتا بحاجة إلى استثمارات كبيرة لتطوير بنيتهما التحتية.
كما أن تنظيم كأس العالم أو غيره من البطولات الرياضية، يعود بفوائد اقتصادية على الدولة المستضيفة، مثل: توفير فرص عمل، وجذب السياحة، والترويج للعلامات التجارية المحلية، بالإضافة إلى فوائد أخرى، كما يقول الاستشاري.
وبرزت قطر دولة تستثمر في المجال الرياضي، لإدراكها بأهمية الرياضة ودورها، ورفعت شعار “لنكن وطنًا رائدًا يجمع العالم من خلال الرياضة”، واستضافت فعاليات رياضية كبرى، ونجحت خطتها في نشر الرياضة، وفي أن تكون وطنًا رائدًا يجمع الرياضة والرياضيين والمناسبات الرياضية، حسب ما جاء في مداخلة الأستاذ في إدارة الرياضة وتطوير الأعمال، أشرف الميداني ضمن برنامج “موازين”.
وبالنسبة للكاتب والمفكر القطري جاسم السلطان، فإن الرياضة هي جزء من حُزمة من الأشياء الأخرى التي تؤثّر في صناعة استراتيجيات الدول، ولها دور في تعزيز مكانة الدول في العالم، وتلك التي تحتضن الأحداث الكبرى -مثل كأس العالم- تحصل على فوائد كبيرة جدًا، من أبرزها: أن العالم كله يهتمّ بها وبمجتمعاتها، من خلال الحضور الإعلامي والسياسي، وتكون هناك فرصة بالنسبة لها للتعريف بنفسها وبقدراتها وإمكاناتها وبكوادرها وطاقاتها.
ورغم أن التعرف على قطر أصبح له مداخل كبيرة جدًا -لأنها استضافت بنجاح فاعليات وبطولات رياضية سابقة أسيوية وخليجية- فإن استضافتها لكأس العالم سيبقى رصيدًا كبيرًا جدًا لها، وسيربط اسم دولة قطر بأذهان الناس في العالم، وفق الكاتب القطري في حديثه لبرنامج ” موازين”.
وستكون مناسبة تنظيم كأس العالم فرصة لقطر لتكتسب ثقة أكثر في إدارة المناسبات الرياضية العملاقة، وتكون – بعد نجاح الدورة- نموذجًا للدول الأخرى في مثل الحجم والظروف، لكي تدير مثل هذه الأحداث الرياضية الكبرى، كما سيمنح الحدث إضافة كبيرة لرصيد قطر، كونها لها سياسات مهمة قبل الحدث الرياضي في مجال الوساطات الدولية، وقضية الطاقة والغاز، ومساعدة المجتمعات الأخرى، وذلك كما يقول السلطان الذي يستعبد أن تتأثّر الهوية الوطنية القطرية خلال كأس العالم، بسبب توافد ثقافات مختلفة من العالم.
ويمكن استثمار وجود أكثر من مليون سائح في قطر خلال كأس العالم لنقل صورة عن قطر ومجتمعها وهويتها، ونقل صورة -كذلك- عن البيئة العربية والإسلامية للعالم، وذلك في حال وجود تخطيط وعمل إعلامي ضخم، وفق الكاتب والمفكر القطري.