ما عقيدة هاريس بشأن السياسة الخارجية؟.. خبراء ومسؤولون يجيبون
نشرت مجلة فورين بوليسي مقالا لعدد من صحفييها تضمن وجهات نظرهم وتوقعاتهم للسياسة الخارجية التي قد تتبناها مرشحة الحزب الديمقراطي المفترضة، كامالا هاريس.
وقالت المجلة إنه مع فوز هاريس -تقريبا- بترشيح الحزب الديمقراطي لخوض السباق الرئاسي، فإن أحد أكبر الأسئلة التي تدور حول واشنطن وعواصم دول العالم هو كيف ستبدو عقيدتها في السياسة الخارجية إذا فازت في الانتخابات المزمع إجراؤها في الخامس من نوفمبر/تشرين الثاني المقبل.
واعتبرت أنه ليس من السهل تحديد الاختلافات بين وجهات نظر الرئيس جو بايدن ونائبته في السياسة الخارجية، نظرا لأن كليهما حاولا تقديم نفسيهما على أنهما على توافق تام فيما يتعلق بقضايا السياسة الخارجية والأمن القومي على مدى ما يقرب من 4 سنوات.
وقد تحدثت المجلة مع أكثر من 10 مسؤولين أميركيين حاليين وسابقين وموظفين في الكونغرس وخبراء ومساعدين سابقين لهاريس لمعرفة المزيد حول موقفها بشأن المناطق الرئيسية وقضايا السياسة الخارجية التي تنهمك فيها الولايات المتحدة، بدءًا من الصين، والحرب الروسية في أوكرانيا إلى الشرق الأوسط، وما وراءها.
الصين
ذكرت المجلة أن لهاريس سجلًّا محدودا نسبيا فيما يتعلق بالعلاقات مع الصين مقارنة بما حققه بايدن من إنجازات يحق له التباهي بها، وهو الذي تعامل ردحا من الزمن مع الزعيم الصيني شي جين بينغ حتى عندما كان نائبا للرئيس الأميركي باراك أوباما ومرشحا للرئاسة في عام 2020.
وربما تكون أقوى تجاربها في تعاملها مع الصين هي الوقت الذي قضته في سعيها لدعم التحالفات الأميركية في منطقة المحيطين الهندي والهادئ من موقعها نائبة للرئيس.
وأضافت أن هاريس سافرت 3 مرات إلى جنوب شرق آسيا حطت خلالها الرحال في سنغافورة وفيتنام وتايلاند والفلبين وإندونيسيا. وتضمنت زيارتها إلى الفلبين التوقف في مقاطعة بالاوان، وهي أرخبيل في بحر جنوب الصين؛ وشددت خلال الرحلة على “التزام الولايات المتحدة الثابت” تجاه حليفتها في اجتماع مع الرئيس فرديناند ماركوس جونيور.
وعندما كانت مرشحة للرئاسة في عام 2020، تبنت موقفا تجاه الصين ينسجم تماما مع سياسة البيت الأبيض على مدى السنوات الأربع الماضية، التي استندت على مبدأ التنافس والتعاون في وقت واحد.
غير أن نقطة الخلاف الوحيدة تمثلت في انتقادها فرض الرئيس السابق دونالد ترامب رسوما جمركية على الصين، بينما أبقت إدارة بايدن عليها إلى حد كبير. ولا يرجح الخبراء، بشكل عام، أن ينحرف نهجها تجاه الصين كثيرا عن نهج بايدن، بحسب فورين بوليسي.
الهند وجنوب آسيا ومنطقة المحيط الهندي والهادئ
قالت المجلة الأميركية، إن الهند كانت واحدة من أكثر النقاط المضيئة في علاقات واشنطن الثنائية في عهد إدارة بايدن، التي طالما اعتبرتها تشكل ثقلا موازنا ومحوريا للصين وشريكا رئيسيا في إستراتيجية الولايات المتحدة الأوسع في منطقة المحيطين الهندي والهادئ.
وبرأي الخبراء، فإن سياسة هاريس إزاء الهند لن تختلف كثيرا عن سياسة بايدن، فقد حظيت العلاقة بين البلدين بدعم الحزبين الجمهوري والديمقراطي، وهي من الأهمية بمكان بحيث لن يطرأ عليها تغيير كبير.
وتتمتع هاريس بعلاقة شخصية بالهند أكثر من أي مرشح رئاسي أميركي على الإطلاق لكون والدتها، شيامالا غوبالان، هاجرت إلى الولايات المتحدة من الهند، وقد أشارت هاريس مرارا وتكرارا إلى تأثير والدتها على حياتها وآرائها.
السياسة التجارية
بحسب فورين بوليسي، لم تكن هاريس يوما خبيرة تجارية، سواء في مجلس الشيوخ أو بعدما أصبحت نائبة للرئيس.
ولكن بصورة عامة، فقد دعت -أثناء وجودها في مجلس الشيوخ وترشحها للرئاسة عام 2020- إلى رؤية في مجال التجارة مناصرة لمطالب العمال، وصديقة للبيئة وتتحلى بوعي اقتصادي وتتلاءم بشكل مريح إلى حد ما مع برامج الحزب الديمقراطي، وتتناقض بوضوح مع مواقف ترامب ومرشحه لمنصب نائب الرئيس السيناتور جيه دي فانس.
ولكن عندما يتعلق الأمر بالصفقات التجارية، يصعب فهم هاريس بعض الشيء. فهي تقول إنها كانت ستصوت ضد اتفاقية التجارة الحرة لأميركا الشمالية الأصلية (نافتا)، وهي من بنات أفكار الجمهوريين، لأنها لم تفض إلى نتائج كافية فيما يتعلق بحماية العمل والعمال والبيئة.
روسيا وأوكرانيا وحلف شمال الأطلسي
توضح المجلة الأميركية، أن هاريس مثلت الرئيس بايدن في العديد من المؤتمرات الدولية الكبرى، بما في ذلك مؤتمر ميونخ الأمني وقمة السلام في أوكرانيا. بيد أن أداءها فيما يتصل بالعلاقات الأميركية عبر الأطلسي لا يقارن بسجل بايدن.
وفي خطابها أمام مؤتمر ميونخ في فبراير/شباط 2022، قبل 5 أيام فقط من الهجوم الروسي الواسع النطاق على أوكرانيا، قالت إن التزام الولايات المتحدة تجاه حلف شمال الأطلسي (الناتو) “ثابت” و”صارم”، واصفة الدفاع عن الحلفاء بأنه “مقدس”.
الصراع الإسرائيلي الفلسطيني
وتضيف فورين بوليسي، أن حرب إسرائيل على غزة ربما تكون هي أبرز أزمات السياسة الخارجية الأميركية التي سترثها هاريس في نوفمبر/تشرين الثاني.
وكما هو الحال مع قضايا السياسة الخارجية عموما، فإن تاريخ هاريس مع الصراع الإسرائيلي الفلسطيني أضعف من تاريخ بايدن، الذي كان يتمتع بدرجة غير عادية من الخبرة في هذا المجال حتى قبل أن يتولى الرئاسة.
وبقراءة دقيقة لسجل هاريس في جلسات التصويت وخطاباتها العامة، تشير مواقفها إلى أنه من غير المرجح أن تدخل تغييرات ذات شأن في تعاطي واشنطن مع الحرب على غزة أو الصراع الإسرائيلي الفلسطيني الأوسع.
ومنذ هجوم حماس على إسرائيل في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، التزمت هاريس إلى حد كبير بسياسة إدارة بايدن، التي دافعت عما تعتبره “حق” إسرائيل في الدفاع عن نفسها بينما اتسمت وتيرة انتقاداتها للحملة العسكرية الإسرائيلية بالتأني والبطء في الضغط من أجل وقف إطلاق النار.
وقال فرانك لوينشتاين، المبعوث الخاص السابق للمفاوضات الإسرائيلية الفلسطينية في وزارة الخارجية، إنه في حين أنها ستواصل على الأرجح اتباع السياسة الراهنة لبايدن إزاء الصراع إلى حد كبير، فإنها قد تتبنى لهجة مختلفة عنه. وقد ردد هذا التصور أولئك الذين تحدثوا معها شخصيا عن الحرب.