محللون: زيارة نتنياهو لواشنطن باتت هامشية وبلا مضمون
القدس المحتلة- أجمع محللون سياسيون على أن الأزمات الداخلية لإسرائيل بسبب الحرب على غزة، ترافق رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو خلال زيارته للولايات المتحدة التي تبدأ اليوم الاثنين، حيث يسود التقدير بأن الزيارة باتت فارغة من مضمونها وقد تكون لها تداعيات سلبية، بسبب انسحاب الرئيس جو بايدن من السباق الرئاسي.
وثمة من يعتقد أن انسحاب بايدن من الانتخابات الرئاسية الأميركية التي ستجرى في الخامس من نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، قد تدفع البيت الأبيض لممارسة المزيد من الضغوطات على نتنياهو بغية إلزامه بإبداء المزيد من المرونة لقبول صفقة التبادل ووقف إطلاق النار في غزة.
وحيال ذلك، ترى بعض التحليلات أن “نتنياهو في ورطة”، فهو يحاول لقاء الرئيس السابق دونالد ترامب، لكن ليس من الواضح من سيكون المرشح الديمقراطي للرئاسة الذي سينافس ترامب. وسيتعين عليه الانتظار حتى انتهاء مؤتمر الحزب الديمقراطي في أغسطس/آب المقبل.
وتتوافق قراءات محللين على أنه لا ينبغي لنتنياهو أن يكون سعيدا بانسحاب بايدن، وتقدر أن ترامب الذي ينظر لرئيس الحكومة الإسرائيلية على أنه خاسر بالحرب سيكون أكثر عدوانية تجاهه من بايدن، وأجمعت آراء المحللين أن تصريحات ترامب، بأنه من الأفضل إنهاء الحرب قبل عودته إلى البيت الأبيض، ليست مريحة لنتنياهو.
توقيت دراماتيكي
وقال المراسل والمحلل السياسي في صحيفة “هآرتس”، يهونتان ليس، إن زيارة نتنياهو لواشنطن تأتي في توقيت دراماتيكي، بظل انسحاب بايدن من السباق الرئاسي، وعلى خلفية الانتقادات الموجهة من الإدارة الأميركية للحكومة الإسرائيلية بكل ما يتعلق بإدارة الحرب على غزة، والمماطلة في قبول صفقة التبادل ومقترح البيت الأبيض لوقف إطلاق النار.
واستذكر ليس إعلان بايدن الذي أشار إلى أنه ينسحب من السباق الانتخابي ولكن ليس من الرئاسة، قائلا “قد يدفع هذا الإعلان نتنياهو إلى اتخاذ خط ونهج تصالحي تجاه بايدن، رغم توتر العلاقة بينهما، حيث من المتوقع أن يرافق الرئيس الأميركي وفريقه نتنياهو في إدارة الحرب على غزة للأشهر الستة المقبلة”.
وإلى جانب العلاقات الغامضة مع بايدن، تأتي الرحلة إلى واشنطن، كما يقول المحلل السياسي “على خلفية أزمات داخلية بإسرائيل وانتقادات من مسؤولين كبار في الأجهزة الأمنية الإسرائيلية وعائلات المختطفين، الذين يزعمون أن نتنياهو يعمل على إفشال المفاوضات من أجل إطلاق سراح المختطفين لدوافع سياسية شخصية”.
الصفقة المؤجلة
من جانبه، قال المتحدث باسم كتلة “السلام الآن” آدم كلير إن نتنياهو سيقابل في واشنطن بالمظاهرات الداعمة للفلسطينيين، حيث سيحتجون على نهج وممارسات إسرائيل في غزة ورفضها وقف الحرب، وكذلك بالمظاهرات لعائلات المحتجزين وعشرات الإسرائيليين الذين يعيشون في الولايات المتحدة، الذين سينددون بمحاولاته إفشال صفقة التبادل.
وأشار كلير، الناشط في الحراك الداعي لوقف الحرب وإطلاق سراح المختطفين، للجزيرة نت، إلى أن ممثلي عائلات المحتجزين الإسرائيليين سيتظاهرون إلى جانب نشطاء محليين بالقرب من الأماكن التي من المتوقع أن يقيم فيها نتنياهو، سواء قبالة البيت الأبيض، وخلال إلقاء الخطاب أمام الكونغرس، الأربعاء، حيث ستكون هناك مظاهرة مركزية مع متحدثين من الجالية اليهودية.
وبشأن مضمون الخطاب أمام الكونغرس، رجح كلير أن يخصص نتنياهو جزءا كبيرا منه للأحداث التي وقعت في “السابع من أكتوبر”. إلى جانب ذلك، التركيز على موضوع المحتجزين في غزة والصفقة المؤجلة، سعيا منه لإقناع مستمعيه برواية “النصر المطلق”.
مكانة نتنياهو
وبشأن الهدف والجدوى من خطاب نتنياهو أمام الكونغرس، يقول المحلل السياسي عكيفا إلدار إنه “يهدف إلى محاولة تعزيز صورة ومكانة نتنياهو المهتزة لدى الجمهور الإسرائيلي، فضلا عن مخاطبة قلوب صناع القرار في الإدارة الأميركية”.
وأوضح إلدار للجزيرة نت أن خطاب نتنياهو أمام الكونغرس، مثل الزيارة بأكملها، لن يثير اهتماما غير عادي لدى الجمهور الأميركي، الذي ينصب اهتمامه الآن بشكل رئيسي على الانتخابات والقضايا الداخلية.
لكن لا يستبعد المحلل السياسي إمكانية أن يثير خطاب نتنياهو جدلا، لافتا إلى أن بعض أعضاء الكونغرس الديمقراطيين أعلنوا أنهم سيقاطعونه، وحذّر آخرون أنهم سيعملون على تشويشه احتجاجا على الحرب.
وأشار إلى أن إحدى المخاوف الرئيسية المحيطة بنتنياهو هي أن الضيوف المدعوين من قبل أعضاء الكونغرس الديمقراطيين سيندمجون بالحشد، ويصرخون ويعطلون الخطاب.
خطاب الكونغرس
القراءة ذاتها استعرضها المراسل السياسي لصحيفة “يديعوت أحرونوت”، إيتمار آيخنر، الذي قدّر أن “الزلزال الذي سببه الرئيس الأميركي بانسحابه من السباق الانتخابي”، يجعل زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي للولايات المتحدة هامشية وذات تداعيات سلبية.
وأوضح المراسل السياسي أن انسحاب بايدن يجعل رحلة نتنياهو غير ضرورية، لأن رئيس الوزراء الإسرائيلي لن يثير اهتمام أحد في واشنطن، كما أن الاهتمام بخطابه في الكونغرس سينخفض بشكل كبير، وكان الأجدر به إلغاء الزيارة التي قد يكون لها نتائج عكسية.
ويعتقد آيخنر أن خطاب نتنياهو بالكونغرس موجّه بالأساس إلى قاعدته الشعبية في إسرائيل وليس للجمهور الأميركي، ومن هذا المنطلق يحتاج رئيس الوزراء إلى تصفيق حار من المشرعين الأميركيين من أجل استعادة مكانته والثقة أمام الإسرائيليين.
تصفية حسابات
ورجح المراسل السياسي أن الأزمات الداخلية بإسرائيل والمتعلقة بصفقة التبادل ووقف إطلاق النار سترافق نتنياهو خلال وجوده في واشنطن، وستكون حاضرة وبقوة في حال جمعته جلسة بالرئيس بايدن الذي سيواصل مساعيه لتحرير المحتجزين الإسرائيليين حتى لو كان ذلك على حساب المواجهة والصدام مع نتنياهو.
ويقول المراسل السياسي “قد نرى بايدن متحررا من الضغوط والقيود السياسية، ومصمما على ترك إرث دون التفكير في كيفية تأثير تصرفاته على الحملة الرئاسية. وفي مثل هذا الوضع قد يقوم أيضا بتصفية الحسابات مع نتنياهو، على غرار القرار الدراماتيكي الذي اتخذه باراك أوباما في نهاية ولايته بعدم استخدام حق النقض ضد قرار مجلس الأمن ضد المستوطنات”.
في مثل هذه الحالة، لا يستبعد المراسل السياسي إمكانية أن يزيد بايدن الضغط على نتنياهو لكي يكون مرنا في المفاوضات ويحاول فرض صفقة التبادل عليه. ويمكن لبايدن أيضا تشديد العقوبات ضد المستوطنين والمستوطنات وفرض عقوبات على الوزيرين إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش، وعدم منع إصدار مذكرات اعتقال بحق نتنياهو ويوآف غالانت في المحكمة الجنائية الدولية.