أمير إلى جيل مخرجي السينما المصرية الجديدة، التي ثارت في بداية الألفية الجديدة على مختلف الأشكال الفنية الموروثة منذ سبعينيات وثمانينيات القرن المنصرم.

ومكنت هذه الثورة السينما المصرية من تجاوز الجغرافية العربية، صوب مهرجانات عالمية عديدة حصلت منها على التقدير النقدي والجوائز معا.

 

تبرز أعمال أمير رمسيس في هذه الأجواء، لا سيما فيلمه الأخير “حظر تجول” (2020) الذي شارك في مهرجانات عربية كبرى وفاز بالعديد من الجوائز.

ويتميز الفيلم باحتوائه إمكانات فنية، سواء في المعالجة البصرية أو اختيار صور مبتكرة. ويبرز أمير رمسيس في فيلمه قوة الحدث في ذاكرة المجتمع المصري عبر إنتاج الصورة والعلامات والرموز داخل المشهد الواحد.

 

يتحدث المدير الجديد لمهرجان القاهرة السينمائي عما يمثله هذا الاختيار قائلا “يمثل هذا الاختيار شرفاً كبيراً. كبرت ونضجت سينمائيا متفرجاً على أفلام مهرجان القاهرة وأشعر الآن أنني في رحاب عمالقة تعلمت منهم هذا الفن وأتمنى أن أكون على قدر تلك المسؤولية”.

  • كيف يستطيع المخرج التوفيق بين ذكاء تنظيم وإدارة المهرجانات الفنية الكبرى، وبين رحابة الإبداع السينمائي الذي يتطلّب وقتا أكبر للتفكير والكتابة والتأمل؟

أظن أنها وصفة معقدة تحديدا في عالمنا العربي. في أميركا يتم إعداد الأفلام ووضع جدول دقيق يمتد لسنوات في حين أن صناعتنا غير منتظمة بالمرة. أظن أن العمل في المهرجانات يحتاج إلى شيء من التضحية بالوقت في سبيل الخروج بالمهرجان بأفضل صورة.

لم أكن لأنتظر 4 سنوات منذ آخر أفلامي، حتى “حظر تجول” لولا انخراطي في العمل بالمهرجانات. ولكن حين أرى على أرض الواقع نتيجة ما حققت أشعر أن الانتظار يستحق.

حظر تجول

  • حظي فيلمك الأخير “حظر تجول”(2020) باستقبال مميّز من لدن النقاد والعاملين بالصناعة السينمائية العربية. كيف تلقيت هذا الاحتفاء النقدي بالفيلم؟ وما دلالاته بالنسبة لتجربتك الفنية؟

أظن أنه لا يوجد سينمائي لا يشعر بالفخر والانتشاء من الاحتفاء بأعماله، خاصة في عمل مثل “حظر تجول”. كنت أدرك أنني أدخل في عش دبابير لحساسية موضوعه.

 

تلامس الفيلم مع النقاد والجماهير معا وهو شيء نادر، وإن حدث كما في تلك الحالة، فإنه يعطيني دفعة للمواصلة في العمل على ما أحب ونحو مزيد من الانتصار لخياراتي الشخصية حتى وإن كان غير مضمون التنفيذ أو النتائج.

مشهد من فيلم " حظر تجول"
مشهد من فيلم “حظر تجول” (مواقع التواصل الاجتماعي)
  • يتميز الفيلم بالاهتمام بالصورة بينما تعاملت مع النص بنوع من الغموض.. لماذا؟

الصورة هي شغلي الشاغل. لا أؤمن أن السينما لغة صورة فقط، بل هي ذلك المزج السحري بين الصورة والصوت وأظن أن شاعرية الحكي بالصورة هي جزء من هدف أي مخرج.

لا أرغب في أن أجعل المتفرج يشاهد العالم في أفلامي وإنما أرغب في أن أجعله يشاهد العالم كما أراه. ولهذا فالعمل الدؤوب على الصورة هو جزء من تلك المعادلة لخلق خصوصية عالمية.

  • إلى أي حد يمكن أن تصبح الكاميرا آلة فكرية تعمل على إدانة الواقع والكشف عن نتوءاته وخيباته؟

لا أظن أن الكاميرا تدين أو تكشف أو أن ذلك دورها. أؤمن أن الإطار الفيلمي أو الكادر هو نافذة وعلي كمخرج أن أفتح النافذة، بقدر ما أريد لمتفرجي أن يتأمل في ما يراه، لا أن أفرض عليه الواقع فرضا. فقط أفتح النافذة والمتفرج حر في أي مدى يقترب منها لكي يرى أكثر.

  • لماذا تبدو السينما المصرية الجديدة وكأنها سينما تظل دوما تهجس بآلام المجتمع المصري وتحولاته؟

أظن أن كل سينما هي وليدة هواجس مجتمع مخرجها. لا يمكن أن يصنع فيلما بمعزل عما يحيط به وحتى في الخيال العلمي.

الرقابة

  • كيف يُمكن للمخرج أن يفلت من سلطة الرقابة التي تخضعها الدولة على الفيلم “الواقعي”؟

أظن أن علاقتنا بالرقابة في عالمنا العربي قائمة على مزيج من المحاورة والتحايل. علينا أن نقبل أن هناك رقابة، وأن هناك رقابة مجتمعية أشد من الرسمية. وعلينا أن نعترك معهم بالطبع بعد هزيمة رقابتنا الذاتية على أنفسنا والأمر ليس سهلا.

مشهد من فيلم " حظر تجول"
مشهد من فيلم “حظر تجول” (مواقع التواصل الاجتماعي)

أما الإفلات من الرقابة، فلا أظن أن هناك فرقا بين فيلم واقعي أو خيالي فيها. الاثنان معرضان للأزمة نفسها مع الرقابة. ربما أفكر دائما في طرد الخوف في البداية من مرحلة الكتابة وفي طول النفس في النقاش.

  • ألا تعتقد أن هذه الرقابة، قد تكون عائقا أمام تطور السينما المصرية؟

الرقابة عائق بلا شك أمام أي إبداع في مصر أو في غيرها. ولكن الواقع الحالي مع تغير الزمن أثبت أن الرقابة ديناصور أخير محبوس في كهف. لأن الفضاءات أصبحت مفتوحة والعالم مفتوح للعرض والتصوير وما سيمنع في دولة سيسمح به في أخرى. وإن منع فيلمك من العرض في دولة فسيصل لها عبر المنصات أو من خلال الإنترنت عموما.

 

بلا شك نحن أمام عائق كبير. لكن الصراع اليوم أصبح أسهل وللمبدع أسلحة كثيرة لدحضه. هل يمكن أن نتحدث اليوم عن فيلم صور ومنع فلم يره الجمهور؟ أظن أن هذا مستحيل في يومنا هذا.

المصدر : الجزيرة

About Post Author

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *