متحف اللوفر الفرنسي يستعد لعرض صفحتين من مخطوطة "مصحف كاتا لانغر" الذي تحتفظ به أوزبكستان ويعد أحد أقدم محفوظاتها من مخطوطات القرآن (الأناضول)

متحف اللوفر الفرنسي يستعد لعرض صفحتين من مخطوطة "مصحف كاتا لانغر" الذي تحتفظ به أوزبكستان ويعد أحد أقدم محفوظاتها من مخطوطات القرآن (الأناضول)

يستعد متحف اللوفر الفرنسي لعرض صفحتين من واحدة من أقدم مخطوطات المصحف الشريف في العالم الإسلامي، يعرف باسم “مصحف كاتا لانغر”، لتنضم المخطوطة إلى مجموعة كبيرة من مخطوطات المصاحف القديمة المحفوظة في بلدان أوروبية أبرزها بريطانيا وفرنسا وألمانيا.

وتحتفظ أوزبكستان بمصحف كاتا لانغر الذي يعدّ أحد أقدم مخطوطات القرآن، ومن المرتقب أن يعرض في اللوفر تحت عنوان “كنوز واحات أوزبكستان عند مفترق طرق القوافل”.

 
باحثون من أوزبكستان يعملون على أجزاء من مخطوطة “مصحف كاتا لانغر” (الأناضول)

أصول أوزبكية في اللوفر

ويعرض المتحف الفرنسي في الفترة بين 24 نوفمبر/تشرين الثاني 2022 و6 مارس/آذار 2023 (168) أصلًا ثقافيا تاريخيًّا، بينها 137 للمتاحف الأوزبكية، و31 من المتاحف الرائدة في العالم، تتعلق بتاريخ أوزبكستان وثقافتها.

ومن بين الأصول التاريخية والثقافية لأوزبكستان التي ستُعرض، يبرز مصحف “كاتا لانغر” الذي يعود إلى القرن الثامن، ويعدّ من أثمن مخطوطات العالم التركي الإسلامي.

وفي حديث لوكالة “الأناضول”، قال رئيس الإدارة الدينية لمسلمي أوزبكستان نور الدين خالق نظروف، ومفتيها العام، إن “المصحف كتب على جلد حيوان في الربع الأخير من القرن الثامن، بالخط الكوفي بقياس 53 × 35 سم”.

وذكر أن الغلاف الجلدي يعود إلى القرن الـ14، وقد رُمّم في منتصف القرن الـ17.

مصحف كاتا لانغر الذي تحتفظ به أوزبكستان أحد أقدم مخطوطات القرآن (الأناضول)

صفحات موزّعة

ويضيف خالق نظروف “لا يعرف على وجه التحديد طريقة وزمن استقدام المصحف إلى آسيا الوسطى، حيث إن تاريخه في أوزبكستان لا يعرف عنه إلا آخر 100 عام. بعد الحفاظ عليه طوال سنوات عديدة في مسجد قرية كاتا لانغر بمنطقة قشقداريا بالبلاد، قُدّم هدية لمكتبة الإدارة الدينية عام 2003، حيث ما زال يحفظ حتى اليوم”.

 

ويضيف رئيس الإدارة الدينية لمسلمي أوزبكستان أن بلاده “تحتفظ بـ16 صفحة من نسخة المصحف، منها صفحة واحدة في مركز المخطوطات التابع لمعهد أوزبكستان للدراسات الشرقية، وصفحتان في مكتبة ولاية بُخارى، و13 صفحة في مكتبة الإدارة الدينية لمسلمي أوزبكستان”.

خالق نظروف: المخطوطة كتبت على جلد حيوان في الربع الأخير من القرن الثامن بالخط الكوفي بقياس 53 × 35 سم  (الأناضول)

ويلفت إلى أنه “تمّ حفظ 67 صفحة من المصحف في مسجد قرية كاتا لانغر، احتفظت بها سلطات الاتحاد السوفياتي عام 1984، وما زال مصير بقية صفحاته مجهولًا”.

ويشير نظروف إلى أن “معهد المخطوطات الشرقية التابع لأكاديمية العلوم الروسية في مدينة سان بطرسبورغ يحتفظ بـ81 صفحة من المصحف بعد أن اشتراه من امرأة مجهولة الهوية عام 1936”.

3 مراحل من الترميم

وأشار المفتي إلى أن مصحف “كاتا لانغر” رُمّم من قبل أشخاص مختلفين على مدى سنوات عدة، مبينا أنه مملوء بالزخارف، ورمّمت زوايا بعض الصفحات الممزقة بخط الرقعة، وأعيد ترقيم بعض آيات الصفحة المرمّمة.

وذكر أن أعمال الترميم نفذت على 3 مراحل، في الأعوام 2019 و2020 و2021، بمشاركة مرمّمي متحف اللوفر الفرنسي وخبراء أوزبكيين.

وأوضح خالق نظروف أن متحف اللوفر سيعرض صفحتين فقط من مصحف “كاتا لانغر”.

وختم بقوله “نظرًا للأهمية التاريخية للمصحف وقيمته في العالم الإسلامي، سيتم الحفاظ عليه لعدة قرون باعتباره الثروة الروحية لأوزبكستان والبشرية جمعاء”.

 

مخطوطات القرآن القديمة بأوروبا

وفي عام 2015، اكتُشفت واحدة من أقدم المخطوطات القرآنية في العالم في مكتبة جامعة برمنغهام البريطانية، وأحضر تلك المخطوطة إلى الجامعة هرمز منغنا الشهير بألفونس منغنا (1878-1937)، وهو قس كلداني ولد بالقرب من الموصل في العراق، وتم تمويل رحلته لجلب الوثائق لرفع مكانة برمنغهام كمركز ثقافي لدراسات الأديان.

وتضم تلك المخطوطة صفحتين من القرآن الكريم، من سورتي الكهف وطه، مكتوبتين بالخط الحجازي. استخدم الخبراء في علم المخطوطات لفحصها الفحص الإشعاعي بواسطة الكربون المشع، وتبيّن أن عمرها يبلغ نحو 1370 عامًا، واستنتج العلماء أن المخطوطة قد دوّنت في الفترة ما بين 568 و645 ميلادية.

ويقترب عمر تلك المخطوطة من عمر مخطوطات صنعاء، أقدم المخطوطات القرآنية الموجودة حاليا في اليمن واكتشفت عام 1972 خلال ترميم الجامع الكبير في صنعاء، وهي مكتوبة على رق. وقد ظهر أنها تعود إلى ما قبل عام 671 ميلادية، بدقة تقارب 99%، بعد فحصها باستخدام الكربون المشع، حسب تقرير سابق للجزيرة نت.

أما مخطوطات بيتروبوليتانوس الباريسية (Le Codex Parisino-petropolitanus) فقد احتُفظ بها في مكتبات متفرقة، الجزء الأكبر منها محفوظ في المكتبة الوطنية الفرنسية، وجزء في المكتبة الوطنية الروسية، وواحدة في مكتبة الفاتيكان. وهي مكتوبة على العُسُب وجريد النخل.

كانت تلك المجموعة موجودة في الأصل في مخزن المخطوطات القرآنية في مسجد عمرو بن العاص في الفسطاط بالقاهرة، ثم اشتراها المستشرق الفرنسي جان لويس إسلين دي شيرفيل (1772-1822) عندما شغل منصب القنصل الفرنسي في القاهرة خلال الفترة من 1806 إلى 1816.

مخطوطات بيتروبوليتانوس الباريسية كانت موجودة في مخزن المخطوطات القرآنية في مسجد عمرو بن العاص (ويكيميديا)

أما مخطوطات توبنغن فقد كُشف النقاب عنها في نوفمبر/تشرين الثاني 2014، حيث أعلنت جامعة توبنغن في ألمانيا أن جزأين من المصحف بحوزتها، وأنه قد تم تأريخهما باستخدام الكربون المشع (بدقة تقارب 95%) بالفترة ما بين 649 و675 ميلادية. الجزآن مكتوبان بالخط الحجازي، ومدوّن فيهما القرآن من الآية 36 من سورة طه إلى الآية 57 من سورة يس (وجزء من الآية 35 من سورة طه).

المصدر : الجزيرة + الأناضول

About Post Author