سيُطلب من التونسيين الموافقة على دستور يُنظر إليه على نطاق واسع على أنه اعتداء على الحقوق المدنية والسياسية، مما يمهد الطريق لرئاسة غير خاضعة للمساءلة.
بهذه المقدمة استهلت آية جراد، وهي باحثة وأستاذة مساعدة في الدراسات الأمنية والعدالة الاجتماعية في الجامعات التونسية، مقالها بموقع “ميدل إيست آي” (Middle East Eye) البريطاني مشيرة إلى أن التونسيين سيصوّتون بعد غد الاثنين في استفتاء وطني على مسودة دستور جديد يمنح الرئيس قيس سعيد سلطات مطلقة.
ولفتت الباحثة إلى أن مسودة الدستور سرعان ما أثارت غضب النخب التي انتقدت محاولتها إقامة نظام رئاسي فائق ترتكز صلاحياته في يد رجل واحد دون أي ضوابط وتوازنات مؤسسية. وبعد أيام أصدر سعيد مسودة منقحة “لتصحيح الأخطاء” في النص الأصلي.
وأردفت آية جراد بأنه على الرغم من تحسين النص المعدل إلى حد ما، بما في ذلك تخفيف اللغة حول القيود المفروضة على الحقوق والحريات، فإن المضمون هو نفسه إلى حد كبير حيث يقنن حكم الفرد الواحد.
وترى الباحثة أن مقدمة المسودة تستحضر دستور عام 1861، وهو نص وضعه الباي خلال الفترة الأولى من الملكية الدستورية في تونس، ولكن ليس دستور عام 1959 أو 2014، الذي جاء بعد نضالات شعبية. وتضيف أن مسودة الدستور الجديدة تؤيد الطابع الرمزي للرئيس على أنه لا يمثل “الشعب” فحسب، بل يجسدهم في الواقع.
مسودة الدستور الجديدة ستمكن رئيسا كلي القدرة وغير خاضع للمساءلة، بينما تضعف أيضا القضاء وتقيد الفروع الأخرى للدولة. وتسمح للرئيس بقضاء فترتين مدتهما 10 سنوات، يمكن تمديدهما في حالة وجود “خطر وشيك” غير محدد
وتابعت بأن مسودة الدستور الجديدة ستمكن رئيسا كلي القدرة وغير خاضع للمساءلة، بينما تضعف أيضا القضاء وتقيد الفروع الأخرى للدولة. وتسمح للرئيس بقضاء فترتين مدتهما 10 سنوات، يمكن تمديدهما في حالة وجود “خطر وشيك” غير محدد.
وبالإضافة إلى ذلك، يبدو أن إنشاء مؤسسة جديدة تسمى “جمعية الأقاليم والمقاطعات” قد تم على عجل، دون الاهتمام بالتفاصيل، لأن النص لا يحدد بوضوح صلاحياتها أو علاقتها بمجلس نواب الشعب.
وقالت آية جراد إن حالة عدم اليقين هذه تتفاقم بسبب حقيقة أنه بعد 7 أشهر من الإعلان في أواخر العام الماضي عن خريطة طريق للانتخابات البرلمانية في 17 ديسمبر/كانون الأول، لم يكن هناك مرسوم لتحديد هذا التاريخ رسميا. كما أن مسودة الدستور لا تتضمن موعدا للانتخابات، وهو ما يمهد الطريق لاستمرار حالة الاستثناء الحالية إلى أجل غير مسمى.
وأضافت أن مسودة الدستور تقدم أيضا تدابير تسمح باستدعاء الممثلين السياسيين، والتي يمكن أن تتحول في سياق التوترات المجتمعية والسياسية المتزايدة إلى أداة للانتقام أو الابتزاز.
ولفتت الباحثة إلى أنه لا مسودة الدستور ولا الرئيس نفسه تطرق إلى السؤال: ماذا سيحدث إذا رُفض المشروع في الاستفتاء المقبل؟!
وختمت مقالها بالإشارة إلى وجود عدة فرضيات، بما في ذلك رئاسة مؤقتة من قبل رئيسة الوزراء نجلاء بودن وإجراء انتخابات رئاسية مبكرة، أو استفتاء جديد على مشروع وافق عليه صادق بلعيد رئيس لجنة صياغة الدستور.