نشر موقع “كاونتر بانش” (Counterpunch) الأميركي مقالا ينتقد بشدة المعايير المزدوجة التي تتعامل بها أجهزة إنفاذ القانون ووسائل الإعلام مع المجموعات الدينية المختلفة في الولايات المتحدة.
ففي حين ترى تلك الأجهزة الاستخباراتية والوسائط الإعلامية أن التجسس على المسلمين أمر حميد ومقبول، تجده تصرفا سيئا مرفوضا إذا طال المسيحيين، وفق المقال.
وأفاد المقال أن مكتب التحقيقات الفدرالي “إف بي آي” (FBI) تبرأ من وثيقة تظهر أن فرعه في مدينة ريتشموند في ولاية فرجينيا فتح تحقيقا حول أنصار الكاثوليك “التقليديين الراديكاليين” وعلاقاتهم المحتملة بــ”الحركة القومية البيضاء اليمينية المتطرفة”.
وعزا المكتب تراجعه عن الوثيقة إلى أنها “لا تلبي معاييرنا الصارمة”. وأورد الصحفي الأميركي آري بول في مقاله بالموقع أمثلة على تناول السلطات ووسائل الإعلام -لا سيما ذات الميول اليمينية المحافظة- مجموعات الكاثوليك الراديكالية التقليدية.
وبينما وصفت مجلة “ناشونال ريفيو” (The National Review) وثيقة مكتب التحقيقات بأنها افتراء، رأت فيها شبكة “فوكس نيوز” الإخبارية دليلا على اضطهاد الحكومة الاتحادية للمحافظين، وعدَّها المذيع بالقناة نفسها، تاكر كارلسون، “مدخلا” للهجوم على المسيحيين عموما.
ووفقا للمقال، فإن وثيقة مكتب التحقيقات الفدرالي مرتبطة بـ”مركز قانون الفقر الجنوبي” (SPLC)، الذي حدد العديد من مجموعات الكراهية الكاثوليكية التقليدية الراديكالية، للتفريق بين أتباع الأيديولوجية المتطرفة من الكاثوليك التقليديين الراديكاليين “الذين يستهدفون اليهود بصفتهم العدو الدائم للمسيح”، وبين المجتمع الأكبر من الكاثوليك المتدينين.
وأشار إلى أن مقدم البرامج الإذاعية الحوارية الشهير، هيو هيويت، وصف أنصار جماعة الكاثوليكية التقليدية المتطرفة، بأنهم “أناس طيبون وكريمون ومخلصون يأخذون واجباتهم على محمل الجد”. وأضاف أن مكتب التحقيقات الفدرالي “يبدو عازما على مطاردة الأشخاص غير المؤذيين، إذا كانوا محافظين”.
ودعا هيويت مدير مكتب التحقيقات الفدرالي كريستوفر راي إلى التعامل بشدة مع من سماهم “المتطرفين الأيديولوجيين والحزبيين السياسيين” العاملين داخل المكتب ممن قادوا التهمة ضد الكاثوليك التقليديين.
وأوضح آري بول في مقاله أن المشكلة تكمن في أن العديد من وسائل الإعلام اليمينية التي تنتقد المذكرة هي نفسها التي أيدت ما تقوم به أجهزة إنفاذ القانون من رقابة واسعة النطاق على المجتمعات المسلمة. ونقل عن مجلة “ناشونال ريفيو” القول إن “مراقبة المجتمعات المسلمة لا غنى عنها لدحر الإرهاب”. كما احتفت المجلة بقطع مكتب التحقيقات علاقاته مع “مجلس العلاقات الأميركية الإسلامية” (CAIR).
وتطرق الكاتب إلى إشادة هيئة تحرير صحيفة “نيويورك بوست” (New York Post) بعمدة مدينة نيويورك السابق مايكل بلومبيرغ، لوصفه مراقبة الشرطة لأنشطة المسلمين بأنها “مدعاة للفخر”.
ولفت إلى أن وكالة “أسوشيتد برس” (Associated Press) الأميركية للأنباء فازت بجائزة بوليتزر عن سلسلتها التي توثق عمليات تجسس شرطة نيويورك، والتي وصفتها هيئة تحرير صحيفة نيويورك تايمز بأنها “برنامج لا يمكن الدفاع عنه” للتجسس على المسلمين الملتزمين بالقانون. لكن اليمين المتطرف رأى خلاف ذلك.
وأشار الكاتب إلى أنه لا يوجد دليل على أن وثيقة مكتب التحقيقات الفدرالي المتعلقة بالكاثوليك التقليديين المتطرفين أدت إلى تجسس واسع النطاق عليهم مثلما حدث للمسلمين في عهد بلومبيرغ عمدة نيويورك.
ومع ذلك، فإن وسائل الإعلام المحافظة تتعامل مع هذه الأمور بشكل مختلف تماما، على حد تعبير المقال الذي يؤكد كاتبه أن مكتب التحقيقات سرعان ما نأى بنفسه عن الوثيقة المتعلقة بالكاثوليك، بينما لم ينجم عن تجسس أجهزة إنفاذ القانون على المسلمين سوى سجالات قضائية وسياسية مطولة.
ويشير الكاتب إلى أن ما حدث في 11 سبتمبر/أيلول 2001 لم يكن أسوأ هجوم “إرهابي” تتعرض له الأراضي الأميركية، بل هو الهجوم الذي تعرضت له مدينة أوكلاهوما والذي نفذه القومي المسيحي الأبيض، تيموثي ماكفي، الذي لا يزال حتى اليوم وثيق الصلة بالمتطرفين.
ويخلص المقال إلى أن المعايير المزدوجة لوسائل الإعلام اليمينية تجعل الدين المسيحي عنصرا مقدسا والدين الإسلامي عنصرا مشبوها. فالكاثوليك المتدينون -لا سيما الذين يعارضون بشدة الإجهاض وحقوق مجتمع الميم- هم بنظر تلك الوسائل جزء أساسي من الثقافة الأميركية المحافظة.